نجيب محفوظ يشارك في نقش الكعك.. والعيدية «جنيه ذهب»
نشرت مجلة «اليمامة» عام 1998 موضوعا حول عادات الأديب نجيب محفوظ في شهر رمضان، من خلال لقطات على لسانه في حواراته القديمة، قالت فيه:
كان للأديب نجيب محفوظ عادة منذ شبابه، وهي التوقف عن العمل نهائيا في رمضان، ويرجع ذلك إلى رغبته في الاستمتاع بأيام رمضان ولياليه، وبما يحمل لهذا الشهر من ذكريات.
كما أنه لم يكتب رواية واحدة في رمضان، لأنه كان يقضي الوقت الذي كان يسبق أذان المغرب في قراءات مختلفة، يغلب عليها أساسا الطابع الديني، بدءا من القرآن الكريم أولا، إلى كتب السيرة والتراجم الخاصة بمؤسسي الدولة الإسلامية، وقراءات في الفلسفة والتصوف، وكان مداوما على قراءة الشعر الصوفي في فترة بين العصر والمغرب.
أما عن رمضان في روايات نجيب محفوظ، فقد شغل مساحة لا بأس بها في أعماله، مثل "الثلاثية"، وهو يرى أن ما كتبه في الثلاثية عن رمضان كان بعين الطفل وليس الشاب أو الرجل نجيب محفوظ، أما "خان الخليلي" ففيها كتب عن رؤيته لشهر رمضان بعين نجيب محفوظ الموظف.
يقول محفوظ: نشأت في بيت القاضي، وبمجيء شهر رمضان تقام الزينات وحلقات الذكر والمديح النبوي، وكان صوت المنشدين أول صوت منغم أسمعه خارج منزلنا، رغم أنه كان لدينا فونوجراف، وكنا نعيش كأننا في مهرجان فني كبير، فنسمع حتى أذان الفجر الشيخ على محمود، صاحب الصوت الجميل من أعلى مئذنة الحسين.
وأضاف في حواراته قائلا: سكنا في حارة "الوطاويط" أمام مسجد الحسين، وكان رمضان بالنسبة للأطفال هو شهر الحرية، لأن الأهل كانوا يسمحون لهم بأشياء كانت ممنوعة طول العام مثل اللعب في الشارع، وكانت والدتي تقول لي "خليك تحت عيني ولا تبعد عن حدود البيت".
كانت هدية الأطفال هي الفانوس الذي يضاء بالشمعة يدورون به في ميدان بيت القاضي، مرددين أغاني رمضان.
وفي رمضان صمت الشهر كله وأنا في السابعة، وكان للخشاف مكانة خاصة على مائدة الإفطار، كما كان طبق الفول المدمس هو تاج المائدة الرمضانية.
أما بالنسبة للعيد فكنت أشارك في عمل كعك العيد حتى أني كنت أنقشه مع والدتي وكنت أذهب مع الكعك إلى الفران وأتباهى بكعك والدتي أمام الأصدقاء، ولما انتقلنا إلى حي العباسية، وكنت في التاسعة دعوت أصدقائي لزيارة الأحياء العريقة، وكانت والدتي تصطحبني على عربة كارو لزيارة أولياء الله.
أما لبس العيد فكنت أذهب مع والدي لشراء بدلة العيد التي كانت تبيت في حضني ليلة العيد، وأتذكر البدلة التي جاءتني وأنا في العاشرة، ظلت معي وقتا طويلا وارتبطت عندي بالعيد.
وكانت العيدية عبارة عن جنيه من الذهب، وكانت تساوى وقتها 97.5 قرشا، بينما الجنيه الورقي يساوي 100 قرش، إلا أن قيمة العيدية الذهب في لمعانها الذهبي فقط.