رمضان وعبقرية المصريين!
إن كانت "وحوي يا وحوي إياحة" تعني بالمصرية القديمة "أهلا بالقمر" فهذا يعني قدرة المصريين على صناعة البهجة منذ زمن بعيد، لكن لماذا اختاروا أن يقولوها في استقبال رمضان بالمصرية القديمة دون العربية؟ وكيف انتقلت العادة من العصر الفاطمي إلى اليوم؟ كيف استمرت عادات الاحتفال باستقبال الشهر الكريم إلى اليوم؟ من الفانوس إلى الزينة إلى الحلوى من الكنافة والقطايف؟
وكيف تذهب إلى الحسين فتجد نفس الأجواء الموجودة في السيدة زينب وهي كما هي التي ستجدها في رحاب المرسي أبو العباس بالإسكندرية وأجواء سيدي عبد الرحيم القناوي بقنا إلى رحاب سيدي جلال السيوطي بأسيوط إلى سيدي الدسوقي بكفر الشيخ إلى سيدي الفرغل بأبوتيج إلى سيدي أبو الحجاج بالأقصر إلى سيدي البدوي بطنطا وهكذا في أغلب ميادين وشوارع مصر؟
يمكن أن يستمر المقال بصيغة استفهامية وتساؤلات لا تنتهي.. لكن وبصدق فقرآن المغرب هنا مختلف إذ إنك وفي أيام غير رمضانية قد تستمع إلى صوت الشيخ محمد رفعت فتتذكر رمضان وهكذا مع النقشبندي وطوبار والشيخ المنشاوي.. وهنا فقط في مصر ستجد هذا الكم الكبير من التراث الغنائي المرتبط برمضان من أحمد عبد القادر في أغنية "وحوي يا وحوي" الهادئة جدا إلى " رمضان يا رمضاني" مع عفاف راضي مرورا بمحمد فوزي في "هاتوا الفوانيس" إلى عبد الغني السيد في "يا مرحبابك يا رمضان" و" رمضان جانا" لمحمد عبد المطلب إلى عشرات الأغاني الأخرى في استقبال الشهر الكريم وفي وداعه أيضا!
لم يتوقف إبداع المصريين عند ذلك.. بل يتجدد الإبداع فترة بعد أخرى من الفن في الفوازير إلى ظاهرة توفير الإفطار السريع للعابرين والمسافرين والمارة بالطرق السريعة ومحطات القطار والشوارع وهي ظاهرة طيبة تعني أن الخير فينا مهما جرى ومهما تصاعدت ظواهر الشر الأخرى وكل هذا الإبداع في الاحتفاء والاحتفال برمضان يحتاج إلى رصدها في رسالة علمية للماجستير أو الدكتوراه نتمنى أن نراها قريبا!