رحيل مهندس الخراب.. وفاة «برنارد» مخطط سايكس بيكو2 لتقسيم الدول العربية
توفي برنارد لويس مخطط مشروع سايكس بيكو2، وتقسيم الدول العربية، عن عمر ناهز الـ 1.1 عام، قضى معظمها في رسم خارطة الفوضى الخلاقة وتقسيم منطقة الشرق الأوسط بإغراقها في الخلافات المذهبية، حسب جريدة واشنطن بوست الأمريكية.
ولد لويس في 31 مايو، عام 1916، لأسرة يهودية إشكنازية، ويعد كتابه "من بابل إلى التراجمة: تفسير الشرق الأوسط"، أحدث ما ترجم إلى اللغة العربية وترجمه في 865 صفحة المترجم الراحل طلعت الشايب، وصدر عن المركز القومي للترجمة.
وجاء تقديم طلعت الشايب لترجمته لهذا الكتاب تحت عنوان "هكذا تكلم برنارد لويس"، مشيرًا إلى أنه صادر في طبعته الإنجليزية في العام 2004، وكتبه صاحبه على مدى نحو نصف قرن.
مادة هذا الكتاب الضخم تتألف من 51 فصلا، تتناول التاريخ على نحو أو آخر، ولا تلتزم التسلسل الزمني، بيد أنه وضعها تحت ثلاثة عناوين رئيسية: "التاريخ الماضي"، و"التاريخ المعاصر"، وهما قسمان متداخلان، رغم أن الثاني يناقش العمليات التاريخية أثناء حدوثها على الأقل.
أما القسم الثالث فجاء تحت عنوان "عن التاريخ"، وتعرض مادته لمهام وواجبات المؤرخ ومشكلات الكتابة التاريخية وما يتهددها من أخطار، خاصة إذا كان الموضوع هو كتابة تاريخ الشرق الأوسط، مسرح التغيرات الجوهرية في النصف الثاني من القرن العشرين.
وبحسب الشايب، فإن مادة هذا الكتاب هي "رواية" برنارد لويس، هي رؤيته بعد حفر وتنقيب في التاريخ،، وموضوعه تاريخ الشرق الأوسط وتاريخ الإسلام الذي يأخذه حتما إلى جوانب "حساسة" في نظر معارضيه.
كما أنه يرفض - حسب ملاحظة الشايب - أن هناك موضوعات "محرمة"، ينبغي عدم اقتراب المؤرخين منها.. ويرى التاريخ الإسلامي جزءا مهما وأساسيا من التاريخ الإنساني، فمن دونه لن يكون تاريخنا – يقصد الغرب - نفسه مفهوما لنا بشكل كامل.
وبرنارد لويس، الممزق بين من يرونه عدوا للإسلام وبين من يرونه مدافعا عن الإسلام، يراه طلعت الشايب كاتبا للتاريخ على هوى "المحافظين الجدد" في أمريكا، وبالتالي فالعنوان الأدق لكتابه هو "هكذا تكلم برنارد لويس"، وذلك حتى لا يختلط الأمر على القارئ فيتصور أن "هكذا تكلم التاريخ"، وأن تفسير المؤرخ هو ما نطق به التاريخ بالفعل.
طلعت الشايب يرى أن التاريخ اختراع المؤرخين، وأن بعضهم يخترع للمستقبل الذي يريده الماضي الذي يناسبه، لكي تبدو ولادة المستقبل من الماضي والحاضر طبيعية، وختم تقديمه بأنه اختار ترجمة هذا الكتاب لأن المختارات التي يضمها أفكار كتبه التي صدرت بعد ذلك، تتردد فيها أصداؤها، وينقل منها صفحات كاملة، وينقل منها صفحات كاملة يضعها في سياقات جديدة.
برنارد لويس أستاذ فخري بريطاني أمريكي لدراسات الشرق الأوسط في جامعة برنستون، تخصص في تاريخ الإسلام والتفاعل بين الإسلام والغرب، اجتذبته اللغات والتاريخ منذ سن مبكرة، اكتشف عندما كان شابا اهتمامه باللغة العبرية ثم انتقل إلى دراسة الآرامية والعربية، ثم بعد ذلك اللاتينية واليونانية والفارسية والتركية.
تخرج عام 1936 من كلية الدراسات الشرقية والأفريقية (SOAS)، في جامعة لندن، في التاريخ؛ مع تخصص في الشرقين الأدنى والأوسط، حصل على الدكتوراه بعد ثلاث سنوات، من الكلية نفسها متخصصا في تاريخ الإسلام.
اتجه لويس أيضا لدراسة القانون، وأراد أن يصبح محاميا، ثم عاد إلى دراسة تاريخ الشرق الأوسط 1937.. التحق بالدراسات العليا في جامعة باريس السوربون، حيث درس مع لويس ماسينيون وحصل على "دبلوم الدراسات السامية" في 1937، عاد إلى SOAS في عام 1938 كمساعد محاضر في التاريخ الإسلامي.
أثناء الحرب العالمية الثانية، خدم لويس في الجيش البريطاني في الهيئة الملكية المدرعة وهيئة الاستخبارات في 1940، ثم أعير إلى وزارة الخارجية، وفي عام 1949، عين أستاذا لكرسي جديد في الشرق الأدنى والأوسط وهو في الثالثة والثلاثين من العمر.
انتقل للولايات المتحدة الأمريكية وعمل كأستاذ محاضر بجامعة برنستون وجامعة كورنل في السبعينيات.. حصل على الجنسية الأمريكية سنة 1982 كما نال جوائز من قبل مؤسسات تعليمية أمريكية لكتبه ومقالاته في مجال الإنسانيات.