ما بعد الانتخابات الرئاسية (5)
لا شك أن الجامعات والمعاهد العليا - في أي دولة في العالم - تمثل رأس الحربة في طريق النمو والتقدم والازدهار، وهو ما يجعلها تحظى باهتمام غير عادى من قبل مؤسسات الدولة.. في مصر تحتاج الجامعات إلى إعادة نظر، من حيث أعداد الطلاب عامة من ناحية، وتوزيع هؤلاء الطلاب على الكليات من ناحية أخرى..
على سبيل المثال، لدينا أعداد هائلة من الطلاب في الكليات النظرية، كالتجارة والحقوق والآداب.. ولا أتصور أن الدولة في حاجة إلى هذه الأعداد، التي تكلفها فوق طاقتها، فضلا عن أن كثيرا من هؤلاء الطلاب لا يجدون أعمالا بعد التخرج، بل يضيفون إلى مشكلة البطالة والفراغ ما يزيد العبء على كاهل المجتمع.. وعادة ما يمثل هؤلاء رصيدا لا بأس به لدعاة العنف والإرهاب والتطرف..
والسؤال الذي يطرح نفسه هو: أليس من الأجدى إعادة النظر بشكل موضوعى ومنصف في هذه القضية؟ لماذا لا يتم توجيه هؤلاء بعد الثانوية العامة إلى معاهد عملية تطبيقية وفنية لمدة عامين فقط؟ بل من الممكن أن تكون هناك معاهد بعد الإعدادية ولمدة ٣ أو حتى ٤ أعوام..
وبالتالي نستطيع أن نوفر للمجتمع أعدادا كبيرة من أصحاب التخصصات المختلفة في الزراعة والصناعة والطاقة، بكل أنواعها، شريطة أن تنال من التدريب أثناء الدراسة ما يحقق لها الكفاءة المطلوبة، بحيث تخرج إلى العمل مباشرة..
هذا الأمر يحتاج إلى:
١) خطة شاملة وكاملة ومدروسة من ألفها إلى يائها، شريطة أن تحظى بموافقة الخبراء والمتخصصين.
٢) إجراء دراسة دقيقة لمعرفة متطلبات سوق العمل، خلال المرحلة المقبلة ولمدة عشر سنوات، على الأقل.
٣) توفير أعداد مناسبة من المدرسين (العاملين والمهرة)، في هذه التخصصات، مع تأهيلهم وتدريبهم كل فترة حتى يقوموا بالمهمة خير قيام.
٤) إعداد خطة لتغيير نظرة المجتمع إلى هذه النوعية من العمالة، بحيث تكون لها مكانتها الاجتماعية المحترمة، فضلا عن ضرورة توفير رواتب تكفل لها حياة كريمة.. وهذا وذاك يتطلبان جهدا كبيرا من أجهزة الإعلام، علاوة على وزارات الثقافة والشباب والرياضة والتضامن الاجتماعى، فضلا عن وزارة المالية.
كلمة أخيرة أقولها بصراحة في هذا الصدد وهى أنه ما لم يتبن الرئيس السيسي هذه الفكرة، مع تكليف مؤسسات بعينها لتنفيذها ومتابعتها، فلن تجد طريقها إلى النور، والله المستعان وعليه التكلان..