رئيس التحرير
عصام كامل

المنافذ الأثرية بلا درع ولا سيف.. تهريب تابوت أثري إلى الكويت.. ضبط حاويات دبلوماسية تحتوي على تماثيل فرعونية بإيطاليا.. الراوي: تفتيش 10% فقط من الطرود.. والحقائب الدبلوماسية كلمة السر

فيتو

42 منفذا أثريا بالمطارات والموانئ المصرية، يعمل بها نحو 250 مفتشا لفحص الشحنات والطرود وحقائب المسافرين، التي تشك سلطات الجمارك والموانئ الجوية والبرية بأنها تحتوى على قطع أثرية، وذلك وفقا للمادة 50 من قانون حماية الآثار، وهذا ما يجعل تلك المنافذ بلا درع ولا سيف "لا بتهش ولا بتنش" وهذا ما أثبتته الأيام والشهور القليلة الماضية التي طالعتنا فيها الصحف الأجنبية والعربية بتهريب تابوت أثري إلى الكويت داخل كنبة، وكذلك إعلان شرطة مدينة نابولي بإيطاليا ضبط حاويات تحتوي على قطع أثرية تنتمي لحضارات متعددة، من بينها قطع أثرية تنتمي للحضارة المصرية القديمة.


 الكثيرون تحدثوا خلال السنوات الماضية عن مساهمة واستغلال بعض السفارات الأجنبية الحقائب الدبلوماسية في تهريب الآثار وحضارة مصر للخارج، ولكن في كل مرة كانت وزارة الآثار تنفي ذلك، وتؤكد عدم حقيقة الأمر، وهو ما أثبتت الأيام عدم صدقه هذه ، حتى الدراما تناولت هذا الموضوع في بعض مسلسلات رمضان المعروضة حاليا.

وكثيرا ما تشير أصابع الاتهام إلى الحقائب الدبلوماسية، وتكون بطل تهريب الآثار إلى الخارج، وذلك لعدم خضوع تلك الحقائب إلى التفتيش في المطارات والموانئ قبل سفرها للخارج، والعديد من خبراء الآثار يتهمون السفارات الأجنبية بالقاهرة بتهريب الآثار عبر هذه الحقائب.

تمثال السفارة الألمانية
وفي واقعة غريبة أعرب الدكتور ممدوح الدماطى وزير الآثار السابق، عن عدم علمه بسماح السلطات الجمركية بمطار القاهرة، بسفر حقيبة دبلوماسية تابعة للسفارة الألمانية بالقاهرة، بعد اعتراض السفارة على تفتيشها، رغم اكتشاف مركز الوحدات الأثرية تمثالا داخل الحقيبة قد يكون أثريا، وقال الوزير مبتسما: "معنديش علم بالموضوع".

وكانت السلطات الجمركية بمطار القاهرة الدولى، حاولت منع سفر حقيبة دبلوماسية للسفارة الألمانية بالقاهرة، إلا أن وزارة الخارجية تدخلت، وأرسلت مذكرة لجمارك قرية البضائع بالسماح بشحن الحقيبة الخاصة بالسفارة دون فتحها، رغم تحفظ الجمارك ومركز الوحدات الأثرية بالمطار، على الحقيبة بعد اكتشاف الجمارك وجود تمثال داخل الحقيبة.

وعرض الأمر على مركز الوحدات الأثرية الذي طلب تشكيل لجنة من الوحدة والجمارك والخارجية والشرطة ومندوب السفارة، وفقا للقانون، لمعاينة التمثال، وبيان قيمته إذا كان أثريا أو مجرد تذكار، ولكن السفارة الألمانية اعترضت على فتح الحقيبة، وجرى التحفظ عليها حتى تدخلت وزارة الخارجية، وسمحت بسفرها دون تفتيش.

وقال الدكتور جون كيلي مدير متحف كليفلاند بأمريكا: إن 95% من الآثار المعروضة في أمريكا جاءت مهربة عبر الحقائب الدبلوماسية، مشيرا إلى أن عملية تهريب الآثار ظلت مستمرة منذ زمن بعيد، وأسهل وسيلة لها الحقيبة الدبلوماسية.

الرجل الدبلوماسي المتهم الأول في تهريب الآثار
وجاء في كتاب الماضي المسروق للكاتب كارل ماير: إن الرجل الدبلوماسي هو المتهم الأول في أغلب سرقات التحف والآثار، ووصفه بكلمة "الجماع" أي الذي يقوم بجمع الآثار والتحف من هنا وهناك أثناء وجوده في أي بلد، مشيرا إلى أنها سياسة متبعة منذ القدم الحقائب الدبلومسية لا تفتش حتى السيارات الدبلوماسية التابعة لسفارة لا يحق لأى شرطى أن يفتشها فهى جزء من السفارة، وبالتالي جزء من وطنه وأرضه، ببساطة السيارة الدبلوماسية تحمل آثارا وترتع في البلد كما تريد، وبعدها يتم تهريب الآثار بصناديق وشحنات ضخمة عبر المنافذ دون تفتيشها، وإلى الآن يحدث هذا، ومنذ فترة تم اكتشاف سرقة تمثال أثري من مخزن ميت رهينة وبعد تحقيقات النيابة اكتشف أن التمثال تم بيعه لأحد العاملين في السفارة البلجيكية، ويقع كثير من الحوادث مما يؤكد دور السفارات في تهريب الآثار.

وبرع مهربو الآثار للخارج في ابتكار العديد من الحيل التي تمكنهم من تهـريب مئات الآلاف من القطع الأثرية للخارج، داخل أشيـاء ليست ذات قيمة أو أهمية كبيرا، فدائمًا يلجئون إلى التهريب داخل أجولة البصل والفحم والأدوات الصحية، وذلك لما تمثله الآثار المصريــة من أهميـة كبيــرة جدًا لدى العديد من الدول الأجنبية.

أهم حيل التهريب
قال الأثرى أحمد الراوى، مدير الإدارة المركزية للمنافذ الأثرية السابق: إن من أشهر حيل تهريب الآثار التي تم ضبطها هي تهريب القطع الأثرية داخل حقائب الملابس، وضبط قطع أثرية مهربة للأردن داخل أجولة بصل، وشحنة متجهة لتايلاند عبارة عن "مناديل وشيش" ولوحظ أن قيمة الجمرك لها كبيرة جدا، وبعد إزالة المناديل تم ضبط 3 صناديق تحتوى على قطع أثرية.

حاوية آثار
وتمكنت جمارك ميناء دمياط، من ضبط أكبر حاوية تضم آثار فرعونية ورومانية ويونانية قبل تهريبها إلى تايلاند، وكشفت المعاينة الأولية لحاوية الآثار التي تم ضبطها داخل ميناء، أنها حاوية 20 قدما برقم 8/ 861405 وتخص شركة للاستيراد والتصدير كانت متجهة إلى بانكوك بتايلاند عبر ميناء دمياط وهى حاوية بمشمول مستلزمات مقاهٍ عبارة عن عدة شيشة ومناديل ورقية، وشحنات أدوات صحية لدبى والتي تعتبر من أكبر الضبطيات وكانت تحتوى على نحو 2000 قطعة أثرية، وتم الحكم فيها بسبع سنوات.

شحنات فحم
وأكد "الراوى" لـ"فيتو" أنه دائمًا يتم البحث عن القطع غير المسجلة وتم ضبط شحنات فحم بداخلها قطع أثرية، حيث أحبطت سلطات الجمارك الأردنية في منطقة العقبة الساحلية، جنوب العاصمة عمان، محاولة تهريب 50 قطعة أثرية مصرية ومئات القطع النقدية الأثرية، القادمة عبر شاحنة تحمل فحما قادمة من معبر نويبع الذي مرت عليه "الآثار المهربة"، كما لجأ المهربون إلى تقليد الآثار لتهريب القطع الأصلية بداخلها وهذا حدث في واقعة محاولة تهريب تمثال الكتلة داخل قناع توت عنخ آمون مقلد، كما أن لصوص الآثار يحاولون تحويل مصر إلى ترانزيت ويتم مواجهة ذلك بكل حزم، وسويسرا كانت محطة ترانزيت لتهريب الآثار وحاليا أصبحت دبى الدولة الترانزيت لتهريب الآثار لكثرة تهريب الآثار إليها، مشيرا إلى أن المهربين يختارون شحن الطرود والحاويات التي تحتوى على آثار في الأوقات المتأخر من الليل لعدم التدقيق فيها لآن هذه الأوقات غالبًا يحب الإنسان البشرى فيها الراحل والنوم.

وأوضح أن المنافذ تفحص وتعاين ما يعرض عليها من الجهات الأمنية، وقانون الجمارك ينص على تفتيش 10 % فقط من الطرود والحقائب ومن الوارد أن تخرج طرود بآثار وقد لا يخرج شيء والجمارك تستدعى أعضاء المنافذ الأثرية الساعة الثانية والثالثة بعد منتصف الليل لفحص بعض الطرود المشتبه بها أو المبلغ عنها.

وتابع: أثناء حكم المجلس العسكري وبعد سرقة 56 قطعة أثرية من مقتنيات الملك توت عنخ آمون من المتحف المصري تم اتخاذ قرار بتفتيش الحقائب الدبلوماسية وأول وزير خارجية تم تفتيشه وهو متجه إلى الجزائر في ذلك الوقت هو وزير خارجية روسيا، وذلك طبقا لاتفاقيات فيينا التي تشترط أن يكون مندوب المراسم بالخارجية موجودا، وفى حضور الجمارك والأمن، وكانت هذه الخطوة من أهم الخطوات التي أغلقت الباب أمام تهريب الكثير من القطع الأثرية.

وأكد أن المادة 50 من قانون حماية الآثار، التي تنص على معاينة الوحدات الأثرية بالموانئ والمطارات ما يعرض عليها من سلطات الجمارك فقط

كتالوج للآثار المستردة
وقال شعبان عبد الجواد، مدير إدارة الآثار المستردة بوزارة الآثار: إن الإدارة أعدت «كتالوجا» يضم عددا القطع الأثرية التي تم استردادها من الخارج منذ نشأة الإدارة في 2002 وحتى الآن.

عوائق استرداد الآثار
وأضاف عبد الجواد في تصريحات خاصة، أن من أهم المشكلات التي تواجه الإدارة في استرداد الآثار، القطع المهربة نتيجة الحفر خلسة نظرًا لعدم وجود وثائق تثبت ملكية مصر لها سوى تاريخها الزمني والحضارة التي تنتمى إليها، وأحيانًا نلجأ للقضاء لاسترداد بعض القطع، كما أن بعض المعارض تعرض بعض القطع المزيفة للتشتيت ولكن الوزارة تأخذ كل القطع حتى لا يتم اللجوء لهذه الحيلة مرة أخرى.
وتابع أن الشهادات المزورة وغسيل الآثار عن طريق تداولها بين أكثر من دولة يصعب من مهمة استرداد الآثار، قائلًا: «ما ضاع حق وراءه مطالب».

المزادات وصالات العرض
وأكد مدير إدارة الآثار المستردة بوزارة الآثار، أن الإدارة تتابع أكثر من ١٠٠ مزاد حول العالم، مشيرًا إلى أن أشهرها في أوروبا وأمريكا، وبعض الدول بدأت تسير على نهج مصر في استعادة آثارها المهربة إلى الدول الأخرى.

وأوضح أن أشهر صالتين لعرض القطع المصرية «سوسبى وكريستى» بدأت كل منهما تقلل من عرض القطع المصرية من شدة محاصرة إدارة الآثار المستردة المصرية للمزادات الخارجية، كما بدأت المزادات في إيطاليا اللجوء إلى جعل الدخول على صفحة المزاد بـ100 يورو، أو عرض الآثار قبل المزاد بـ3 أيام فقط.

مشكلات الاسترداد
وأشار إلى أن أهم المشكلات التي تواجه استرداد الآثار أيضًا سماح بعض الدول بتجارة الآثار، وإلزام الدول المطالبة باسترداد أي قطعة بأن تثبت ملكيتها لها، لكن تم توقيع اتفاقية ثنائية لاسترداد الآثار مع سويسرا، وتم الاتفاق مع ألمانيا مؤخرًا على التعاون في استرداد الآثار وتعديل قوانينها الداخلية. 

وأوضح أن الفترة التي سبقت 25 يناير نتيجة زيادة البطالة ارتفعت فيها تجارة الآثار، وخصوصًا أن بعض المشايخ أباحوا هذه التجارة، مؤكدا أن المقتنيات الخاصة تحرم الوزارة من استرداد بعض القطع نتيجة عدم عرضها في أي صالات أو مزادات للبيع.

استرداد 730 قطعة
وتابع مدير إدارة الآثار المستردة، أنه تم استرداد 730 قطعة أثرية من الخارج خلال الفترة من عام 2011 وحتى الآن، مشيرًا إلى أنه تم استرداد 128 قطعة في 2011، واسترداد 68 قطعة في 2012، وتمكنت الإدارة من استرداد 16 قطعة في 2013، واسترداد 70 قطعة في 2014، ومؤخرًا استرداد 441 قطعة أثرية في 2015.

والحقيبة الدبلوماسية تعد وسيلة مهمة من وسائل الاتصال بين البعثات والقنصليات الدبلوماسية والدول التي تمثلها، وهي عبارة عن مظروف أو طرد أو صندوق تستخدمه البعثة الدبلوماسية، وليس للحقيبة الدبلوماسية حجم أو وزن أو شكل معين كشرط لتمتعها بالحصانة، وقد ترسل بالبريد أو عن طريق أحد الأشخاص.

لا يجوز فتحها
ووفقا للقوانين لا يجوز فتحها أو احتجازها، حيث نصت اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية عام 1961م في الفقرة الثالثة من المادة "27"، على أنه "لا يجوز فتح الحقيبة الدبلوماسية أو حجزها".. كما لا يجوز قيام الدولة المستقبلة أو دولة المرور حسب الأحوال احتجاز الحقيبة الدبلوماسية.

مصدر جمركي
وأوضح مصدر بالجمارك أن الحقيبة الدبلوماسية لا يجوز فتحها نهائيا من قبل السلطات الجمركية، مشيرا إلى أن فتحها مخالف للقوانين المتعارف عليها.

وأشار إلى أن الحقيبة الدبلوماسية تمر عن طريق جهاز الإكس راي، للتأكد من عدم وجود أي مواد مهربة بها، موضحا أنه في حالة الاشتباه يتم تشكيل لجنة من وزارة الخارجية والجمارك ومندوب السفارة المالكة للحقيبة لإفراغ محتواها.

محتويات الحقيبة
وأضاف المصدر أن محتويات الحقيبة الدبلوماسية لا بد أن تقتصر على الوثائق والمستندات الخاصة بالبعثة الدبلومسية، بما يحقق لها مصالحها دون مخالفة قوانين الدولة المستقبلة للحقيبة، كذلك يمكن أن تضم رسائل وتقارير وتعليمات ومعلومات رسمية وغير ذلك من وثائق، فضلا عن شفرات أو معدات للكتابة بالشفرة أو لفكها ومواد مكتبية.

علامة مميزة
وأوضح أن الحقيبة الدبلوماسية لها علامات مميزة حتى لا يتم فتحها في المناطق الجمركية للمطارات من قبل لجان التفتيش.

مقترح فرنسا
وتقدمت بعض الدول بمقترح، للجنة القانون الدولى، يسمح للدولة المستقبلة بالتصرف المباشر في حالة إساءة استخدام الحقيبة الدبلوماسية، فقد اقترحت فرنسا وجوب أن يتم تثبيت علامات على الحقيبة الدبلوماسية وأن تتضمن الحقيبة فقط وثائق دبلوماسية وأشياء تتعلق بالعمل الوظيفي للبعثة.

القانون الدولي
واستقر رأى لجنة القانون الدولي في النهاية على عدم جواز فتح الحقيبة الدبلوماسية، إلا في الحالات الاستثنائية عندما تدعو بواعث خطيرة لاستعمال الحقيبة في أغراض غير مشروعة.

الجانب السلبي للحقيبة
وكثيرا ما تستعمل الحقيبة الدبلوماسية في أغراض غير مشروعة أو تتنافى مع قوانين الدول المستقبلة لها أو التي تمر بها، فقد تستخدم الحقيبة الدبلوماسية في تهريب الآثار أو المخدرات أو بعض الأشياء التي تضر بمصلحة الدولة المستقبلة.

سوابق خطيرة
ومن السوابق الخطيرة في هذا الشأن، ضبط سفير المكسيك في بوليفيا وسفير جواتيمالا في بلجيكا وهولندا وهما يهربان في الحقيبة الدبلوماسية كميات من الهيروين إلى الولايات المتحدة حيث تبين أنهما أعضاء في عصابة دولية لتهريب المخدرات تمكنت من إدخال مخدرات إلى أمريكا تقدر بملايين الدولارات.

وعام 1974 ضبطت السلطات المصرية أحد أعضاء سفارة الكونغو بالقاهرة وهو يحمل الحقيبة الدبلوماسية وبداخلها كمية من المخدر أثناء دخوله مصر من خلال ميناء القاهرة الجوي.

السفارة الألمانية
يذكر أن سلطات جمارك مطار القاهرة الدولى، سمحت بسفر الحقيبة الدبلوماسية للسفارة الألمانية بالقاهرة بعد تدخل وزارة الخارجية، وإرسال مذكرة لجمارك قرية البضائع بالسماح لشحن الحقيبة الخاصة بالسفارة دون فتحها، رغم تحفظ الجمارك ومركز الوحدات الأثرية بالمطار، على الحقيبة بعد اكتشاف الجمارك وجود تمثال داخل الحقيبة.

وعرض الأمر على مركز الوحدات الأثرية الذي طالب بتشكيل لجنة من الوحدة والجمارك والخارجية والشرطة ومندوب السفارة، وفقا للقانون، لمعاينة التمثال، وبيان قيمته إذا كان أثريا أو مجرد تمثال تذكاري، ولكن السفارة الألمانية اعترضت على فتح الحقيبة، وتم التحفظ عليها حتى تدخلت وزارة الخارجية، وسمحت بسفرها دون تفتيش.
الجريدة الرسمية