الشيخ محمود الطوخي: أول تلاوة قرآنية في حياتي كانت أمام مبارك
- أنس الفقى طلب منى قراءة «إنا فتحنا...» أمام الرئيس
أجرى الحوار: محمد فودة - محمد أبو الجود
عدسة: أحمد خالد
يعتبر الشيخ محمود الطوخي، القارئ بالإذاعة والتليفزيون وقارئ السورة بمسجد النور بالعباسية، نفسه امتدادًا لجيل العظماء من قراء القرآن الكريم.
"فيتو" التقت الشيخ الطوخي، وغاصت في ذكرياته مع أول تلاوة قرأها أمام الرئيس الأسبق حسني مبارك، بترشيح من وزير الداخلية "آنذاك" حبيب العادلي.. ووقتها طلب وزير الإعلام أنس الفقي منه تلاوة آيات من سورة "الفتح"، ويصف الشيخ قراء القرآن الكريم والمبتهلين والعلماء والأئمة بأنهم القوة الناعمة التي من شأنها أن تذيب أي خلاف سياسي، ودعا الشيخ الطوخي، في حواره مع "فيتو"، وزير الأوقاف إلى الاهتمام بهم، بصورة أكبر.. وإلى نص الحوار:
* احكِ لنا عن أول تلاوة قرآنية في حياتك.
- عندما أجلس على "دكة" التلاوة في التليفزيون، أو في أمسية دينية "مبيهمنيش مين اللى قاعد"، وأول تلاوة قرآنية قرأتها أذيعت في الإذاعة والتليفزيون لي كانت أمام الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك في افتتاح أكاديمية مبارك للأمن في التجمع الأول عام 2007.
* من الذي اكتشفك وقدمك للرئيس مبارك؟
- كنت قارئًا للسورة في جامع الفتح برمسيس، وفي أثناء مرور الإعلامي محمود سعد بجوار المسجد سمع أذان الشيخ محمد رفعت، الذي اشتُهرتُ به، الأمر الذي نال إعجابه، فسأل المصلين عن صاحب الصوت فأخبروه، وحصل على رقم هاتفي، وبعدها فوجئت بمعد برنامج "البيت بيتك" الذي كان يذاع على التليفزيون المصري آنذاك يتصل بى هاتفيًا يوم 19 يناير 2007 يطلب منى المشاركة في حلقة خاصة لإحياء ذكرى المولد النبوي الشريف في مسجد سيدنا الحسين، وكان موجودًا في الحلقة المؤرخ الراحل جمال الغيطاني، والشيخ محمود طنطاوي، نجل شيخ الأزهر الراحل محمد سيد طنطاوي، والشيخ علاء حسانين حفيد الشيخ مصطفى إسماعيل، وهشام عبد الباسط عبد الصمد، وكنا في هذه الحلقة نمثل 4 مدارس قرآنية مختلفة.
خلال الحلقة لم يصدق جمال الغيطاني، أذنيه عندما سمع أذان الشيخ محمد رفعت من مقام الرست بصوتي، معربًا عن اندهاشه وعدم تصديقه لصوتي الذي أضفت عليه روحانيات مسجد سيدنا الحسين جمالًا فوق جماله، ووعد بضمي لفريق التلاوة بالإذاعة.
وعقب انتهاء الحلقة تلقيت كمًّا هائلًا من المكالمات التليفونية من مصر والإمارات وأمريكا وعدد من البلدان، ووجدت رقمًا خاصًّا يتصل بي، وكان اللواء حمدي عبد الكريم، مساعد وزير الداخلية للإعلام والعلاقات العامة، وأخبرني أن وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي، تابع حلقة البرنامج، وأبدى سعادته بصوتي، وطلب مني الذهاب للوزارة لمقابلة الوزير، وكنت في أول الأمر مندهشًا وخائفًا للغاية.. وعندما ذهبت استُقْبلتُ استقبال الأبطال، وأخبرني الوزير بأنني سأقرأ أمام الرئيس، وسألني: هل ستخاف يا شيخ محمود؟.. فقلت له: لن أخاف.. ومن يغني لا يخاف، فما بالك بمن يقرأ كلام الله؟!
وذهبت يومين لقاعة حفل الافتتاح بأكاديمية مبارك للأمن بالتجمع، وذلك لتجربة الصوت، وكانت لي تلاوة رائعة وقرأت في الحفل من سورة: "إنَّا فتحنا لك فتحا مبينا"، في يوم الخميس 24 يناير 2007، بصوت الشيخ محمد رفعت، بطلب من وزير الإعلام آنذاك أنس الفقي، الذي قال لى: "إحنا عايزينك تقرأ زي "البيت بيتك" لأن ده عجب الرئيس مبارك ووزير الداخلية".. ربنا فتح عليَّ، وكانت أول قراءة لي في الإذاعة والتليفزيون أمام حشد من قيادات الدولة في حضور الرئيس مبارك، والشيخ محمد سيد طنطاوي والبابا شنودة.
* عندما استقبلك وزير الداخلية حبيب العادلي ماذا قال لك؟
- قال لي أنت صوتك حلو ما شاء الله.. وذهبت بعدها إلى أكاديمية مبارك للأمن، وقيل لي "أنت أفضل واحد تشوف دايرة الصوت علشان الرئيس هيتكلم فيها"، وذهبت يومين للبروفات مع أسر الشهداء.
* وما الذي حدث بعدما قرأت أمام الرئيس؟
- جاءني تليفون ثانٍ من وزارة الداخلية وقال لي من يحدثني: "يا شيخ محمود، تعالى تاني لوزارة الداخلية بسرعة عشان عاوزينك".. وذهبت في تلك المرة للواء حمدي عبد الكريم، وقال لي: ستقرأ غدا في احتفالية عيد الشرطة 25 يناير بمسجد الدراسة، فقلت له: لكني غير معتمد في الإذاعة.. فقال: لا تقلق وزير الداخلية سيبلغ وزير الإعلام بإدراجك في الإذاعة.
* من هنأك من القراء في ذلك الوقت؟
- اتصل بي الشيخ محمود الخشت والشيخ عبد الفتاح الطاروطي وهنآني وكانت مكالمات الجمهور كبيرة جدا وسافرت أمريكا بعد ذلك لفترة معينة بعد أن وقف بعض أعضاء نقابة القراء لي بالمرصاد لمنعي من دخول الإذاعة والتليفزيون.
* ماذا عن زياراتك لتركيا؟
- أنا أحترم وجهة نظر بلدي السياسية.. وتأتيني العديد من الدعوات منذ رمضان الماضي، ولكني أرفض تجاوزات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وحكومته ضد مصر، ورفضت 50 دعوة من تركيا على الرغم من أن شهرتي فيها تتجاوز مصر لأني قرأت فيها أكثر من 200 مرة ولم أسافر في العام الماضي نظرا للخلاف السياسي.. والشعب التركي طيب وعظيم ومحب لمصر وشعبها، ولكنني قررت رفض كل الدعوات من أنقرة حتى إشعار آخر، فأنا أحترم وجهة نظر بلدي السياسية تماما.
* ألا ترى أن رفض الدعوات ومقاطعة القراء وعلماء الأزهر لتركيا يؤثر سلبًا على صورة مصر؟
- أرى أن رفض الدعوات سلاح ذو حدين، فالأتراك يحبون القارئ المصري جدًا ويحيطونه بالاستماع والاحترام بشكل فوق الخيال، وعدم ذهابنا فتح المجال لشعوب أخرى ليحلوا مكاننا مثل سوريا ولكن في الابتهالات فقط لأن مصر لا يضاهيها فن في عالم التلاوة؛ وكان الأتراك يجعلونني في أي مناسبة آخر واحد، ويقدمون التونسي والتركي قبلي وعندنا سألتهم: أليس القارئ المصري أفضل واحد في العالم، فكان جوابهم نعم.. ولهذا نجعلك آخر واحد لأنك لو قرأت أولا كل الناس سيذهبون مثلما هو الحال في حفلات كوكب الشرق أم كلثوم كانت هي من تختم الحفل.
* حدثنا عن ذكرياتك مع شهر رمضان.
- أعيش على روحانيات رمضان لأني تربيت في بيت كله قرآن وكان والدي قد توفى وعمري سنة واحدة، وكانت أمي هي التي تعاهدتنا بعد ذلك وبقيت لخدمتنا، وكان لدينا راديو كبير موجود على رف ويشتغل على إذاعة القرآن الكريم باستمرار، ولم يكن يجرؤ أحد على تغيير مؤشر الراديو وتربينا على ذلك حتى أحببت القرآن، وسافرت لمعظم دول العالم قارئا ولم أجد أجواء تشبه شهر رمضان في روحانياته، ففي مصر توجد إذاعة القرآن الكريم التي تختم القرآن باستمرار وتأتي بالابتهالات وتعقد حفلات خاصة بصلاة الفجر وتوجد مراسم احتفال لصلاة الجمعة وهو غير موجود في معظم الدول الإسلامية.
* متى تم اعتمادك بشكل رسمي في الإذاعة؟
- دخلت اختبارات الصوت والقرآن في 2013 لكن تم اعتمادي بشكل رسمي في نهاية 2015 لأنه يتم اختبار الصوت في البداية وبعد تجاوز الصوت سألوني: هل أنت جاهز للقرآن قلت لهم: نعم، فقالوا تفضل، وأجبت على الأسئلة والحمد لله نجحت وسجلت بعدها.
* ما قصتك مع الأذان الموحد التي تم تعميمها في مساجد الأوقاف؟
- كان لي في جامع الفتح في رمسيس 4 أذانات، وكنت أقول لنفسي يجب أن يكون كل أذان له طريقة خاصة وفي أحد الأيام وأنا أجلس بمفردي جربت الأذان بصوت الشيخ محمد رفعت، وبالفعل سمعت الأذان أكثر من مرة وقلدت نفس الأذان بالضبط وقلت سأطبقه في مسجد الفتح، وكان الدكتور محمود زقزوق وزير الأوقاف الأسبق يأتي لتسجيل حلقات في التليفزيون بحضور محمد عبد العظيم مدير الحلقات الدينية بالتليفزيون ودخل في ذلك التوقيت أذان العصر ولم يصبر المصلون على البرنامج الذي كان يسجل لوزير الأوقاف وبالفعل رفعت الأذان في وقته والجميع انبهر بصوتي، وطلب الوزير أن أكون موجودًا في جميع السفريات التي يخرج فيها التليفزيون، وقرر بعدها تطبيق الأذان الموحد وأنا الذي كنت أطبقة في محافظات القاهرة والجيزة في ذلك التوقيت لأنني كنت أقلد الشيخ محمد رفعت بالضبط، وتم التعاقد بعدها إلى الشركة العربية للتصنيع من أجل تجربة قوة صوتي والاستعانة بزملاء آخرين للأذان في حالة مرضي وكان معي الشيخ عبد الناصر حرك والشيخ رفيق النكلاوي، والشيخ على الزاوي وكان ابن بلد وطيب وكان أيضا الشيخ محمد سلطان والجميع خضع للاختبارات ما عدا أنا.
* كيف استقبلت فكرة الأذان الموحد في ذلك التوقيت؟
- حصل اعتراض كبير ممن يسمون أنفسهم السلفيين – أستغفر الله – أو من يطلقون على أنفسهم ذلك لأن كل المسلمين سلفيون صالحون، واتضح أن هناك جانبًا آخر أشاد بها ونجحت الفكرة وطبقت من 2008 وحتى وقت الثورة كنت أخرج من بيتي في شبرا الخيمة إلى إذاعة ماسبيرو، في عز الثورة والخطر، وما كان يحدث من البلطجية إلى أن قام بعض المخربين بسرقة بعض أجهزة الإرسال والاستقبال التي كانت في المساجد وتوقفت بعد الظروف التي حدثت.
* هل تعتقد أن الدكتور أحمد نعينع ما زال يسيطر على القراءة أمام الرئيس؟
- الدكتور أحمد نعينع، أستاذنا ومعلمنا ولكن لي وجهة نظر في ذلك الموضوع فالرئيس عبد الفتاح السيسي أو أي رئيس لا يختار قارئا وإنما مَنْ يختار هم السكرتارية فجميع القراء سواسية لكن أنا أسأل لماذا لا تُعطى الفرصة لجميع القراء فلا يوجد شيء اسمه قارئ رئيس، إنما هو قارئ قرآن.
وأناشد وزير الأوقاف تسليط الضوء على القراء والمبتهلين والعلماء والأئمة بشكل أوسع لكونهم القوة الناعمة لمصر التي تدغدغ أي خلاف سياسي، القارئ أو المبتهل أو العالم المصري عندما يسافر إلى باكستان أو إندونيسيا أو ماليزيا أو تركيا أو أمريكا يتم استقباله بترحيب وحفاوة غير عادية، نظرًا لتقديرهم للعلماء المصريين، ويتم عرض حديثه أو تلاوته على جميع القنوات والشاشات التلفزيونية.
الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو"..