رئيس التحرير
عصام كامل

خطايا سعد الدين إبراهيم


حينما يذكر اسم المناضل المصري والرمز الحقوقي الساطع في سماء المنظومة الحقوقية "سعد الدين إبراهيم" مؤسس مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية ومؤسس الحركة المصرية الحديثة للمجتمع المدني , يتداعى إلى الذهن موقفه الدائم حيال القضايا الأكثر سخونة فى المجتمع المدني المصري، مثل دور الإخوان المسلمين في السياسة المصرية, وحقوق الأقلية المصرية بعامة, وحقوق الأقباط بخاصة.


والدكتور سعد الدين هو أول من دعا لمؤتمر " الإعلان العالمى لحقوق الملل والنحل والأعراق فى الوطن العربى والشرق الأوسط " عام 1994 , وقد ناقش وضع الأقباط مع كل من الأكراد فى العراق, والأرمن فى لبنان والبربر فى المغرب العربى... واعتبر فيه أقباط مصر أقلية .

وقد عقد المؤتمر فى جزيرة قبرص بعد رفض السلطات المصرية إقامته على أرضها !عانى الدكتور سعد الدين من الظلم الفج من النظام المباركى فاعتقل بتهمة تلقي أموال من الخارج, وحكم عليه بالسجن لمدة سبع سنوات بتهمة "الإساءة لصورة مصر" و"الحصول على أموال من جهات أجنبية دون إذن حكومي" شارك الدكتور سعد الدين ابراهيم بعد خروجه من السجن الأقباط همومهم, وكان الشريك الدائم لكل مؤتمرات المهندس عدلى أبادير التى دولت قضية اضطهاد الأقباط فى المحافل العالمية بل تبنت الأقليات فى المنطقة فى المؤتمر العالمى للأقليات فى الشرق الأوسط بزيورخ عام 2006 بحضور أقليات كردية وسنية وشيعية وصابئة ومندائيين وأمازيغ وأرمن علاوة على الأقباط .

ويتبادر أيضاً إلي الذهن سؤال غاية في الخطورة طرح على الساحة وهو: ماذا حدث للدكتور سعد الدين أثناء فترة السجن ؟ ولماذا حماسه لنظام الإخوان الفاشى ؟! سؤال يردده العديد من النشطاء السياسيين والحقوقيين منهم بخاصة يعرف الدكتور سعد بـ"عراب الإخوان" لدى الإدارة الأمريكية وهو وفق رأيهم أول من قدم الإخوان للإدارة الأمريكية! لاقى الدكتور سعد عتابًا شديدًا من الكل خاصة تعضيده لجماعة الإخوان المسلمين خاصة لأنهم إقصائيون عنصريون .... وكان رد الدكتور على تلك التهم ؛ أنه رجل حقوقى وأن من ذاق الظلم عرف معنى العدل وأثبت من الواقع أنه هيهات لجماعة الإخوان أن تعرف معنى العدل .

تقابلت مع الدكتور سعد الدين فى مصر العام الماضى ودعانى لحفل إفطار شهر رمضان التى حضر فيها العديد من الحقوقيين وكعادته كان رجلًا منفتحًا لايعمل فى الخفاء فهمت من حديثه أنه يسوق للجماعات السلفية لدى الإدارة الأمريكية التى نجحت بشكل كبير ؛ وجاء هذا التصرف خاصة بعد أن صدم من الإخوان الذين أثبتوا أنهم جماعة سرية أجادت تقسيم الوطن ليس لمسلم ومسيحى فقط بل إخوانى وغير إخوانى ولم تستمع له بعد أن تعانقت مصالحهم مع الإدارة الأمريكية خاصة بعدما قدموا لأمريكا كل ما تحتاجه من تنازلات تخص أمن إسرائيل والتعهد بتحييد حركة حماس الإخوانية وتصدير الغاز والتفاهمات بشأن سيناء لقبول عدد من الفلسطينيين لتقليل الضغط عن السلطة الإسرائيلية وفكرة الوطن البديل .

وقد هالني بالفعل موقف الدكتور سعد الدين إبراهيم فهو معلم وصديق وأكاديمية حقوقية وعلمية وبشرية متحركة , فهو يكرر نفس الأخطاء السابقة وهو يقدم الآن الجماعات السلفية للإدارة الأمريكية كبديل للفصيل الإخواني معتقداً أنها لن تخون ولن تعمل فى الخفاء وستصون العهد والود ولن تحيد عن العمل الحقوقى أو لأجل مصر .

أتعجب من هذا السعي الدؤوب لتقديم الجماعات السلفية للإدارة الأمريكية والذى نجح فيه بالفعل . وظهرت نتائجه جلية في زيارة بعض رموز السلفية لأمريكا مؤخرًا ومقابلتهم لشخصيات بارزة فى البيت الأبيض !

وأصبحت السفارة الأمريكية قبلة التيارات السلفية والصور التى لاتكذب أثبتت أنهم مثل الجماعات الدينية تلعب بالكل وتسخر من الكل وصورة أعضاء الجماعات السلفية فى السفارة الأمريكية يوم العيد القومى الأمريكى كيف أن الجميع وقفوا لتحية العلم الأمريكى ولقائهم مع السفيرة الأمريكية باترسون المتبرجة بدون غطاء رأس ومد أيديهم بالسلام الحار .... على الرغم من عدم وقوفهم لتحية العلم المصرى أو على روح قداسة البابا شنودة حدادًا.

ووفق رواية الدكتور سعدالدين فهو قد التقى بإحدى قيادات الإخوان المهمة, وسألهم بعد الانتخابات البرلمانية السابقة لماذا الرشوة والزيت والسكر ؟ فكان ردهم عليه الحرب خدعة يا دكتور !! مما أثار استياء الدكتور وامتعاضه فقال أى حرب وأى خدعة ... الشىء المحزن أن الدكتور سعد الدين إبراهيم لم يتعلم من أخطائه فها هو يعيد الكرة ويستبدل الإخوان الذين أداروا له ظهرههم بعد أن قدمهم للأمريكان لدرجة أنهم تجنبوا اللقاء به أو دعوته فى أية مناسبة ؛ يستبدلهم بالسلفيين .

والأستاذ الدكتور العزيز على قلوبنا جميعاً يعلم تمام المعرفة أن تلك التيارات الدينية ليس لديها دين, ولا أخلاق ولا آدمية.. ويعرف أنها تيارات تلعب بالكل لحساب نفسها وللأسف هذا ما تعلمه أمريكا سفيرتها باترسون تمام المعرفة.

ترى هل هذا التكتيك لكسر الإخوان أم لكسر الوطن ؟ ام استبدال نظام فاشى دينى بفاشى دينى آخر ؟!

Medhat00_klada@hotmail.com

الجريدة الرسمية