رئيس التحرير
عصام كامل

لماذا يتمسح الإخوان في «مهاتير محمد»

مهاتير محمد
مهاتير محمد

قلت كثيرا «الإسلام الديموقراطي» قدر هذه الأمة فلا تعاندوه.. هكذا استقبل الإعلامي السعودي المُطارد جمال خاشقجي، أحد أذرع الإخوان الإعلامية في الخارج، نبأ فوز مهاتير محمد؛ العجوز صاحب التاريخ العريض في ماليزيا، بمنصب رئيس الوزراء بعد طلاق بائن مع المناصب السياسية، تجاوز "ربع قرن" ليعبر عن لسان حال الجماعة، التي تتمسح دائما في أي تجربة، من عالم الإسلام السياسي، ويكتب لها بعض النجاح.


فاز «مهاتير محمد»، بتحالف من المعارضة في الانتخابات التي جرت الأربعاء، على حساب الإخوان نفسها، التي قادتها الأنانية وتورم الذات إلى دخول حلبة الانتخابات منفردة، إلا أن الجماعة المهزومة في ماليزيا، لا حديث لها في مصر وعلى وسائل التواصل إلا «الإنجاز المهاتيري»، وكأنه ماركة مسجلة باسمها.

اقرأ: مهاتير محمد يؤدي اليمين الدستورية رئيسًا لوزراء ماليزيا

على مدار سنوات مضت، قدم الإخوان كل ما في وسعهم، لاستقدام مهاتير محمد من باب المهاترة السياسية، دون الاستفادة منه بشكل حقيقي، وكان المشروع الإسلامي الماليزي، «على كل لسان» قيادي أو فرد إخواني، يحاول تسويق مشروع النهضة، الذي دخلت به الجماعة إلى منصب الرئاسة في مصر، وقضى عليها خلال عام، من تولي محمد مرسي رئاسة الجمهورية.

عمليا، لم تستفد الإخوان، لا من المشروع الماليزي المهاتيري، الذي رفع ماليزيا إلى درجة غير مسبوقة في التطور والحداثة، ولا حتى من مشروع أردوغان بغض النظر عن الاختلاف معه، الذي يمجد علمانية الدولة، مع شروق شمس كل يوم، وهو ما يخالف نهج الإخوان، القائم على تسييس الدين بشكل راسخ.

قبل وبعد ثورة 30 يونيو، كانت قيادات الإخوان، دائمة التواجد في ماليزيا وتركيا، ولم تصبغ هذه التجارب على أداء الجماعة إلا مزيد من التمسح الرديء في «أردوغان ومهاتير»؛ انصرفت الجماعة الأم، التي لم تحمل في سجلاتها الفكرية بعد «البنا وقطب»، ومجموعات صغيرة من سلاسل السير الذاتية عن الحياة داخل الإخوان وخارجها، أي أرشيف لتجربة فكرية أو حداثية.

لم تقدم إسهاما واحدا، في الاقتصاد، أو السياسة، أو الإدارة، ولو حتى على سبيل الاقتداء بالرجل الذي يستفيدون منه دعائيا فقط، دون نسخ تجربته، المسجلة في كتب، بعضها مترجم إلى اللغة العربية، على رأسهم كتابة الأشهر «خطابات محاضير محمد»، الذي صدر عن مكتبة الشروق الدولية، عام 2007.

دعا «مهاتير الماليزي» لتوحيد الصف في بلاده، وكان صلب مشروعه السياسي، بينما الذين يستهلكون إنجازاته في الدعاية لأنفسهم، يعملون ليل نهار منذ إسقاطهم عن السلطة، على شق الصف، وإشاعة الاضطراب والفتنة، وضم القتلة والمتطرفين إلى صفوفهم.

بنى رئيس الوزراء العجوز حملته الانتخابية على «التكامل الثقافي» بين أبناء وطنه، متعدد الأديان والأعراق، بينما الجماعة في مصر تنبذ التسامح، وتسعى دائما لفرض النسخة الإخوانية على المصريين، بكافة ألوانهم العقائدية والفكرية والسياسية، حتى تأكد للجميع أن الإخوان، لا ولن تجيد في شيء، إلا "النسخ والتمسح في الآخر"، إلى أن ترحل غير مأسوف عليها في مجاهل التاريخ.
الجريدة الرسمية