رئيس التحرير
عصام كامل

مروة عطية تكشف أصل كلمة فانوس رمضان وبداية ظهوره

الدكتورة مرة عطية
الدكتورة مرة عطية

قالت الدكتورة مرة عطية المتخصصة في الآثار الإسلامية، إن فانوس رمضان هو أحد المظاهر الفلكلورية والشعبية الأصيلة بمصر والتي ارتبطت بشهر رمضان حيث أصبح سمة هامة من سمات الشهر الكريم وجزءا لا يتجزأ منها، ظهر الفانوس قديما وكان الغرض الرئيسي منه إنارة الشوارع ليلا.


وأكدت أن أصل كلمة فانوس يرجع إلى اللغة الإغريقية وتشير إلى وسائل الإضاءة وفي بعض اللغات السامية يسمي الفانوس "فيناس" ويذكر الفيروز أبادي مؤلف كتاب القاموس أن أصل معنى كلمة فانوس هو (النمام) لأنه يظهر صاحبه وسط الظلام، ولقد ظهر شكل الفانوس كمشكاة مستقلة، جوانبها من الزجاج يوضع فيها المصباح ليَقِيَهُ من الهواءَ أَو الكسر إما أن يعلق أو يحمل فيقال: "تجوَّل ليلًا وبيده فانوس" و" أَشْعَلَ الْفَانُوسَ وَتَقَدَّمَ الْقَافِلَةَ".

هذا بالنسبة لأصل كلمة فانوس أما بداية استخدامه فتوجد عدة حكايات بهذا الشأن، أن أول من عرف فانوس رمضان هم المصريين وذلك يوم دخول الخليفة الفاطمي المعز لدين الله الفاطمي للقاهرة قادما من الغرب وذلك في يوم الخامس من رمضان عام 358 هجرية وخرج المصريين ليلا في موكب كبير من رجال وأطفال ونساء حاملين المشاعل والفوانيس الملونة وذلك لاستقباله وإضاءة الطريق له ومن هنا ظلت الفوانيس تضئ شوارع المحروسة حتى آخر شهر رمضان ومن ثم أصبحت تقليدا يلزم بها كل عام.

والرواية الثانية تقول إن: الخليفة الفاطمي كان دائما ما يخرج إلى الشارع في ليلة رؤية هلال رمضان لاستطلاع الهلال وكان الأطفال يخرجون معه ويحمل كل منهم فانوسًا ليضيئوا له الطريق، وكانوا يتغنون ببعض الأغاني التي تعبر عن فرحتهم بقدوم شهر رمضان.

الرواية الثالثة تقول: إنه لم يكن يُسمح للنساء بالخروج سوى في شهر رمضان فكن يخرجن وتقدم كل امرأة غلامًا يحمل فانوسًا لينبه الرجال بوجود سيدة في الطريق حتى يبتعدوا مما يتيح للمرأة الاستمتاع بالخروج ولا يراها الرجال في نفس الوقت،وسواء كانت أي من الروايات صحيحة فسوف يظل الفانوس عادة رمضانية رائعة تجلب السرور والبهجة على الأطفال والكبار وتحتفي بقدوم شهر رمضان المبارك.

ومن ثم انتقلت فكرة الفانوس من مصر إلى دمشق وحلب وغزة والقدس وذلك يرجع إلى الصلات الاجتماعية والتجارية المتبادلة آذن ذلك.

وكان للأزهر دور مهام في إحياء شهر رمضان في مصر، حيث كان منبرا للشعائر الدينية، فضلا عن كونه جامعة يتلقي طلاب العلم بها من كل مكان لينهلوا من علم شيوخه.

وحينما يقرب هلال الشهر الكريم، كان يعهد القضاة ورجال الخلفاء والوزراء بالطواف بالمساجد والأحياء في جميع الأنحاء لتفقد الإصلاحات والفرش والزينات والمسارج والقناديل والتجديدات والاستعدادات لاستقبال الشهر بأنفسهم، وكان الخليفة الحاكم بأمر الله أهدى مسجد عمرو بن العاص "ثريا" من الفضة الخالصة، يقال إنها تزن سبعة قناطير، وكانت تسع أكثر من 700 قنديل توقد في ليالي المواسم والأعياد، ولا سيما في رمضان.

وكانت الدولة الفاطمية تخصص حصة من ميزانية الدولة لشراء البخور الهندي والكافور والمسك والعنبر ليتم توزيعها على المساجد خلال الشهر.

ويعتبر المؤرخون الخليفة الفاطمي العزيز بالله أول من ابتدع موائد الرحمن، فكان هو أول من أقام مائدة للإفطار في شهر رمضان ليفطر عليها أهل جامع عمرو بن العاص، كما كان يخرج من مطبخ القصر في عهده ما قُّدِرَ بـ 1100 قدر مما لذ وطاب من الطعام لتوزيعها على الفقراء والمحتاجين، وعن سوق الحلاويين فكان من أبهج مظاهر الاحتفال بالشهر الكريم، حيث فيه – وللمرة الأولى في تاريخ مصر وباقي الدول– يصنع أشكال من الخيول والسباع والعرائس من السُكر، كما كان يُباع فيه "ياميش" رمضان والحلويات التي اشتهر بها رمضان في مصر كالكنافة والقطائف وقمر الدين وجميع أشكال وألوان المكسرات، ويذكر أن الكنافة والقطائف كانت موضع مساجلات بين الشعراء.

أما عن حركة التجارة، فارتبط ازدهارها وبلوغ أوجها في رمضان؛ حيث كانت تقام عددا من الأسواق التجارية منها "سوق الشماعين" و"سوق الحلاويين" و"سوق القماشين" وغيرها، وكانت أهمها سوق الشماعين، التي كانت تقصد لشراء الشموع الموكبية التي تزن الواحدة نحو عشرة أرطال.

واحتفالا برمضان، كانت الأسوق تؤمر بإيقاد الشموع، وتعليق المصابيح في الشوارع والأزقة، وكنس الطرقات، فكان يُجهز لاستقباله كتجهيزات استقبال الملوك والخلفاء.
الجريدة الرسمية