رئيس التحرير
عصام كامل

«النونو وأبو صلاح وليلى».. زهور عرت بني صهيون في عيدهم

فادي أبوصلاح
فادي أبوصلاح

مع كل محطة أو استحقاق أو ذكرى، تتجدد معاناة الفلسطينيين وتضحياتهم، فالشهادة والدم رفيقا حياتهم بشكل مستمر، مع الاحتلال ليس هناك فرق فالكل أمام أسلحتهم سواء، رضع وأطفال وشباب وشيوخ، يحفرون بدمائهم الطاهرة رموزا ومعاني الشجاعة والمعاناة، ربما ينساها الناس وسط الأزمات المتجددة كل يوم ولكن ثابتة في ذاكرة التاريخ والأرض المباركة.


ليلى الغندور
الرضيعة الفلسطينية ليلى الغندور، لم يمهلها الموت حتى تشهد بنفسها تجسيد حلم العودة، استشهدت مختنقة، فالزهرة الصغيرة ذات الـ8 أشهر، فارقت الحياة تاركة وراءها ألف سؤال: بأي ذنب قُتلت ليلى؟ لتأتي الإجابة سريعا من قِبل محتل سرق أرض أجدادها: لأنها فلسطينية.

ارتقت روح ليلى في يوم احتشد فيه الفلسطينيون في مسيرات سلمية تحمل مفاتيح عودتها لحلم قديم، وقالت والدة الشهيدة وهي تبكي طفلتها: إنها كانت بين أحضانها حين شعرت بثقل مفاجئ في وزن الصغيرة، وبتغيّر في لون وجهها، ووقتها أدركت أن دورها حان لتقدّم للوطن شهيدا.

النونو
الفلسطيني معتز النونو كان من أوائل الفلسطينيين الذين منحوا دماءهم للجرحى المصابين خلال الاعتداءات الإسرائيلية الأخيرة على المشاركين في مسيرات العودة على حدود قطاع غزة، ووقف مع عشرات الشباب أمام مستشفى الشفاء للتبرع بدمائهم للمصابين الذين تخطوا الآلاف خلال الأسابيع الأخيرة احتجاجًا على نقل سفارة الأمريكية في إسرائيل إلى القدس المحتلة.

وفي خضم الأحداث المأساوية والأجساد التي تنزف كانت الأطقم الطبية بقطاع غزة تعمل بكل ما في وسعها لإنقاذ المصابين، وكان من بين الأطباء معتصم النونو الذي تابع عمله وسط الأجواء القاتمة والمواد الطبية الشحيحة، وفوجئ معتصم بجثة قادمة، كان يعرفها عن ظهر قلب، إنها جثة شقيقه معتز النونو، ليحاول إسعاف أخيه لكن النهاية كانت محتومة وبات معتز النونو شهيدًا جديدًا يضاف إلى قائمة عشرات الشهداء في ذلك اليوم.

أبو صلاح
فادي أبو صلاح شق طريقه وسط الجماهير، ليتقدم الصفوف بإرادة التحدي، وهو يدفع بعجلات كرسيه المتحرك صوب جنود الاحتلال الإسرائيلي المنتشرين خلف الكثبان الرملية وراء السياج الفاصل شرق قطاع غزة.

الرابع عشر من مايو 2018 لم يكن يوما عاديا في حياة فادي؛ فقد استقبله بمنشور على صفحته على "فيس بوك" يدون فيه الذكرى العاشرة لإصابته بصاروخ إسرائيلي أدى إلى بتر قدميه في الرابع عشر من مايو 2008، لتكون الكلمات الأخيرة له، قبل أن تصيب قلبه رصاصة إسرائيلية قاتلة عصر أول أمس الإثنين، ليلحق بشهداء غزة في مظاهرات الغضب ضد نقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة.

لم يترك الشهيد مخيم العودة منذ إقامته في 30 من مارس الماضي شرق بلدة خزاعة جنوب شرق غزة، وكان يحفز الشباب على التمسك بحق الفلسطيني بأرضه التي هُجّر منها قسرًا عام 1948، ليبدد عوامل الضعف من بين صفوف المتظاهرين، ولكن بتر قدميه لم يغير مسار نضاله ضد وحشية الاحتلال، بل زاده إصرارًا على السير في طريق النضال الفلسطيني حتى النهاية.

ولا تزال فلسطين تقدم أرواحها، لتكتب سطورا من المكافحة والمروءة العربية التي يتحملها شعبها وحده في مواجهة براثن الاحتلال الذي بدأ متخفيا والآن تعالت أصواته وبات يتحدى العالم علنا في اغتصاب القدس والأراضي الطاهرة.
الجريدة الرسمية