تحيا سوريا
لسبب مهني لا أنام ليلي كاملًا.. أستيقظ عدة مرات متابعا مع زملائي في مواقع العمل الليلية ما يجري.. غارة الغدر الصهيونية على أهداف في سوريا لم تكن جديدة على عدو غاشم استباح كل المحرمات، وابتنى دولته بعصابات القتل المأجورة.. شيء ما زلزل كياني.. مضى كالنار في شراييني.. شل تفكيري.. وأد كل سنوات الحق في حفرة عميقة بلا نهاية.. أزهق كل الحقائق التي عشتها مواطنًا عربيًا يقاوم الغصب والقهر بالرفض تارة، وبالحرب تارة وبالصمت تارة.
كل شيء تغير بين يوم وليلة عندما باركت عواصم عربية غارة صهيونية على شعب عربي لا يزال يقاوم وحده كل صنوف القتل والتدمير والخراب.. عندما زفت فضائيات عربية أخبار البشارة الصهيونية بعبارات تأييد مخجل.. عندما عانق حكام عرب بعضهم بعضا، مهنئين ومباركين ومتضامنين.. عندما رأيت التاريخ يكتب من جديد بأقلام الخيانة.. عندما رأيت كيف يصبح الذئب حملا وديعا وتصير المقاومة ركاما يجب الخلاص منه.
قلبت رأسي بين كفي.. وضعت ثلجا فوق عنقي.. أعدت قراءة التصريحات عدة مرات.. نعم هم بأسماء عربية.. نعم هم حكام عرب.. نعم يتحدثون بلغة الضاد.. عميد الصحافة المهلبية يشكر بنيامين نتنياهو.. حاكم عربي بغترة وجلباب يبارك الصواريخ الساقطة فوق رءوس أهلنا في دمشق وأمير عربي يعلن أن فلسطين ليست أولوية على أجندة بلاده، وآخر يرى أن الكيان المحتل من حقه الدفاع عن نفسه.
في ذات اللحظة كان أشقاؤنا في فلسطين المحتلة يجهزون الأكفان لجمعة عودة قادمة.. عودة إلى الأرض حتى لو كانت دفنا.. كانوا يضمدون جراح المئات المقذوفة أرجلهم وصدورهم ببارود صهيوني لعين.. في ذات اللحظة كان الأمريكيون مشغولين بنقل سفارتهم إلى القدس، وكان ترامب يعلن على الملأ أنه أجرى مكالمة واحدة وفر فيها مليار دولار لنقل سفارة بلاده إلى القدس.. بالطبع كانت المكالمة مع حاكم عربي، وكان المال عربيا والضحايا.. قدس.. وأطفال فلسطين وشباب وشيوخ سوريا.
قلبت رأسي مرتين وعدت إلى ذاتي فإذا كان جيش سوريا الحر رمزًا للثورة ومدعومًا من تل أبيب وممولًا من ممالك عربية تدفع ثمن شرعيتها للعم سام وإذا كان الجيش العربي السوري المدافع عن وطنه هو جيش النظام الخائن للثورة.. قررت أن أكون كما كنت منذ بدء الحرب على سوريا.. أنا مع الجيش العربي السوري.. أنا مع إيران إن كانت تدعم سوريا ومع كل دولة تدعم سوريا.. ولن أكون مع الصف الخائن الذي يبارك غارات الغدر على شعب عربي.. تحيا سوريا وتسقط كل الأنظمة التي تخون التاريخ والشهداء والدماء التي سالت.