سيناريوهات الحرب على جمهورية «الملالي».. السيسي حذر من نشوبها.. وتل أبيب في مرمى صواريخ «عماد» الإيرانية.. الزيات: قدرات إيران العسكرية لم تتطور منذ الحرب الباردة.. والاقتصاد كلمة
الحرب ضد تنظيم داعش الإرهابي، استنزفت موارد المنطقة وشغلتها عن مشكلاتها الأساسية، ومع اقتراب انتهاء عملية تطهير المنطقة وبدء تثبيت دعائم الدولة الوطنية، بدأت تطفو على السطح أزمة جديدة قد تأتى على الأخضر واليابس، وتدفع المنطقة دفعا إلى حرب عالمية ثالثة، لن تتمكن أي دولة من النأي بنفسها عن تداعياتها، وهى أزمة الاتفاق النووى الإيراني، وما تلاها من مناوشات عسكرية بين إيران والاحتلال الإسرائيلى على الأراضى السورية.
انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الذي أبرمته خمس قوى عالمية مع إيران للحد من أنشطتها النووية، مقابل تخفيف العقوبات الاقتصادية عليها، يثير عددا من القلاقل في المنطقة التي تعج في الأساس بالأزمات والمشكلات والصراعات، ولا يمكن أن تتحمل مزيدا من الحروب.
حرب إقليمية
هل هناك حرب إقليمية جديدة تطرق أبواب المنطقة؟.. هل يمكن أن تتورط قوى كبرى عالمية في هذه الحرب؟ هل باتت الحرب تنتظر القشة التي ستقصم ظهر البعير؟ وهل نتوقع حدود سيناريو حرب العراق ألفين وثلاثة في إيران؟ ما هو موقع الدول العربية وخاصة الخليجية من الإعراب؟ وهل هناك من يستطيع وقف الانزلاق المتسارع إلى صراع إقليمي شامل؟.. جميعها أسئلة تطرح نفسها بقوة الآن بعد ليلة الخميس التي صالت وجالت فيها الطائرات والصواريخ فوق الجولان المحتل ولبنان.
الضربة مؤجلة
في البداية.. أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية الدكتور طارق فهمي أكد أنه لا توجد أية بوادر لحرب مباشرة حتى الآن، وكل ما يمكن قوله “الضربة مؤجلة ومقيدة لكنها آتية لا محالة”، وأوضح أن “إيران دولة قوية، لكن اقتصادها لا يستطيع احتمال حرب طويلة أو ممتدة، مع الأخذ في الاعتبار أن منظومة الصواريخ “عماد” الخاصة بالإيرانيين قوية، ويمكن توظيفها عند الضرورة، وهو ما تخشاه الدول الأوروبية والخليجية، لأن صاروخ عماد متطور، ويستطيع أن يضرب العواصم الأوروبية، حيث يصل مدى الصواريخ إلى أكثر من عشرة آلاف كم.
وردًا على سؤال، هل ستصمد صواريخ عماد الإيرانية أمام منظومة الدفاع الأمريكية باتريوت المنتشرة في أرجاء القارة الأوروبية، وهل ستمثل تلك الصواريخ الباليستية خطرا على دول الاتحاد الأوروبي أو دول الخليج؟.. أجاب “فهمي” قائلًا: أي خطر يمكن أن تمثله تلك الصواريخ والمنظومات ستتحسب له القوى المواجهة، خصوصا دول الاتحاد الأوروبي، التي ستقوم بالضغط على إيران لتحويل الاتفاق من صيغة 5+1 إلى صيغة 4+1، وهذا هو ما سيحدث خلال الفترة المقبلة، وتابع: “طهران” لن تخرج من الاتفاق النووى الإيراني، لكنها ستناور للحصول على مزايا ومكتسبات جديدة، وستحاول اختراق المواقف الأوروبية، وإحداث انقسام بين بروكسل وواشنطن وتل أبيب، وقال: بالفعل المواجهة بدأت بين الإيرانيين والإسرائيليين من خلال قصف مواقع إيرانية جنوب دمشق، واستهداف منشآت إسرائيلية في الجولان المحتل، ومن المستبعد الآن توجيه ضربة إسرائيلية للمفاعلات النووية الإيرانية، لاعتبارات عديدة لوجستية وأمنية ومعلوماتية، لكن إسرائيل ستستهدف مناطق النفوذ الإيرانى في سوريا ولبنان حتى إشعار آخر.
المفاعلات النووية
وكشف وجود ضغوط تمارس على الحكومة الإسرائيلية لضرب المفاعلات الإيرانية، مثلما قام أولمرت بضرب المفاعل السوري، ومناحم بيجين بضرب المفاعل العراقي، مشددًا على أن الرد الإيراني على انسحاب واشنطن من الاتفاق النووى أو الضربات الإسرائيلية لمناطق النفوذ الإيرانى حتى الآن محكوم ببعض الضوابط، منها ضوابط متعلقة بارتباك الداخل الإيراني والضغوط التي تتم ممارستها على الرئيس الإيرانى حسن روحاني، لكن الأكيد أن طهران تستعد للقيام بعمليات تكتيكية وإستراتيجية في المنطقة، ولافتا إلى أن هناك مخاوف حقيقية من قيام إيران بتحريك وتأليب العناصر الشيعية في منطقة شرق السعودية من جانب أو في البحرين من جانب آخر.
“فهمي” كشف أن بيان الخارجية المصرية حول الاتفاق النووى الإيراني جيد، لكن الموقف المصري بعد تقييم الوضع يحتاج إلى مراجعة؛ لأن مصر ترى أن الخطر الأكبر هو إيران وإسرائيل، مشيرا إلى أن مصر ستدعو إلى منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل بالنسبة إلى إيران وإسرائيل.
موقف القاهرة معلوم
في السياق شدد الدكتور مجاهد الزيات، مدير المركز القومى لدراسات الشرق الأوسط، على صعوبة قيام مواجهة مباشرة بين طهران وحلفائها من جهة وبين واشنطن وحلفائها في المنطقة من جهة أخرى، وتابع: “إذا كانت درجة العداء قد زادت بين أمريكا وحلفائها في المنطقة مثل دول الخليج وإسرائيل من جانب وإيران وأذرعها من جانب آخر، فإنه غير مرجح أن نشاهد هجوما مباشرا على إيران؛ لأنه سيقود بالضرورة إلى حرب شاملة لا يستطيع أي طرف من الأطراف تحملها".
وفيما يتعلق بالموقف المصري قال “الزيات”: القاصي والداني يعلم موقف القاهرة من الصراع مع إيران، والذي تكرر كثيرا على لسان الرئيس عبد الفتاح السيسي في كل المحافل الدولية، فالرئيس السيسي أكد مرارا وتكرارا أن المنطقة لا تتحمل حروبا جديدة سواء مع حزب الله أو إيران أو حتى إسرائيل، لاعتبارات عديدة في مقدمتها أن الحرب على الإرهاب لم تضع أوزارها بعد، في ظل التقارير التي تؤكد أن قيادات وعناصر داعش في سوريا والعراق انتقلوا إلى ليبيا، كما أن تداعيات ما بعد داعش لم تتضح معالمها، لكن في نفس الوقت شدد السيسي دائما على أن أمن دول الخليج خط أحمر، وأن أمن الدول الخليجية جزء لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، واختصرها السيسي في عبارة “مسافة السكة”.
مناوشات إقليمية
أما الخبير العسكري اللواء نصر سالم، رئيس جهاز الاستطلاع الأسبق بالمخابرات الحربية، فأكد أن إيران لا تستطيع الدخول في حرب مباشرة في الوقت الحالي، لاعتبارات مختلفة مثل القدرة التسليحية أو الاقتصادية، مشيرًا إلى أنه بالرغم من أن طهران استطاعت تطوير ترسانتها من الصواريخ الباليستية على مدى السنوات الماضية، فإن دبابات الجيش الإيرانى لن تستطيع مواجهة الدبابات الإسرائيلية أو الأمريكية، كذلك الطائرات الإيرانية لن تستطيع الصمود أمام الطائرات الـ إف 35.
وأوضح “سالم” أن “القدرات العسكرية الإيرانية لم تتطور منذ وقت الحرب الباردة بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفييتي، وحتى الصواريخ الباليستية الإيرانية لن تستطيع اختراق منظومة الدفاع الأمريكية باتريوت المنتشرة في أرجاء دول الخليج والقارة الأوروبية أو حتى اختراق منظومة القبة الحديدية الإسرائيلية، وأرى أن طهران ستكتفى بإحداث بعض المناوشات باستخدام أذرعها في اليمن وسوريا ولبنان والبحرين، لإحداث قلاقل لإسرائيل وبعض دول الخليج، والحصول على مكاسب على الأرض بقيادة فيلق القدس بالحرس الثورى الإيرانى المسئول عن الدعم العسكري الخارجى للقوى الحليفة لإيران.
"نقلا عن العدد الورقي..."