رئيس التحرير
عصام كامل

خريطة التعامل مع طفلك المصاب بمرض نفسي.. «هارون»: قدرة الأهل على فهم المريض واحتوائه.. احتضان الأبناء وإخبارهم بمدى حب الوالدين لهم.. «سليم»: متابعة سلوكيات الأولاد

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

«معاناة لا يمكن وصفها» هكذا يمكن تجسيد حالة من يعاني أبناؤهم الصغار مرضًا نفسيًّا، قد يدفع البعض منهم إلى الانتحار أحيانًا، وهذا ما حدث بالفعل أمس عندما كشف كريم ياسر، شقيق الطفل محمد ياسر، تفاصيل واقعة انتحاره بإلقاء نفسه في مياه بحر موريس أمام ديوان محافظة الشرقية، موضحًا أنه عانى من آلام في الركبة منذ سنوات.


وأضاف ياسر، خلال مداخلة هاتفية مع الإعلامي وائل الإبراشي، مقدم برنامج «العاشرة مساء»، المذاع عبر فضائية «دريم»، أنه حاول الانتحار أكثر من مرة، مستخدمًا «شرايط البرشام» وآلات حادة، لافتًا إلى أن الأسرة أخفت كل الآلات الحادة من المنزل مدة شهرين حرصًا على حياة الطفل.

وتابع أن آلام الركبة بدأت تتطور على مدار السنوات السابقة إلى أن أُصيب بآلام في ظهره وقدمه اليسرى، لافتًا إلى أن أحد الأطباء لم يعطِ تشخيصًا دقيقًا لحالة الطفل.

وأردف: «اتجهنا لأحد الشيوخ المعروفين، وقالوا إنه سليم زي الدكاترة ما قالوا، ورجحوا إنه ممكن يكون ألم نفسي».

وأكمل: «بداية المشكلة إن عنده اكتئاب، بيخرج في جسمه على شكل تعب عضوي، وأخد أدوية، وإحنا منعرفش جه منين ولا العلاج بتاعه تحديدًا، وكان بيحاول يتجاوزها وياخد أدوية».

حالة «محمد» فتحت باب التساؤلات حول كيفية التعامل مع الأطفال المصابين بالاكتئاب والمرض النفسي لمتابعة حالتهم ومعرفة الطريقة السليمة للتعامل معه كي لا تدفعه للانتحار.

54% نسبة الذكور المنتحرين
من أهم ما رصدته دراسة مؤسسة النهوض بأوضاع الطفولة التي أعلن عنها في نهاية عام 2015، أن نسبة 46% من الأطفال المنتحرين من الإناث، وأن النسبة الأعلى بين الذكور هي 54%، وأن الفئات العمرية الأكثر انتحارًا من 16 إلى 18، وبصفة عامة الضغط النفسي الذي يتعرض له الأطفال في سن المراهقة يجعلهم الأكثر انتحارًا وذلك في الفئة العمرية من 11 وحتى 15 عامًا.

سلوكيات الأهل
وحول كيفية التعامل مع الأطفال، يقول الدكتور أحمد هارون، استشاري الطب النفسي، إن إصرار الأبوين على البحث وراء علاج للأطفال وإنفاق الكثير من المال والقلق الواضح عليهما يدل كثيرًا عن مدى حبهما له، لكنها لا يدركان أنهما بشكل أو بآخر كانا سببًا في حدوث هذه المشكلة النفسية لدى الطفل بسلوكياتهما معه، أو سببًا في زيادة اضطراب شديد بجهلهما بالتعامل الصحيح معها من البداية، كذلك فإن علاج الصغير لن يتم بالتردد أكثر على العيادة بل عندما يستطيعان تفهم صغيرهما هذا ويكونان قادرين على احتوائه.

وأضاف «هارون» في تصريحات صحفية، أن البرامج العلاجية التي تأتي بنتائج طيبة هي التي يتعاون فيها الأبوان مع المعالج في علاج طفلهما، فأغلب البرامج التي تُعد أو تُنفَّ مترجمة عن آخرين يكون لها مريض واحد وثلاثة معالجين، هم المعالج والأب والأم، لكل منهم دور محدد من البداية وأهداف مرجو تحقيقها في النهاية.

كما ينصح هارون الأهالي بإخبار الطفل دائمًا بمحبتهم له واحتضانه، فذلك يزرع فيه الثقة في النفس، كذلك مدح أعماله وإنجازاته، وتعليمه كيف يدونها، وتعليمه كيف يتحمل مسئولية ونتيجة تصرفاته، إلى جانب الاعتذار له عن أي خطأ واضح يصدر منك، وتجربة شيء جديد له، ولك معًا فقط.

متابعة الأبناء
ومن ناحية أخرى، أشارت بسمة سليم، باحثة في علم النفس، أن للأسرة دورًا مهمًّا في متابعة الأبناء، إذا كان لدى الابن «اكتئاب ذهاني»، ومتابعة رد فعل الابن إذا كان ممتنعًا عن الطعام والشراب، أم يأكل بشراهة، وجميعها علامات تدل على إصابة الفرد بالاكتئاب الذهاني، وهو النوع الذي يصل بالإنسان إلى الانتحار، ومن ثم متابعة الأهل تساعدهم على إدراك حالة ابنهم مبكرًا ما يدفعهم للذهاب به لطبيب نفسي.

وفي السياق ذاته، قال الدكتور محمد هاني، استشاري الصحة النفسية والعلاقات الأسرية: إن الفرد كي يتخطى أزمة نفسية عليه أن يجد الدعم من أصدقائه، بحيث يتواصلون معه بشكل دائم، إن كانت لديه أزمة نفسية، بجانب منحه شعورًا دائمًا بأن أزمته يمكن تخطيها ومواجهتها، وأن لكل مشكلة حلاً، وأن الانتحار ليس الحل.
الجريدة الرسمية