رئيس التحرير
عصام كامل

«مناورات» مافيا التهرب الضريبي والجمركي.. المنافذ غير الشرعية وتزوير المحررات وإخفاء المعلومات واصطناع الفواتير.. والدروباك أبرز الحيل.. وقضية عصام خليل تعيد ملف سرقة المصريين

عصام خليل” رئيس حزب
عصام خليل” رئيس حزب المصريين الأحرار


3.5 مليارات جنيه رقم ضخم كشفته القضية المعروفة إعلاميا بـ«ألاعيب عصام خليل» رئيس حزب المصريين الأحرار، حول مكاسب مافيا التهرب الضريبى على مستوى الجمهورية، حسبما أوضحت إحصائية من وزارة المالية. الرقم كان طرف الخيط الذي أمسك به محرر «فيتو»، في بداية رحلة البحث عن طرق التهرب الضريبى والجمركى ومناورات التجار، والأساليب التي تتبعها الأجهزة الأمنية في تعقب واصطياد عناصر المافيا التي تهدر على الدولة مليارات الجنيهات سنويًا، إلى جانب التعرف على العقوبات التي يتم توقيعها على من يتم ضبطهم.



أهمية الضرائب
في البداية كشف مصدر مطلع أن طرق الاحتيال والتلاعب للهروب من سداد مستحقات الدولة التي تعود على المواطن بالفائدة في صورة خدمات له ولأسرته متعددة، وأشار إلى أن غياب الثقافة الضريبية لدى المواطنين من الأسباب الرئيسية في التهرب الضريبى والجمركى، وحول أبرز الطرق التي تستخدمها مافيا «التهرب»، قال المصدر: في مقدمتها التلاعب بحسابات الشركات، وإخفاء أجزاء من نشاطها التجارى عن مصلحة الضرائب، إلى جانب إدخال البضائع عبر المنافذ غير الشرعية سواء من الحدود البحرية أو البرية، مما يصعب إثباتها في الجهات المعنية.

وتشمل الطرق تقديم بيانات خاطئة عن المبيعات، وعدم إصدار فواتير للبيع والشراء، وتسجيل معلومات عن المبيعات غير دقيقة، بالإضافة إلى عدم التقدم لمصلحة الضرائب في المواعيد المحددة، وتقديم مستندات مزورة ببيانات غير صحيحة عن سداد الضريبة كما يلجأ البعض إلى تقديم الإقرار الضريبى السنوى على أساس عدم وجود دفاتر أو حسابات، مع تضمينه بيانات تخالف ما هو ثابت لديه في السجلات، واللجوء إلى الإتلاف العمدى للسجلات ذات الصلة بالضريبة، قبل انقضاء الأجل المحدد لتقادم دين الضريبة، على سبيل المثال الادعاء بنشوب حريق بمحل العمل لإخفاء الجريمة، وكذا اصطناع فواتير الشراء أو البيع لإيهام المصلحة بقلة الأرباح وزيادة الخسائر لتقليص الضرائب المفروضة عليه، وأوضح أن هناك من يلجأ إلى تبديد مشمول الرسائل الواردة من الخارج، عبر التصرف في السلع المخزنة لديه وبيعها، برغم عدم صدور قرار الإفراج الجمركى.


رسوم الإغراق
المصدر ذاته، كشف – في سياق حديثه- حيلة جديدة لجأ إليها البعض للهروب من رسوم الإغراق، من خلال إدخال السلع من دولة خلاف الدولة الحقيقية المصنعة، وتقديم مستندات بأسماء شركات وهمية في دولة التصدير، للاستفادة من فارق الرسوم، وبتزوير شهادات المنشأ، وإعادة تصدير المنتجات إلى مصر لصالح تجار ومستوردين آخرين للتهرب من رسوم الجمارك والإغراق، كما يتم استغلال اتفاقيات التبادل التجارى بين مصر وبعض الدول خاصة العربية التي تلغي الضرائب والرسوم الجمركية في إدخال السلع عبر نظام الترانزيت، ويكون على سبيل المثال بلد المنشأ الصين، والإدعاء بأوراق مزورة أنها قادمة من ماليزيا أو الإمارات، حيث لا تُفرض رسوم عليها وفقا لاتفاقيات التبادل التجارى لتشجيع الاستثمار.


نظام المستودعات والدروباك
في ذات سياق حديث المصدر كشفت دراسة أُعدت حول طرق التهرب الضريبى، اعتماد بعض المستوردين على نظام الترانزيت في التهريب الجمركى، من خلال إدخال السلع وتخزينها، وتكون معفاة من الرسوم بحجة إعادة تصديرها لدولة أخرى، ويلجأ البعض إلى تبديدها، واستبدالها بسلعة أخرى للاستفادة من الإعفاء الجمركى، وألمحت إلى استغلال البعض نظام الإعفاء المؤقت بإدخال المواد الخام وتصنيعها داخل البلاد، وإدخال تعديلات عليها، وإعادة التصدير وتعفى من الرسوم، والتي تسمى نظام «الدروباك»، ونظام المناطق الحرة، ونظام المستودعات والتخزين الخاص، وفى حال التوزيع المحلى تفرض الرسوم، ويقوم البعض بمماطلة الدولة في سداد المستحقات الجمركية، وتقديم أوراق غير دقيقة، وأكد أن هناك من يلجأ إلى إدخال جزء من السلعة، ويقوم مستورد آخر بإدخال بقية السلعة، وفى هذه الحالة تعفى من الرسوم بسبب عدم مطابقتها للمواصفات القياسية، تحت بند سلع تالفة وغير صالحة للاستهلاك المحلى، ويقوم بتوزيعها على المحال والشركات ويحقق أرباحا طائلة.

وحذرت الدراسة التي أعدها الدكتور أحمد وفا، عضو هيئة التدريس بالأكاديمية الملكية لشرطة البحرين، من مخاطر دخول السلع الأجنبية المهربة جمركيا لخطورتها على الاقتصاد القومى، خاصة المحظور تداولها بالبلاد، والتسبب في كساد المنتج المحلى بانخفاض سعرها عن منافستها بالأسواق المصرية.

وبالعودة إلى المصدر الذي تحدث إليه «محقق» فيتو، كشف أن مواجهة مافيا التهرب الضريبى والجمركى تشارك بها وزارتا الداخلية والمالية متمثلة في قطاع مكافحة التهرب الضريبى بمصلحتى الضرائب والجمارك، ومباحث الضرائب والرسوم، إلى جانب جهود وزارة المالية في ضوء قاعدة بيانات متكاملة عن أداء الأنشطة الاقتصادية المختلفة، ورصد حجم التعاملات التجارية التي تتم بالأسواق المصرية واستخدامها في اكتشاف حالات التهرب والحد منها.


خطة المواجهة
انتقل محقق «فيتو» بعد ذلك إلى أحد الأجهزة الأمنية، وهناك تحدث مع مصدر أمني، حول إستراتيجية مواجهة وزارة الداخلية لـ«مافيا التهرب»، وقال المصدر: وزارة الداخلية، ممثلة في الإدارة العامة لمباحث الضرائب والرسوم، اعتمدت خطة عمل ترتكز على عدد من المحاور لمواجهة مافيا التهرب الضريبى والجمركى، وملاحقة المتهربين من سداد مستحقات الدولة، عبر تأسيس قاعدة معلومات عن حال السوق والشركات والمؤسسات بكل ربوع البلاد.

وأضاف: كما ترتكز الخطة على إحكام السيطرة عبر التنسيق مع الجهات المعنية بوزارة المالية، لكشف الاتفاقات بين المنتجين والمستوردين، والفروق في الميزانيات والمقارنة بالدخل الشخصى بالمقارنة بحجم التعاملات والأرباح والمبيعات، وشن حملات تفتيشية مفاجئة على عينات عشوائية من المستوردين وأصحاب الشركات والمصانع لإجراء مراجعات ضريبية دقيقة لاكتشاف محاولات التهرب من عدمه والتأكد من مدى الالتزام، وكذا فحص البلاغات والشكاوى الواردة من المواطنين ومصلحة الضرائب والجمارك، وإحكام الرقابة على المنافذ تنسيقا مع القطاعات المعنية بالوزارة والقوات المسلحة لمنع حالات تهريب السلع عبر المنافذ الشرعية وغير الشرعية.

وأوضح المصدر، أن منظومة العمل تعتمد على ملاحقة قضايا القيمة المضافة والبضائع أجنبية الصنع بدون رسوم والخالية من أوراق الإفراج الجمركى، والسيارات المخالفة لقانون الإعفاء الجمركى، والضرائب العقارية والملاهى والخمور المهربة، والسلع بكافة أنواعها المهربة وتباع في المحال بدون أوراق ثبت سلامة الموقف القانونى، ومزادات الدولة ومحاولات إهدار الأموال، والضرائب على المهن الحرة والمبيعات، وأشار إلى أن الإدارة ضبطت 157 ألفا و208 قضايا تهرب ضريبى وجمركى بإجمالى 310 ملايين و431 ألف جنيه رسوم جمركية خلال 4 سنوات الأخيرة، وقرابة 40 ألف قضية سنويا، وخلال شهر مارس 2018 المنقضى، تم ضبط 658 قضية قيمة مضافة، و55 قضية تهريب بضائع أجنبية الصنع لعدم وجود المستندات الدالة على سداد الرسوم الجمركية المستحقة، و133 سيارة لمخالفتها قانون الإعفاءات الجمركية، و1296 قضية تهرب من الضرائب العقارية والملاهى، كما نجحت الجهود خلال أبريل الماضى في ضبط 701 قضية ضرائب عامة، و300 قضية قيمة مضافة، و213 قضية تهريب بضائع أجنبية الصنع لعدم وجود المستندات الدالة على سداد الرسوم الجمركية المستحقة عليها، و233 سيارة لمخالفتها قانون الإعفاءات الجمركية، و894 قضية تهرب من الضرائب العقارية والملاهى، إلى جانب تنفيذ 1396 حكما قضائيا متنوعا، وطالب المصدر في نهاية حديثه، بتغليظ العقوبات في القانون على مرتكبى جرائم التهرب الضريبى حتى يكون رادعا لكل الممولين الذين يحاولون التهرب.


تبديد مشمول الرسائل
في ذات السياق كشف مصدر مسئول بالإدارة العامة لمباحث التموين، أن الإدارة منوط بها متابعة الرسائل الوارد من الخارج ـــ البضائع ـــ والتي لم يصدر الإفراج الجمركى بشأنها، ويتم تخزينها في أحد المخازن التابعة للمستورد، وفى حال عدم الحصول على الإفراج وسداد الرسوم، تصل مخاطبات من الجهات المعنية بالدولة من بينها هيئة الصادرات بأن مشمول الرسالة مرفوض لكونها عبارة عن «منتجات غذائية أو غير غذائية وقطع غيار أو أدوات كهربائية وأقمش وغيرها»، وعلى الفور تتحرك قوة أمنية من مباحث التموين، إلى المكان المخزن به مشمول الرسالة.

"نقلا عن العدد الورقي..."
الجريدة الرسمية