«يا عرقسوس شفا وخمير».. قصة «راضي» مع مشروب ملوك الفراعنة (صور)
"يا عرقسوس شفا وخمير يا اللي الليمون منك يغير.. قرب ودوق الحلويات وقولي يا بتاع الشربات".. كلمات تخترق أذنيك وسط صخب ميدان السيدة عائشة بمصر القديمة، فلم يجد "راضي" بائع العرقسوس سوى مونولوج قديم لفنان يُدعى أحمد الشريف، حتى يجذب به انتباه المارة والباعة الجائلين وقائدي السيارات.
"بيّاعه خِفة وعلي كيفه تندهلوا ساعة ما تشوفه"، فمنذ عشرين عاما يقف "راضي ناصر"، ذو السابعة والثلاثين من عمره، أمام مسجد السيدة عائشة، بزيه المخصص الذي يصفه لنا بأنه عبارة عن "كمر رشيدى"، وقميص عادي، حاملا على كتفه إبريقا ضخما، وحول وسطه حزام يحمل عليه عدة أكواب زجاجية، وفي يديه زوج من الصاجات النحاسية.
أدوات بائع العرقسوس وهيئته المميزة هي السر في جذب الانتباه له، وتلك الأدوات لها أسمائها المميزة كذلك في لغة بائعي العرقسوس، فتلك "قدرة" يحمل بداخلها العرقسوس، وتلك التي نسميها نحن بصاجات، يسميها "راضي" شخاشيخ ثقيلة، ولها موسيقاها المألوفة والمعتادة التي تميز بائع العرقسوس عن غيره، وأخيرا يحمل معه أيضا إبريق لشطف الأكواب المخصصة لصب المشروب بها.
"العرقسوس مشروب الملوك"، فيروي راضي تاريخ مشروب العرقسوس مؤكدا أن تاريخه يرجع إلى 5000 عام مضت، حيث عُرف عنه أنه كان المشروب الملكي عند الفراعنة، ثم توارثته الأجيال حتى أصبح مشروب العامة عندما جاء الفاطميون إلى مصر، وكان معروف عنهم اهتمامهم بالطقوس الرمضانية، فكان أحد المشروبات الرئيسية في رمضان.
"العرقسوس له زبونه، ومفكرتش أبدا أبيع جمبه حاجة تانية زي التمر أو السوبيا مع إن المهنة اتطورت كتير عن زمان"، هكذا كانت كلمات "راضي" ساردًا تاريخ بداية عمله بتلك الصناعة، ويصف عشقه وحبه لتلك المهنة، فيقول: "العرقسوس له شخصيته المختلفة عن أي مشروب تاني، والزبون بتاعه ذواقة بيعرف الأصلي من المغشوش".. وكما يقول المونولوج التراثي: "خمير شفا يليق للبهوات ويموتوا فيه صبيان وبنات".
"يا عرقسوس كلك وصفات نافع وبرضه اسمك شربات".. فتلك الكلمات من المونولوج تفسر سر العثور على جذور العرقسوس في قبر الملك (توت عنخ آمون) في مصر، حيث كان الأطباء المصريون يخلطونه في الأدوية المرة لإخفاء طعم مرارتها وغيرها من الاستخدامات الأخرى التي يدخل فيها العرقسوس.