الأوامر المنسية من القرآن ( 7 )
نستمر بفضل الله في مقال يوم الجمعة عن الأوامر التي تناساها الناس رغم ورودها صريحة في القرآن الكريم مثلها مثل "وأقيموا الصلاة"، و"فمن شهد منكم الشهر فليصمه"، وتراجع فقه المعاملات تماما رغم أن الأصل في الكتب السماوية أن تنظم حياة البشر فيما بينهم وليس فقط تنظم العلاقة بينهم وبين رب العزة!
نتوقف أمام قوله تعالي "وقولوا للناس حسنا"، وهو أمر صريح جاء في سورة البقرة، ويتوافق ليس فقط مع مدح القرآن لرسول الإسلام عليه الصلاة والسلام فقط "وإنك لعلي خلق عظيم"، وإنما أيضا مع آيات أخرى ربما جاءت بالأمر ذاته، كقوله تعالي "وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن"، وقوله "ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن"، وبالاستناد إلى الوعي الشعبي بمفهوم القول الحسن وبغير الرجوع إلى اللغة العربية ومعاجمها نفهم أن القول الحسن هو السلوك الطيب مع الناس.. بالفعل والقول.
أن تكون علاقاتنا طيبة بأقرب الناس في التعامل اليومي وهم الجيران.. لا نزعجهم بما عندنا ولا نتسبب في أي اذي يمكن أن يصل إليهم.. فلا يصح أن نربي حيوانات يمكن أن تتعرض لهم، ولا يصح أن نبني راحتنا على حساب تعب الآخرين ولا على نفقتهم مثل التهرب والتكاسل في سداد نصيب البعض في البنايات والعمارات من تكلفة المياه والكهرباء وصيانة المصاعد.
ولا يصح أن نعامل عمال النظافة أو عمال المحال ممن يقدمون خدماتهم حتى المنازل معاملة قاسية ولا حتى خشنة، بل نعامل كل منهم كإنسان له من التكريم ما أمر به رب العالمين.. وهكذا يسير الحال إلى زملاء العمل وزملاء الدراسة والجار العابر في وسائل المواصلات وهكذا.
وهنا يطل السؤال.. إن كان ذلك كذلك مع هؤلاء فما بالنا بالأهل والأقارب؟ كيف يكون الحال بين أفراد الأسرة الواحدة فالعلاقة بين الزوجين أو الأشقاء وطبعا مع الأم والأب؟ وبعدها نتوقع حالها مع الأعمام والأخوال وأولادهم وكل الأقارب.. وإن تم نصيب من ذلك لاختفت مشكلات الجيران والمواريث ومشاجرات الشوارع ونسبة كبيرة من مشاكلنا.
ولذا فلم تأت هذه الأوامر بغير هدف بل كان هدفها سعادة الإنسان الذي وما أن تراجع في الالتزام بها حتى وصلنا إلى ملايين القضايا وملايين من محاضر الشرطة والذي كنا في غني عنها جميعها إن قلنا للناس حسنا!