رئيس التحرير
عصام كامل

قبل الطوفان.. هل اعترف البابا تواضروس بوجود تعاليم غريبة بالكنيسة

البابا تواضروس الثاني
البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية

مرت أشهر معدودات على أزمة الهرطقات والتعاليم الغريبة في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، دون أن تهدأ، بل تتصاعد الأحداث بشكل يتوقع معه صدام قادم، خاصة في ظل المشاحنات التي تشهدها مواقع التواصل الاجتماعي، على الصفحات المنسوبة إلى الكنيسة، وغيرها من الصفحات التي تدعي أنها تدافع عن إيمان الكنيسة وعقيدتها.


الأزمة ليست في النقاشات، إذ إن التفكير مطلوب، إنما الأزمة في الانفلات الذي يشهده الحديث يصل إلى حد التطاول على أناس يعتبر أنهم من الرموز الدينية، الاستباحية التي يتعامل بها البعض مع هذا الملف، تنذر بكارثة داخل الكنيسة، التي يجب أن تعي ذلك، ولا تتجاهل أبناءها الراغبين في المعرفة، والمعرفة حق.

هل توجد أزمة تعليمية في الكنيسة؟

الإجابة.. نعم

منذ أن خرج علينا الأنبا أنجيلوس أسقف شبرا، وأعلن أن بعض أحداث الإنجيل وشخصيات العهد القديم، أساطير، واندلعت جدالات لم تتوقف حتى اليوم، بل وأخذت نطاقًا واسعًا من المناقشات في جلسة المجمع المقدس الذي ترأسه قداسة البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية، في دير الأنبا بيشوي بوادي النطرون، الأيام الماضية.

لا يعرف أحد مصدر تعاليم الأنبا إنجليوس، ولا إلى أي شيء استند، الغريب أن البابا تواضروس لم يسر على نهج سابقه الراحل البابا شنودة، ولم يصدر حتى بيانًا أو ردًّا على هذه التعاليم في عظته، كما كان يفعل البابا شنودة ولا يفوت معلومة غريبة إلا ويكون لها بالمرصاد.

بعض أساقفة الكنيسة كانت لديهم جرأة الاعتراف بوجود تعاليم غريبة، مثل الأنبا رافائيل، الأسقف العام لكنائس وسط القاهرة، الذي خرج علينا يقول "إن هناك تعاليم كثيرة خاطئة انتشرت في تلك الأيام، تجعل الكثيرين يحيدون عن طريق الإيمان المستقيم.. إن طوفان التعليم الغريب جاي وهيغرق الدنيا كلها، إلا اللي هيحتموا جوة التعليم المستقيم".

وأضاف الأنبا رافائيل في تصريحات "هذا الطوفان «التعاليم الخاطئة» انتشر عبر السوشيال ميديا، والذي ينجو من التعاليم الخاطئة هو من يحتمي في تعاليم الإيمانية للكنيسة.. عقلك في راسك تعرف خلاصك، فادخل جوه الفلك "الكنيسة" وما تديش ودنك لأي حد".

حديث الأنبا رافائيل يؤكد أن التعاليم الغريبة والهرطقات انتشرت في الكنيسة، وعلى صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، بشكل يهدد أبناء الكنيسة، وأمام هذه التخوفات يبقى السؤال لماذا يصمت البابا تواضروس؟

يذكر أن الراحل قداسة البابا شنودة الثالث، كان لا يترك مساحة لمثل هذه الأفكار والتعاليم، للانتشار بين شعب الكنيسة، لكن دائمًا ما كان يتصدى بكل قوة، سواء في بيانات رسمية، أو كتب كان يصدرها خصيصًا لهذا الغرض، أو مقالات الصحف، بل وفي العظة الأسبوعية، كان لا يترك ما يبلبل ذهن شعب الكنيسة.

البعض توقع أن صمت قداسة البابا تواضروس أمام هذه التعاليم، ربما يكون موافقة ضمنية على ما يحدث، أو أنه لا يعترف بوجود تعاليم غريبة في الكنيسة، لكن أن يصدر قرارًا في الجلسة الأخيرة للمجمع المقدس بتشكيل لجنة مكونة من 5 أعضاء من المجمع المقدس لدراسة الأخطاء التعليمية التي تصدر من بعض المعلمين ومراجعتها، أليس هذا اعترافا ضمنيا بوجود تعاليم غريبة تزايدت في الآونة الأخيرة.

بل وناشد المجمع المقدس جموع الشعب القبطي عدم الانسياق وراء ما تبثه بعض المواقع المشبوهة والكاذبة، وتأسف أن هذه المواقع تحمل أسماءً مسيحية، واتهمها أنها تروج أخبارًا ملفقة وتجتزئ الحقائق وتسيء للتقاليد الراسخة في الكنيسة وتشوه صورتها في أعين أبنائها.

حملات التخوين التي شهدتها أروقة الكنيسة أخيرًا، بين من يسمون أنفسهم الإصلاحيين، ونظرائهم من التقليديين، تخطت سور الكنيسة إلى الفضاء الإلكتروني الواسع، حيث صدرت بيانات رسمية، تلقفتها وسائل الإعلام، تتهم البعض بنشر تعاليم غريبة، وبيانات أخرى للرد، ولم تخل جميعها من تخوين الآخر.

المعركة التي كان قداسة البابا شاهدًا عليها، جعلته يقول "قبل أن تفعل أي عمل سواء في نطاق ضيق أو واسع اسأل عن سلام الكنيسة، فهي أولوية أولى وضرورة ملحة في حياتك، وأقصد بها سلام الكنيسة المحلية، وسلام الكنيسة على مستوى الإيبارشية وعلى الكنيسة العامة".

وأضاف أن سلام الكنيسة هي أن يعمل كل إنسان في حدود مسئولياته المكلف بها فقط، ولا يتدخل فيما لا يعنيه، فكل إنسان يكون أمينًا حتى الموت في المسئولية، والاختصاص أما إذا تداخلت المسئوليات والفعاليات تعكر سلام الكنيسة، فسلام الكنيسة هو القيمة التي يجب أن نراعيها في كل قراراتنا.

وحذر البابا تواضروس من الوجود الإعلامي، قائلاً "تسمى الميديا الإله الثاني، وفي بعض المواقع تكون الإله الأول، والتعامل أو التواصل مع الميديا يجب أن يكون بانضباط وكذلك القائمين على التعليم على منابر الوعظ".

يفهم من حديث قداسة البابا تواضروس إن هناك تداخلاً في اختصاصات أعضاء المجمع المقدس، وأبدى تخوفًا من التعامل مع الإعلام، كما اعترف بوجود تعاليم غريبة، وشكل لجنة من 5 للرد عليها، لكن لماذا يصمت قداسته، رغم أن صفحات مواقع التواصل تحولت لساحات حرب، هل الصمت موافقة على هذه التعاليم؟
الجريدة الرسمية