رئيس التحرير
عصام كامل

رشاد رشدي يكتب: رأيت الله

رشاد رشدي
رشاد رشدي

في ليلة القدر من رمضان عام 1973، كتب الدكتور رشاد رشدي رئيس أكاديمية الفنون، مقالا يحمل أمنياته في تلك الليلة المباركة، قال فيه:

«أرى الله، أو هكذا رأيته في كل مرة استطعت أن أخلص نفسي من نفسي، أن لا أكون.


ولا أعتقد أني وحدي في هذا، فالفنان من أكثر الناس قدرة على أن يكون، فبغير هذا لا يتحقق الإبداع، فهل هذا هو الإلهام ؟ ربما.

لكنه أولا، وقبل كل شيء القدرة على التخلص من الذات، وأن تصبح الذات غير الذات، فمن يمنح الفنان هذه القدرة غير الله؟

كما حاولت أحيانا أن لا أكون، وجاهدت وسعيت ويئست وتوقفت، ثم بإذن الله يأتي الفيض وتتحقق المعجزة، فأنطلق من سجن الذات لأصبح غير ما كنت، شجرة أو زهرة أو صورة أو قصة أرويها أو أغنية أغنيها.

ومع الأيام العظيمة المباركة في الشهر الكريم لا يسعني إلا أن أقول:

اللهم اجعلني قادرا على أن أحافظ على الصورة التي خلقتني عليها، فهي أمانة في عنقي، ألم تخلقنا جميعا في أحسن صورة.

فإذا سمحنا لأحد أن يعبث بهذه الثورة ـــ أن يمسخها ــــ فقد خان الأمانة.

ربنا لا تدع الظالم أو الغاشم يفرض سلطانه علىّ، لا تدع صاحب الرأي أو العقيدة أن يستولى علىّ، ولا تدع المادة تحتويني، افتح عيني يارب لا تعمني، وافتح كذلك قلبي على كل شيء، لا تغلقه عن شيء دون شيء، ولا عن إنسان دون إنسان.

وأهم من هذا يا رب أعطني القوة التي بها أجعل نفسي دائما تكفيني واعطني القدرة أن أمنعها فلا يملك شيئا غير نفسي أن يشقيني أو يغنيني.

رب لا تجعلني عبدا إلا لك، ليكن هناك الظالم والغاشم وليضعني في قفص من حديد، لكن سأظل حرا طليقا كالعصفور الصغير لأنه استطاع أن يستولي على جسدي، لكنه لم يستطع أن ينال من نفسي».
الجريدة الرسمية