مصر المريضة !
تعيش مصر فترة حرجة جدًّا من تاريخها السياسى والاجتماعى، بعد ثورة أذهلت العالم بسلميتها ورقيها وتحضرها، وتحولها لـ "بانوراما" سياسية اجتماعية، توجت برحيل نظام أجمع المصريون على فساده، وأتت بنظام جديد يحكم مصر الآن عبر انتخابات بنسبة كبيرة نزيهة، رغم ما لها وما عليها، ولكن الأهم أن هذه الثورة أتت برئيس جديد.
ولكن هل تغيرت الحالة المصرية، وهل قدم الرئيس جديدًا، وهل تتقدم البلد نحو الأمام وتتحقق بوادر نهضة، أو تنمية أو على الأقل بعض من الشعارات والأهداف، التى خرجت من أجلها جموع الشعب المصرى ثائرة؟
فى الحقيقة لا، بكل المقاييس الحياة فى مصر ضبابية جدًّا، غير واضحة المعالم، إلا فقط من خلال إشارات تدل على وجود خط كبير يهدد هذا الوطن، ويشكك فى تماسكه ووحدته، حتى شعرنا أن مصر أصبحت مريضة جدًّا، وحان وقت نقلها لغرفة الإنعاش لإنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل فوات الأوان، وقبل أن تسقط من أيدينا ونندم أننا دمرناها وقسمناها، وجعلناها مجرد ذكريات كنا نحلم بها، وجعلتها فئة أو جماعة كابوسًا، الكل يفر منه بحثًا عن طوق نجاة نحو المستقبل .
المشهد السياسى المصرى يعكس حالة مرضية، أصابها داء الأنانية والتعصب، والرغبة فى التملك وعدم العمل الجماعى، وهاهى الأحزاب المصرية جميعها لا نراها تجتمع على شىء سوى مصالحها، ومطالب الشعب ومصالحه هى مجرد شماعة وعبارات رنانة تقال من أجل مزيد من الشعبية، أو تحقيق هدف معين، وهو ما أفقد عددًا كبيرًا من الشعب ثقته فى هؤلاء السياسيين، فالشارع يحترق اقتصاديًّا، وهم يتصارعون سياسيًّا من أجل لعبة الكراسى والبحث عن المناصب، وهو ما أدى لتراجعهم جميعًا شعبيًّا .
ودليلى على ذلك شىء هام، وهو أن مصر بها حوالى 70 حزبًا، ما بين قديم وجديد، وعدد المشتركين بتلك الأحزاب لايتجاوز المليون ونصف، تخيل نسبتهم من عدد سكان مصر لتعرف هل المصريون يثقون فى الأحزاب السياسية أم لا، والأهم من ذلك هل تتعلم تلك الأحزاب الدرس وتسعى للشارع، أم تظل بغبائها السياسى ما بين مغرور يشعر أنه الأقوى جماهيريًّا، ومابين المهووس بشعاراته، فهو المثقف العالم الفاهم، وكلهم فى النهاية طلاب سلطة، ولاعزاء للمصريين وأحلامهم وطموحاتهم .
المشهد الاجتماعى المصرى يشهد حالة انقسام غير طبيعية، لم نسمع عنها من قبل، حتى فى أحلك فترات التاريخ المصرى، فالشعب الآن يعيش حالة انقسام شديد وعزلة وفقدان ثقة فى الكثيرين من حوله، ودليلى على ذلك بعد الثورة تعددت الجماعات الدينية والسياسية فى الشارع وأصبح داخل الدين الإسلامى نفسه تحزبات، ففريق إخوانى وآخر سلفى وآخر جماعة إسلامية وآخر يدعى الإسلام الوسطى، وجميعهم يرى نفسه هو الذى يطبق الإسلام ويعبر عنه .
وللأسف بعضهم يشوه الإسلام بسذاجته وطموحه السياسى، وحتى بين المسلمين والأقباط هناك من يريدون زيادة مساحة الاختلاف والكراهية، وتتصاعد التصريحات التحريضية من هنا وهناك، ومصر فى كل الحالات تتمزق وتنقسم، وسيخسر الجميع.
المشهد السياسى المصرى يعكس حالة مرضية، أصابها داء الأنانية والتعصب، والرغبة فى التملك وعدم العمل الجماعى، وهاهى الأحزاب المصرية جميعها لا نراها تجتمع على شىء سوى مصالحها، ومطالب الشعب ومصالحه هى مجرد شماعة وعبارات رنانة تقال من أجل مزيد من الشعبية، أو تحقيق هدف معين، وهو ما أفقد عددًا كبيرًا من الشعب ثقته فى هؤلاء السياسيين، فالشارع يحترق اقتصاديًّا، وهم يتصارعون سياسيًّا من أجل لعبة الكراسى والبحث عن المناصب، وهو ما أدى لتراجعهم جميعًا شعبيًّا .
ودليلى على ذلك شىء هام، وهو أن مصر بها حوالى 70 حزبًا، ما بين قديم وجديد، وعدد المشتركين بتلك الأحزاب لايتجاوز المليون ونصف، تخيل نسبتهم من عدد سكان مصر لتعرف هل المصريون يثقون فى الأحزاب السياسية أم لا، والأهم من ذلك هل تتعلم تلك الأحزاب الدرس وتسعى للشارع، أم تظل بغبائها السياسى ما بين مغرور يشعر أنه الأقوى جماهيريًّا، ومابين المهووس بشعاراته، فهو المثقف العالم الفاهم، وكلهم فى النهاية طلاب سلطة، ولاعزاء للمصريين وأحلامهم وطموحاتهم .
المشهد الاجتماعى المصرى يشهد حالة انقسام غير طبيعية، لم نسمع عنها من قبل، حتى فى أحلك فترات التاريخ المصرى، فالشعب الآن يعيش حالة انقسام شديد وعزلة وفقدان ثقة فى الكثيرين من حوله، ودليلى على ذلك بعد الثورة تعددت الجماعات الدينية والسياسية فى الشارع وأصبح داخل الدين الإسلامى نفسه تحزبات، ففريق إخوانى وآخر سلفى وآخر جماعة إسلامية وآخر يدعى الإسلام الوسطى، وجميعهم يرى نفسه هو الذى يطبق الإسلام ويعبر عنه .
وللأسف بعضهم يشوه الإسلام بسذاجته وطموحه السياسى، وحتى بين المسلمين والأقباط هناك من يريدون زيادة مساحة الاختلاف والكراهية، وتتصاعد التصريحات التحريضية من هنا وهناك، ومصر فى كل الحالات تتمزق وتنقسم، وسيخسر الجميع.
والأهم من ذلك والأخطر هو زيادة معدلات عدم ثقة المصريين فى بعضهم بشكل كبير، بعد رؤيتهم "أن المصلحة هى الحل"، أصبح شعار عدد كبير ممن باعوا ضمائرهم سعيًا للسلطة .
المشهد الاقتصادى فى مصر مضطرب لحد ما، ولكنه ليس منهار كما يروجون، فمن رحمة الله أن هذا الوطن يمتلك عدة عوامل للدخل القومى، ولكنها تعانى بعضًا من التراجع وبطء النمو بسبب الأوضاع السياسية والغياب الأمنى، وعدم وضوح رؤية النظام الجديد الاقتصادية، ما أدى لارتفاع أسعار السلع والأدوية وزيادة أعداد البطالة، وتعرض السياحة لكساد كبير، وقلق كبار المستثمرين العرب من ضخ استثمارات جديدة، خوفًا من تردى الأوضاع.
المشهد الاقتصادى فى مصر مضطرب لحد ما، ولكنه ليس منهار كما يروجون، فمن رحمة الله أن هذا الوطن يمتلك عدة عوامل للدخل القومى، ولكنها تعانى بعضًا من التراجع وبطء النمو بسبب الأوضاع السياسية والغياب الأمنى، وعدم وضوح رؤية النظام الجديد الاقتصادية، ما أدى لارتفاع أسعار السلع والأدوية وزيادة أعداد البطالة، وتعرض السياحة لكساد كبير، وقلق كبار المستثمرين العرب من ضخ استثمارات جديدة، خوفًا من تردى الأوضاع.
والأهم من ذلك هو تصفية الحسابات الواضحة بين رجال أعمال النظام القديم والجديد، وفى النهاية من يدفع الثمن هو المواطن البسيط الفقير، الذى كاد أن ينفجر من غلاء الحياة .
المشهد الإعلامى المصرى يعكس حاله الوطن بكل مصداقية، فهو فى حالة تخبط شديد، وعدم مصداقية الجميع يزيد ويبرر ويشعل المواقف تعقيدًا حسب مصلحته، فمؤيدو الرئيس يدافعون عنه على طول الخط، وبعضهم يصفه بصفات الأنبياء، وإعلام المعارضة يرى أنه فاشل سياسيًّا، ويسعى لتمكين جماعته من حكم مصر، وغير مؤهل لقيادة دولة بحجم مصر، وفى النهاية توجد بعض الصحف والفضائيات التى تحاول نقل الحقيقة بكل مصداقية، ولكن السؤال الأهم من يصدق المواطن، الحقيقة من خلال الإعلام أم من خلال رؤيته وحياته اليومية .
وطن بكل هذا الكم من الأمراض يعيش أزمة كبرى، والسبب هو غياب الإرادة الحقيقية فى مكافحة الفساد، ففى بعض الأحيان الفساد شماعتهم لتبرير فشلهم فى إدارة البلاد، وإقصائهم للجميع، وتخوينهم من ليس معهم، فهل تصمد مصر وسط كل هذه الأمراض، وتخرج كعادتها منتصرة تسحقهم جميعًا عبر شبابها الحقيقيين، الذين ثاروا ضد نظام مبارك، لأنه سلبهم الحياة وأعطاهم الفقر والبطالة والمرض، والآن هم خارج المشهد تمامًا، فهل يمنح الشباب المصرى وطنه قبلة الحياة مرة أخرى .
dreemstars@gmail.com
المشهد الإعلامى المصرى يعكس حاله الوطن بكل مصداقية، فهو فى حالة تخبط شديد، وعدم مصداقية الجميع يزيد ويبرر ويشعل المواقف تعقيدًا حسب مصلحته، فمؤيدو الرئيس يدافعون عنه على طول الخط، وبعضهم يصفه بصفات الأنبياء، وإعلام المعارضة يرى أنه فاشل سياسيًّا، ويسعى لتمكين جماعته من حكم مصر، وغير مؤهل لقيادة دولة بحجم مصر، وفى النهاية توجد بعض الصحف والفضائيات التى تحاول نقل الحقيقة بكل مصداقية، ولكن السؤال الأهم من يصدق المواطن، الحقيقة من خلال الإعلام أم من خلال رؤيته وحياته اليومية .
وطن بكل هذا الكم من الأمراض يعيش أزمة كبرى، والسبب هو غياب الإرادة الحقيقية فى مكافحة الفساد، ففى بعض الأحيان الفساد شماعتهم لتبرير فشلهم فى إدارة البلاد، وإقصائهم للجميع، وتخوينهم من ليس معهم، فهل تصمد مصر وسط كل هذه الأمراض، وتخرج كعادتها منتصرة تسحقهم جميعًا عبر شبابها الحقيقيين، الذين ثاروا ضد نظام مبارك، لأنه سلبهم الحياة وأعطاهم الفقر والبطالة والمرض، والآن هم خارج المشهد تمامًا، فهل يمنح الشباب المصرى وطنه قبلة الحياة مرة أخرى .
dreemstars@gmail.com