رئيس التحرير
عصام كامل

أحمد البلك يكتب: رسالة إلى المنفتح

فيتو

1. الخروج إلى الذات هو الاصطفاف مع أشباه لا يتطابقون معك، ولكنهم ينفعون حافزا لإثارة السؤال وديمومة القلق لديك، ذلك أن الطمأنينة وقوع في الفخ. هكذا قال «تولستوي» قبل أن يحسم الأمر ويقرر الخروج من «الارستقراطية»، بعدها قرر تولستوي الخروج من رحم العائله المالكة، أي الانضواء عن الخيوط المزيفة التي كانت تعلقه ودفع الذات إلى أرض الواقع، ولكن هذا الحديث ليس بهدف تكريس أسطورة تولستوي، أو تقديس لـ«ستيفن هوكنج»  كعالم جليل وهنا يجدر الإشارة إلى أن ستيفن هوكنج هو من أبرز علماء الفيزياء النظرية وعلم الكون في العالم، بالرغم من أنه عانى من ثلاث عقبات تعرقله، وأشباح تطارده في حياته كل يوم.


2. نحن نعيش في مجتمع خالي من الندوات الثقافية والتوعوية، مجتمع فلسفي ولكن ذو ثقافة منزوعة الدسم، مجتمع ميال إلى «الدعابة» أي أن الثقافة بالنسبة لنا مجرد كلمات تقال فقط، بدون أي ممارسة لها في الواقع في نفس الوقت الذي تستطرد فيه علينا العديد من الأحداث الرسمية، كمغادرة الكاتب الصحفي الجليل «لويس لوقا جريس» عالمنا تظهر صورة «جرافيك» لولد عاق لعائلته امتنع عن الانتخابات الرئاسية يسمى وليد الشريف لتفرض نفسها كمزحة سخيفة على شبكات التواصل الاجتماعي، وتحتل أكبر مكان في عقول الناس، حيث أصبحت جميع شبكات التواصل الاجتماعي تتحدث عن وليد الشريف.

3. انظروا للنجوم وليس لأقدامكم «ستيفن ويليام هوكنج»  ولد ستيفن هوكنج من رحم الذكرى الـ300 من وفاة العالم الفلكي العظيم جاليلو في 8/أبريل عام 1842م اشتهر ستيفن هوكنج بعبقريته منذ الصغر بالرغم من علاماته المتدنية في المدرسة، فكان يقوم بتفكيك الساعات وأجهزة الراديو كان يحب كثيرا معرفة كيفية عمل الأشياء، في العام 21 من عمر ستيفن هوكنج «عانى من مرض يسمى العصبون الحركي» الذي جعله جليسا على الكرسي المتحرك، حيث قال الأطباء، إن هذا المرض خطير جدا ولا يتم الشفاء منه أبدا وحددوا له مدة زمنية، قالوا أنه سيموت بعد سنتين أي في عمر 23 عاما، ولكن لإعطاءه لذاته قدسيتها في حقها في استثمار مميزاتها.. عاش ستيفن هوكنج 52 عاما، ليصاب عام 1985 م بالتهاب شديد في القصبة الهوائية، فرض عليه إجراء عملية جراحية في حنجرته أفقدته بعدها القدرة على النطق وتحريك رجله أو يده، إلى أن قامت شركة «انتل» بإنتاج نظام حاسوب متصل بكرسيه المتحرك ليصدر له الأوامر عن طريق رأسه وعينيه، تميز ستيفن هوكنج بالصبر والتحدي، حيث ترك لنا إرثا في العديد من المجالات منها «مجالات الفيزياء النظرية، ومجالات الكون، والعديد من الكتب في الفيزياء النظرية والكون والثقوب السوداء وكتب الأطفال أيضا»، ولم يقتصر على المجالات العلمية والكتب فقط فكان له العديد من الأدوار الناقدة للمشهد السياسي. وغادر العالم 14 مارس عام 2018 بعد أن أثبت لنا أن العجز عجز الإرادة وليس عجز الجسم.

4. «كن جادا في عملك» هكذا قال الكاتب الصحفي الكبير الراحل لويس جريس للموهوب، غادر عن عالمنا مساء أمس الكاتب الكبير لويس لوقا جريس عن عمر 90 عاما بعد أن أصبح أسطورة مقدسة في تاريخ الصحافة، تاركا وراءه إرثا من الأعمال الثقافية التي تشهد لنجاحاته، والعديد من الأعمال التي تكفي أن تكون شاهدا على إتقانه وحبه لمهنته، التي كانت وقبل أن تكون مهنة، كنت موهبة، هكذا قال الكاتب درس لويس جريس في كلية العلوم لمدة سنتين، ثم قرر أن يضحي بالسنتين الذي قضاهم فيها بعد أن أصبح عضوا بلجنة الصحافة في الجامعة، حينها قام بتحويل أوراقه إلى كلية الصحافة والأدب بالجامعة الأمريكية، ولم يخبر أحدا من أهله وعندما تأخر في التخرج فذكر لهم أن السبب في ذلك، أنه يسقط بسبب صعوبة المواد، وكان أول سبق صحفي له في مجلة القافلة التي تصدر عن الجامعة ثم تدرج في الأعمال وبدايتها، كالعمل بقاعة المؤتمرات الخاصة بالجامعة التي كانت تستضيف العديد من الرموز الكبيرة في مصر، بعدها قام لويس بالعمل في جريدة الجمهورية بعدما عرض عليه ذلك من أحد الضيوف الذي كانت تستضيفهم قاعة المؤتمرات ليبدأ منها بداية مشواره الصحفي.

5. «ملحوظة»  لم يصل استخدام «العاق» وليد الشريف في بداية المقال إلى ذروته بهدف فرض السيطرة على الدعابة والخروج من الواقع الثقيل الذي نعيشه ولكن لأدعوك إلى الخروج من سخرية عنجهية المشهد التي تفرضها عليك هذه الصورة إلى النظر إليها من حيث التحليل والمنطق، كعمل كاريكاتيري ساذج فرض نفسه على مواقع التواصل الاجتماعي. فأصبحت ملكه تماما خلال يومين، وافتعلت منه مقعدا له وحده دون الإعلان على الأقل عن وفاة لويس جريس. هذا يدل على أنه مجتمع يعشق التفاها، ليس بمقدورنا الإقامة في العسل وعيون الآخرين بهذه الشراهة هكذا قال تولستوي في كتاب فن الإصغاء للذات؛ أي أنه ليس بمقدورنا الإقامة بهذا الخمول في عالم بهذه السرعة، وهذه تكفي لتكون جرعة تعطيك نظرة نحو المستقبل، حينها يفرض عليك الواقع تقرير الذات، ومعرفة من أنت بهدف توجيه خطاك إلى الطريق الصحيح. ولن أقم بالسرد عليكم قصة بودلير عندما قال، قدر الشعلة أن تستجيب لنداءات أحشائها.
الجريدة الرسمية