أيام حكومة إسماعيل الأخيرة.. جهات رقابية تحذر من رفع أسعار الخدمات.. رئيس الوزراء مستمر لتنفيذ بقية شروط صندوق النقد.. وتقارير أمنية تحذر من تطبيقها في شهر يونيو
ما كان همسًا صار دندنة، وكلام الغرف المغلقة عرف طريقه للجلسات الرسمية، فالحديث عن مستقبل حكومة المهندس شريف إسماعيل لم يعد سرا فلا حديث يعلو داخل أروقة دواوين الوزارات إلا عن توقيت رحيل الحكومة واختيار رئيس وزراء جديد بعد أن يؤدي الرئيس عبد الفتاح السيسي اليمين الدستورية كرئيس للبلاد لفترة رئاسية ثانية المقرر له في الثالث من يونيو المقبل تزامنا مع انعقاد أول جلسة قريبة لمجلس النواب.
قبل إجراء الانتخابات الرئاسية كانت التقارير تشير إلى أن حكومة شريف إسماعيل ليس أمامها سوى إنجاز الانتخابات الرئاسية، نظرا لطبيعة الحالة الصحية لرئيس مجلس الوزراء التي استدعت سفره في 15 مارس الماضي إلى العاصمة الألمانية فرانكفورت لإجراء فحوصات طبية استغرقت عدة أيام، للاطمئنان على الجراحة الدقيقة في الجهاز الهضمي التي أجراها أواخر شهر نوفمبر من العام الماضي، والتي غاب على إثرها لشهرين تولى خلالهما الدكتور مصطفى مدبولي وزير الإسكان منصب القائم بأعمال رئيس الوزراء.
لكن المتابع لنشاط رئيس الوزراء خلال الشهر الأخير يجد نشاطا ملحوظا قد طرأ على حالته الصحية نتيجة تحسنها والتزامه بتعليمات الطبيب، وهو ما انعكس إيجابا على نشاط المهندس شريف إسماعيل، إذ عقد كثيرا من الاجتماعات كان بعضها ليلا، إضافة إلى زيارته لمحافظة الإسماعيلية مرتين ومحافظة بورسعيد للاطمئنان على جاهزية المستشفيات هناك والتي ستشهد باكورة تطبيق منظومة التأمين الصحي الشامل الجديدة.
تحسن الحالة الصحية لرئيس الوزراء جعل القيادة السياسية تفكر في استمراره رئيسا للحكومة إلى حين الانتهاء من بقايا الإجراءات الصعبة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي، لاسيما وأن المرشحين لتولي منصب رئيس الوزراء في الحكومة الجديدة يميلون إلى هذا الرأي، إذ لا يرغبون في أن يبدأوا عملهم بقرار صعب يقضي على شعبية الحكومة الجديدة في الشارع، ويجعل قراراتها صعبة التنفيذ في ظل رفض شعبي تام.
رفع تعريفة الكهرباء
مصادر حكومية رفيعة المستوى كشفت لـ"فيتو" عن حزمة الإجراءات الصعبة التي تنتظر الحكومة توقيتا مناسبا للإعلان عنها في الفترة المقبلة -تحديدا في شهر يونيو المقبل- وأولها الزيادة المرتقبة في تعريفة الكهرباء، مشيرة إلى أن أقل سعر للكيلووات/ ساعة في التعريفة الجديدة سيكون 65 قرشا في الشريحة التي تقل عن 200 كيلووات استهلاكا وأن أعلى سعر للكيلووات سيكون جنيهين ونصف الجنيه في الشريحة التي تزيد على 1000 كيلو استهلاك بالإضافة إلى استمرار 8 جنيهات رسوم خدمة عملاء و10 جنيهات رسوم نظافة لكل فاتورة استهلاك.
وأكدت المصادر أن هناك اتفاقا تم بين جهاز تنظيم مرفق الكهرباء والدكتور محمد شاكر وزير الكهرباء والطاقة على تخفيف الزيادة على شرائح محدودى الدخل إلى ١٥٪ بدلا من 25٪، بعد أن أوصى الجهاز بمد فترة رفع الدعم إلى ٢٠٢٠ بدلا من ٢٠١٩ للتخفيف على محدودي الدخل عند تطبيق الزيادة في كل عام، وهو ما تم الاستجابة له من قبل الرئيس عبد الفتاح السيسي.
300 % زيادة في أسعار تذاكر القطارات
أما عن ثاني القرارات المتبقية للحكومة قبل أن ترحل وهو ملف تحريك أسعار تذاكر القطارات إلى نحو 300% مما هي عليه الآن، وهو القرار الأصعب بعد تطبيق قرار زيادة سعر تذكرة المترو من جنيهين إلى 7 جنيهات.
وتشير المصادر إلى أن المخطط رفع أسعار القطارات المطورة 140% والقطارات المميزة 150% والدرجة الأولى المكيفة 40%، والدرجة الثانية مكيفة 60%، وقطارات الـvip الدرجة الأولى بنسبة 20% والدرجة الثانية بنسبة 40%.
وأشارت المصادر إلى أن موعد تطبيق هذه الزيادة قد يكون خلال إجازة عيد الفطر المبارك، رغم تحذير عدد من التقارير الأمنية من تطبيق الزيادة قبل حلول شهر يونيو المقبل، لاسيما بسبب الرفض الشعبي لقرار زيادة سعر تذكرة المترو الذي لم يمر عليه سوى أيام بسيطة، ولأن القطارات يستفيد منها 5 ملايين و300 ألف راكب في الأسبوع الواحد فقط على الخطوط الطويلة والقصيرة، وهي نسبة 300 مليون راكب سنويا تقريبا، بالتأكيد سيتضررون من هذه الزيادة الكبيرة.
تحريك أسعار المحروقات
ثالث القرارات الصعبة المنتظرة أمام الحكومة تتعلق بتحريك أسعار المحروقات، المنتظر الإعلان عنها في شهر يونيو المقبل أيضا.
وكشفت مصادر حكومية رفيعة المستوى، أن تقارير صندوق النقد الدولي لم تحدد موعدا محددا لهذه الزيادة وتركت للحكومة المصرية الحرية في اختيار التوقيت، كأحد اشتراطات قرض الصندوق البالغ قيمته 12 مليار دولار، والذي حصلت مصر منه على 8 مليارات دولار حتى الآن ويتبقى شريحتين حتى منتصف مارس من العام المقبل 2019.
وأوضحت المصادر أن الحكومة تضع على رأس خططها رفع أسعار المحروقات تدريجيا فور انتهاء موازنة العام الحالي، وذلك لتجنب زيادة الأعباء على المواطنين خلال العام المالي الحالي، الذي شهد بالفعل زيادات في أسعار الطاقة، وهو ما يؤكد أن الحكومة لن ترفع سعر المحروقات إلا بنهاية شهر يونيو المقبل مع بداية العام المالي الجديد.
التعجيل بالقرارات
بعض المصادر أكدت أن هناك نية لإنهاء عمل حكومة شريف إسماعيل خلال 40 يوما على الأكثر وهو ما يعجل بتنفيذ هذه القرارات الصعبة قبل حلول شهر يونيو المقبل، حتى تتولى الحكومة الجديدة المسئولية دون أعباء برنامج الإصلاح الاقتصادي، وإن كانت التقارير الأمنية لا ترجح هذا الرأي وتوصي باستمرار شريف إسماعيل رئيسا للوزراء حتى نهاية يونيو المقبل والعام المالي الحالي، لتبدأ الحكومة الجديدة مسؤوليتها في بداية العام المالي الجديد.
كشف حساب
التقارير الدورية لحكومة شريف إسماعيل أكدت أن هذه الحكومة أنجزت المطلوب منها على أكمل وجه فيما يتعلق بتطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادي، وهو ما انعكس على تحسن تصنيف مصر الائتماني طبقا لتقرير وكالة ستاندرد أند بورز التي عدلت تصنيفها الائتمانى لمصر مؤخرا من ( -B ) إلى ( B ) نتيجة خفض أسعار الفائدة على السندات التي طرحتها مصر في الخارج.
وقالت مصادر حكومية إن الدكتور مصطفى مدبولي وزير الإسكان أحد أكثر الوزراء تنفيذا للتكليفات في حكومة شريف إسماعيل وهو ما ظهر من خلال إشادة الرئيس عبد الفتاح السيسي في مؤتمر الشباب الأخير الذي انعقد في فندق الماسة قبل حلول رمضان بعدة ساعات، وهو ما يؤكد صحة التقارير والمصادر التي تشير إلى أن مدبولي أحد أقوى المرشحين لخلافة شريف إسماعيل لمدى تمتعه بثقة الرئيس السيسي.
وأشارت التقارير إلى الأداء الإيجابي لعدة وزراء على رأسهم الدكتور محمد شاكر وزير الكهرباء والمالية عمرو الجارحي والصناعة والتجارة طارق قابيل والخارجية سامح شكري والإنتاج الحربي محمد العصار، والاستثمار سحر نصر، والبترول طارق الملا، وهم المرشحون للاستمرار في تشكيل الحكومة الجديدة.
وأوضحت المصادر أن القرارات الصعبة يصاحبها حزمة اجراءات تفكر فيها الحكومة لحماية محدودي الدخل من آثار هذه القرارات الصعبة تنفيذا لتكليفات الرئيس عبد الفتاح السيسي وهو ما تعكف الحكومة عليه الآن من خلال التنسيق بين عدة وزارات على رأسها الدفاع والتموين والتضامن والصحة.
"نقلا عن العدد الورقي"..