قرارات الحكومة.. والعدالة الاجتماعية
لا شك أن قرارات الحكومة لها ما يبررها في ظل الأوضاع الاقتصادية التي تعيشها مصر في السنوات الأخيرة، وتحديدا ما تلى ثورة 25 يناير 2011، ولا شك أن قرار زيادة أسعار تذاكر المترو أمر أشبه بَتجرع الدواء المر من أجل إنقاذ المريض من داء عضال، وهذا المريض هنا هو مرفق حيوي يقل ملايين الركاب يوميا، غير أن هذا القرار جاء ليزيد العبء على كاهل الفقراء والطبقة المتوسطة أيضا، ويكشف عن العدالة الاجتماعية بعيدة عن رؤية الحكومة.
ومع الإدارك الكامل أن الحكومة تحتاج إلى 226 مليار جنيه لاستكمال الخطوط من الثالث للسادس، فضلا عن ارتفاع كلفة صيانة وتطوير الخطين الأول والثاني، إلا أنه كان بالإمكان أن تختار الحكومة حلا يراعي ما يعانيه المواطن العادي من ارتفاع تكلفة المعيشة بشكل عام في ظل دخله المحدود، مثل أن تزيد جنيها أو جنيهين فقط على سعر التذكرة لجميع المحطات على أن تشهد السنوات المقبلة زيادة تدريجية وفق المستهدف، وبعد أن يكون الوضع الاقتصادي قد تحسن وحدثت زيادات في الدخول والمرتبات.
إن نظرة عابرة لأسعار السلع والخدمات خلال الـ18 شهرا الأخيرة تؤكد حدوث قفزات مهولة لا يمكن بحال من الأحوال أن يتحملها الفقراء والغلابة ومحدودو الدخل، بل إن الطبقة المتوسطة باتت تعاني بشدة أيضا في ظل الزيادات الطفيفة في الرواتب بالنسبة لموظفي الدولة وتراجع أو ثبات دخل فئات أخيرة.
لا نريد من الحكومة أن تتراجع عن قرارات تفرضها ضرورة الظرف الاقتصادي، لكن نريد منها أن تراعي البعد الاجتماعي فلا يمكن أن تتحمل غالبية الأسر في مصر فاتورة زيادة أسعار الكهرباء والغاز والمياه والسلع ووسائل النقل والمواصلات، فضلا عن الزيادات الأخرى المتوقعة خلال الفترة المقبلة طبقا لبرنامج الحكومة في هذا الشأن.. ونقولها - بوضوح – إن مسار الأمور على هذا النحو سيؤدي إلى تخلي الشعب عن انحيازه إلى جانب توجهات الدولة، وقد يصبح من العبث حينها إقناعه بالاصطفاف إلى جانب رؤية الدولة للعبور من هذه المرحلة الصعبة.