معركة نوبل.. هل أفسدت علاقة يوسف إدريس بنجيب محفوظ
يوسف إدريس، واحد من الأسماء العظام والكبار في عالم القصة القصيرة إلى حد أن وُصف بأبو القصة القصيرة وسيدها في مصر والعالم العربي في ستينيات القرن الماضي، وهو جراح تمكن من أن يحول مشرطه إلى قلم يحيك به خيالات ووقائع في كلمات تصل إلى القارئ من النظرة الأولى.
الصراع مع نجيب محفوظ
تعددت الروايات التي تتحدث عن الأزمة ما بين يوسف إدريس ونجيب محفوظ، يقال إن إدريس وُعد من كبار رجال الدولة بأن يكون المرشح الوحيد لجائزة نوبل للأدب، وأعلن إدريس نفسه في أكثر من محفل أن بعض أعضاء اللجنة تسرب منهم أنهم يؤيدون حصول يوسف إدريس للجائزة وهم متأكدون من ذلك، وهكذا ارتفعت آماله وتوقعاته إلى الدرجة التي جعلته يتحدث وكأنه قد حصل عليها بالفعل، إلا أن الرياح جاءت بما لا تشتهي السفن، على حين غرة أعلن فوز الأديب نجيب محفوظ بنوبل للآداب!
على قدر الصدمة كان قدر غضب إدريس، فراح يشنع هنا وهناك بنزاهة الجائزة وقالها بمنتهى القوة والشجاعة: «أنا الأحق من نجيب محفوظ».
«قبل صدور نتيجة الجائزة أكد منظموها أنها من حق يوسف إدريس، وزارونا في المنزل، وأجروا حوارًا معه لصحيفة (التايمز) أعلنت فيه أنه المرشح لجائزة نوبل، وذلك لأنه الأحق والأكثر فنًا من نجيب محفوظ، وبعد إعلان النتيجة تفاجأ إدريس بفوز محفوظ، الأمر الذي أثار استياءه بشكل كبير، وكانت بمثابة صدمة له»، تقول زوجة الأديب يوسف إدريس.
الأمور كانت محسومة بالنسبة ليوسف إدريس، رجال الدولة يؤيدونه، أعضاء لجنة نوبل يؤيدونه، صاحب غزارة وإنتاج ثري في عالم القصة القصيرة، إذن لا شيء ينقصه.
كان إدريس معتزا بنفسه كثيرا، فهو صاحب إنتاج غزير ويبلغ من العظمة كثيرا وترجمت عدد من قصصه إلى أفلام ومسرحيات وذهب به الرفض القاطع لعدم حصوله على نوبل أن وجه سهامه مباشرة في قلب «محفوظ» قائلا: «حصول نجيب محفوظ على الجائزة لم تكن بسبب تفوقه الأدبى لكن لأجل أسباب سياسية من أهمها تأييد محفوظ لزيارة السادات لإسرائيل ومعاهدة السلام».
عظمة الرفض
وفي عام 1964 رفض جان بول سارتر جائزة نوبل، كان الأمر في غاية الغرابة حينها وكان محط أنظار العالم أجمع، واحتفي العالم كله بهذا الرفض، وبدوره أدلى يوسف إدريس بدلوه في ذلك الحدث الهام، إذ خط مقالا حمل عنوان «جائزة رفض الجائزة»: «كثيرا ما يسأل القارئ نفسه : الكاتب.. أي نوع من الرجال هو ياتري ؟ أهو فنان مهووس بنثر الكلمات والقصص على الناس كما ينثر المجاذيب دخان مباخرهم على رواد الأضرحة والكنائس ؟ أهو الإنسان الذي يعرف كيف يكتب مثلما يعرف غيره كيف يعوم أو يرقص ؟ أهو رجل كشف عنه الحجاب ؟ هو ذو فراسة كقارئ البللورة وضارب الودع ؟ أهو دجال ؟ أهو بطل ؟ أهو جرئ يقول ما يخشي الآخرون قوله ؟ أم جبان يحتمي من الحياة خلف الكلمات؟..من يكون ذلك الكاتب ؟ ولماذا يكون؟ ".
في الجانب الآخر بماذا علق محفوظ على ذلك الهجوم، حسب الكاتب الصحفي إبراهيم عبدالعزيز، مؤلف كتاب "ليالي نجيب محفوظ في شِبرد"، قال محفوظ: «إن يوسف إدريس لا يستحق جائزة نوبل، ويكفيه حصوله على جائزة صدام حسين».
كما أشار الكاتب محمد سلماوى في مقال له تضمن في فقراته الأزمة التي وقعت ما بين نجيب محفوظ ويوسف إدريس قائلا: «لم يغضب محفوظ، بل على العكس تماما، أذكر أننى كنت معه في مكتبه إثر هدوء هذه الزوبعة، واتصل به يوسف إدريس متراجعا عن موقفه، وقال للأستاذ نجيب: «لاتصدق ما سمعته عنى فهو غير صحيح»، فإذا بمحفوظ بدلا من أن يعاتبه أو يوجه له اللوم يقول له: «أنا ماسمعتش حاجة».