رئيس التحرير
عصام كامل

باحث أثري: المسحراتي من سمات الاحتفال بقدوم شهر رمضان

الباحث الأثري أحمد
الباحث الأثري أحمد عامر

قال الباحث الأثري أحمد عامر إن مهنة المسحراتي كانت موجودة منذ عهد النبي "صلى الله عليه وسلم"، وفي العصر العباسي كان المسحراتي ينشد شعرًا شعبيًا يسمى "القوما" طوال ليالي رمضان، أما بداية ظهور الإيقاع أو الطبلة في يد المسحراتي فكانت في مصر، حيث كان المسحراتي يجوب شوارع القاهرة وأزقتها وهو يحمل طبلة صغيرة ويدق عليها بقطعة من الجلد أو الخشب، وفي العصر الفاطمي بدأت مهنة المسحراتي أيام الحاكم بأمر الله، الذي أصدر أمرًا بأن ينام الناس مبكرين بعد صلاة التراويح.


وأكد عامر أن جنود الحاكم كانوا يمرون على البيوت يدقون الأبواب ليوقظوا النائمين للسحور، أما في عصر المماليك فقد ظهر "ابن نقطة" شيخ طائفة المسحراتية والمسحراتي الخاص بالسلطان الناصر محمد، وهو مخترع فن "القوما"، وهى من أشكال التسابيح، ثم انتشرت بعد ذلك مهنة المسحراتي بالطبلة التي كان يُدق عليها دقات منتظمة بدلًا من استخدام العصا، وهذه الطبلة كانت تسمى "بازة" وهي صغيرة الحجم يدق عليها المسحراتي دقات منتظمة، ثم تطورت مظاهر المهنة وهو يشدو بأشعار شعبية وزجل خاص بهذه المناسبة، وإنشاد المسحراتي كان يتميز في طريقة الأداء التي ارتبطت في الوقت نفسه بالتوقيع على طبل البازة بإيقاع متميز أيضًا يعرفه الناس ويستيقظون عليه، وقد كان للإنشاد الدينى القدر الوافر في شهر رمضان.

وأوضح "عامر" أنه لا رمضان دون فانوس كذلك فإنه لا طعم لرمضان دون المسحراتي ذلك الرجل الذي يجوب مُختلف أرجاء المحروسة سائرًا على قدميه لتنبيه المسلمين بوقت السحور، وإذا انتقلنا إلى كتب التاريخ نجد روايات عدة عن المسحراتي، والذي يُرجح البعض أنه بدأ يعرف طريقه إلى شوارع مصر في رمضان من عام 238 هـ، وأن أول من صاح به هو والي مصر أيامها عتبة بن اسحاق، وتشير المصادر التاريخية إلى احتفاء الوجدان الشعبى المصرى بالمسحراتى وفنونه، إذ يذكر إدوارد لين عن وظيفة المسحر في القاهرة إبان النصف الأول من القرن التاسع عشر العديد من العناصر الإبداعية حيث كان لكل خط أو قسم صغير في القاهرة مسحر، على الرغم من تدهور عملية التسحير من الناحية الفنية، إلا أن المعروف عن المسحر أو المسحراتى أنه منشد مُجد توارث تقاليد الإنشاد، وحفظ نصوص أغانيه عمن سلف، كما يتضمن إنشاد المسحراتى منظومات التوحيش التي يؤديها في الأيام العشرة الأخير من الشهر.

وأشار "عامر" إلى أن أجرة المسحراتى حدث لها بعض التغيرات على مر العقود ففي منتصف ق19، فكانت الأجرة مرتبطة بالطبقة التي ينتمي إليها المتسحر، وكان المسحراتي لا يتوقف عادة عند منازل الأسر الفقيرة وفى الريف المصرى إبان القرن الماضى لم يكن للمسحراتى أجر معلوم أو ثابت غير أنه يأخذ ما يجود به الناس في صباح يوم العيد، وعادة ما كان الأجر يؤخذ بالحبوب، فيأخذ قدحًا أو نصف كيلة من الحبوب سواء ذرة أو قمح، ولم يكن أجرًا بالمعنى المفهوم ولكنه هبة كل يجود بها حسب قدرته، ورغم اختفاء الكثير من الفنون المرتبطة بالمسحراتى سواء في القرية أو المدينة إلا أن وظيفته الأساسية لا زالت حتى الآن، وهى الإمساك بالطبل أو الصفيحة والدق عليها بالعصا والنداء على كل باسمه داعيًا إياه للاستيقاظ.
الجريدة الرسمية