رئيس التحرير
عصام كامل

عزومة «عباس العقاد».. تفاصيل آخر لقاء بين «العراب» وناشر كتبه (صور)

فيتو

قبل عشرين عامًا كانت نيفين على موعد مع كتابات أحمد خالد توفيق، عبر صفحات «ما وراء الطبيعة»، ظل الدكتور رفعت إسماعيل على مدى ٨٠ أسطورة، الحارس الأمين لهذه العلاقة، تلتقيه عند الثامنة مساءً يتسامرا سويًا حتى منتصف الليل، يشاركان الطبيب الكهل مغامراته مع مومياء الكونت دراكولا ومستذئب في رومانيا، وهما ذاتهما وآخرين كانا من أول الحضور في حفل تأبينه.


١٩ مارس ٢٠١٨، كان اللقاء الأخير الذي جمع بين نيفين التهامي، المدير التنفيذي لدار كيان للنشر والتوزيع، وزوجها محمد جميل، مدير الدار، ومحبوبهما الدكتور أحمد خالد توفيق، صاحب يوتوبيا وممر الفئران، ومكتبة هائلة من الكتب والروايات، نيفين تتذكر جيدًا تفاصيل هذه اللحظات تقول: «عادة كنا بنتصل إحنا بالدكتور نطمن عليه، لكن في اليوم دا اتصل بيا وقالي عايز أشوفكم».



تتابع: «كان الدكتور في زيارة سريعة للقاهرة، لإجراء مقابلة مع طلاب كلية الإعلام بمدينة نصر، اتصل بي أنا وزوجي، وأكد أنه سيأتي لنا فور أن ينتهي من المقابلة، ولأننا نعي تمامًا حالته الصحية، ومدى صعوبة أن يقطع المسافة من مدينة نصر إلى الهرم، لم نتردد لحظة أن نتخذ القرار ونذهب نحن إليه».

وفي أحد المطاعم الشهيرة بشارع عباس العقاد بمدينة نصر، كان اللقاء الأخير، تصف «نيفين» حالته تقول: "كان مبتسمًا كعادته، ولم تخلو تلك اللحظات التي جمعتنا من السخرية والضحك، كان سعيدًا بحجم المبيعات التي حققتها رواياته بعد إعادة نشرها.

ونحن نتبادل أطراف الحديث لم ينسَ الدكتور أن يعرفنا بقرائه كعادته، كان ينظر إلى وجوه من حوله داخل المطعم، ويشير بيديه ويقول بابتسامته المعتادة: "اللي قاعدين هناك دول من قرائي، أما اللي قاعد هناك ده مش منهم"، هنا بدت علينا علامات التعجب والاندهاش، فنسأل: «بتعرفهم إزاي؟!» يرد: «أنا وقرائي متربيين سوى».



تستطرد: «كانت مقابلة ودودة، إنسانية بامتياز، لم تفسدها تفاصيل العمل والبيزنس، كنا سعداء كثيرًا فنحن الآن في حضرة كاتبنا المقرب رفيق صبانا وشبابنا، في نهاية اليوم أخبرنا أنه سعيد بما حققته رواياته من مبيعات خلال الفترة الأخيرة، واتفق معنا على مشروعات جديدة، وقال بعد أسبوعين كلموني نتفق على كل حاجة، وذهبنا بعدها، على موعد بالاتصال، يوم الوفاة أخبرني زوجي أنه علينا أن نتواصل مع الدكتور اليوم وفقًا لاتفاقنا معه، إلا أننا علمنا بخبر وفاته».

تسترجع بدايات العلاقة المباشرة مع أحمد خالد توفيق، التي نشأت قبل ثلاثة أعوام وحلم الطفولة الذي دفعهم إلى إنشاء دار نشر، تكون كتب «توفيق» على رأس مطبوعاتها، تقول: «محمد كان بيحلم من زمان يكون مسئول دار نشر ويتعامل مع الدكتور أحمد خالد، من كتر ما حبه واتأثر برواياته لأنه من أحد قرائه، فترة الصبا والشباب، وأنا كمان، ولما بدأنا المشروع كان ضمن طموحاتنا التعامل معاه، فاتصل به من ٣ سنين ورحب جدا بس قال وقتها إنه ملتزم بالتعاقد مع دار أخرى لمدة سنتين، احترمنا اتفاقه، وظلت بنا علاقة طيبة، من خلال التليفون، والإيميلات، تواصل من محبيه للاطمئنان عليه، وليس من مديرين لدار نشر».

يبدو أن مارس بالنسبة لنيفين كان تميمة الحظ، تحديدًا مارس ٢٠١٧، تقول: «في حي المهندسين الذي شهد أحد كافيهاته، توقيع أحب وأعظم عقود العمل إلى قلوبنا، جاء العراب ومعه مدير دار ليلى، الذي كان قد عرض علينا قبل أيام، أن ننشر للدكتور ٢٢ إصدارا ما بين رواية وكتاب ومقال، ولم تتردد لحظة واحدة، وعلى الفور شرعنا في الإجراءات اللازمة لذلك، كانت فرحتنا خليطا ما بين كاتب أحببناه، وما بين شرف التعاقد مع عملاق روائي كبير، لكن الإحساس الغارب كان قربنا بمن آنسنا وشكل وجداننا».


«أنا مكتئبة وحزينة جدًا ومش قادرة أتعامل مع العالم من وقتها».. بهذه الكلمات القليلة حاولت نيفين أن تصف ما حل بها منذ وفاة «صاحب يوتوبيا» مؤكدة أن العلاقة التي جمعتهما كانت علاقة أب وليست علاقة عمل، مستطردة: «إحنا بنحبه أوي وهيفضل معانا دايما بروحه الحلوة وكتابته الرائعة، الله يرحمه كان أبا لينا، وإحنا إن شاء الله هنعمل خير باسمه، زي كتير من قرائه، هتبقي حاجة من أولاده محمد ونيفين».



«فكرة الموت بدت لي رهيبة، أنام الآن ثم لا أصحو أبدًا، أن تكون هذه آخر علاقتي بضوء الشمس، والجريدة وطعام الإفطار... ستكون مشاهد جنازتي جميلة ومؤثرة، لكني لن أراها للأسف، برغم أنني سأَحضرها بالتأكيد». توقيع أحمد خالد توفيق.
الجريدة الرسمية