رئيس التحرير
عصام كامل

«المونودراما».. عالم فني مختلف وحرية إبداعية على خشبة المسرح

فيتو

بأسلوب عرض مختلف، وحبكة درامية وسردية واسعة، ومساحة من الحرية، يمتلكها ممثل، ونجم واحد، يخطف أنظار الجمهور على خشبة المسرح، في عالم خاص من صناعته، يقدم فيه جميع مواهبه وقدراته الفنية.


مسرح «المونودراما»، نوع فني مسرحي، ومختلف، يعتمد على النجم الأوحد، على خشبة المسرح، مطلقا العنان واسعا لخياله، وفنه، كما يعد من أقدم الألوان المسرحية ظهورا، واستمرارية، بالرغم من اختلاف الثقافات والمشارب الفكرية.

البداية والنشأة
نشأ مسرح المونودراما، بمفهومه الحالي والشامل، أواخر القرن الـ18، على يد الفيلسوف الفرنسي جان جاك روسو، وذلك من خلال نصه المسرحي «بجماليون»، عام 1760، باستيفائه لكافة الشروط، وخصائص اللون المسرحي والدرامي.

ولكن يرجع الفضل في تسميته بـ«المونودراما»، للشاعر ألفريد تينيسون، عام 1855، بعدما أطلقه على نصه «مود Maud»، وفي النصف الثاني من القرن الـ18، أحتل هذا النوع المسرحي خشبة المسرح، بدعم من الممثل الألماني يوهان كريستسان براندز الذي وجد في هذا النوع مساحة للممثل ليطلق مواهبه، خاصة مع مرونة نص المونودراما، والذي يسمحُ للممثل بإظهار مواهبه بطلاقة.

فترات المواجهة والظهور
تعرضت المونودراما لمرحلة انتكاسة في بداية القرن العشرين بفعل، وظهور الداعين للثورة الاجتماعية، والتي انزعجت من تعظيم دور الفرد في عروض المونودراما، قبل أن يعود سريعا مع عودة الكتابات الرومانسية من جديد على أيدى التعبيريين الألمان.

و من خلال نص مونودرامي بعنوان «التبغ»، لأنطون تشيخوف، اقتحمت المونودراما المسرح الروسي على يد المخرج الروسي نيكولاي يفرينوف، كما كتب جان كوكتو نص بعنوان «الصوت الإنساني» في فرنسا عام 1930، وكان ذلك إذعاناً بعودة جديدة للمونودراما في أوروبا.

وبظهور المدرسة النفسية بقيادة سيجموند فرويد، تزامنا مع الحرب العالمية الثانية، ساهم في ازدهار حركة المونودراما المسرحية، حيث ترتكز المدرسة النفسية، على الأمراض الشخصية والعصبية للإنسان، وتشخيصها مما أدي إلى انعكاس صداه وأثره على خشبة المسرح.

المونودراما السياسية
دخل لون المونودراما كغيره من الألوان المسرحية إلى العديد من الصراعات، والتحيزات السياسية، حيث استخدمها المخرج الألمانى أروين بيسكاتور، لتنمية المسرح السياسي الوثائقى لما تحمله من كسر للإيهام وحدود السرد المسرحى التقليدى وتوجهها المباشر للجمهور، رغبة منه لتحريض الجماهير على النضال ضد المجتمع الرأسمالي الطبقى، والدعوة إلى الاشتراكية للوصول إلى مجتمع العدالة الاجتماعية.

وفي العصر الحديث استخدم المونودراما، في نموذج مسرحية «طريق الآلام»، وهي مونودراما معتمدة على أحداث حقيقية والمواد الخام التي تم تجميعها من الرحلة التي خاضها ديفيد هير إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1997 والتي يقدمها على شكل مونولوج درامى مطول يستعرض به وجهتى النظر من خلال مجموعة شخوص من الطرفين.

مهرجانات المونودراما
أقيمت للمونودراما، العديد من المهرجانات، كما خصص لها العديد من الجوائز حول العالم، وعلي يد الفنان الفلسطيني أسامة مصري، عام 1992، أسس أول مهرجان للمونودراما في مدينة حيفا، وقد أطلق عليه اسم «مسرحيد»، أي مزيج بين كلمتين «مسرح»، و«وحيد».

«مسرحيد» أقيم لمدة سنتين في حيفا، وبعد توقف لمدة 8 سنوات، عاد للظهور مرّة أخرى في مدينة عكا عام 2001، واستمر منذ ذلك الحين إلى الآن.

الفجيرة
كما انطلق في عام 2003، مهرجان الفجيرة الدولي للمونودراما، والذي يشارك به عروض من مختلف دول العالم،كما شارك فيه الكثير من العروض المصرية، بمختلف دوراته، كـ«رجالة بشنبات»، لأحمد حمدي، في الدورة الأولى للمهرجان.

و«أحمر ساكن»، لريم حجاب، في الدورة الثانية للمهرجان عام 2005، و«المرآة» لعبير محمود عبد العزيز، في الدورة الثالثة عام 2007، و«أنا كارمن»، لسماء إبراهيم في دورة عام 2010، و«الطريقة المضمونة للتخلص من البقع»، رشا عبد المنعم، في دورة 2012.

وفي الدورة الأخيرة للمهرجان، مطلع العام الحالي، شارك عرض «سيلفي مع الموت»، للفنانة نشوى مصطفى ضمن العروض التي شاركت في «الفجيرة الدولي للمونودراما».
الجريدة الرسمية