رئيس التحرير
عصام كامل

أسرة الزوجة ضحية مذبحة الرحاب تتحدث لـ«فيتو».. الأب: الضابط قالي بنتك ماتت ولما وصلت الفيلا وقعت من طولي.. الأم: كل جمعة كانت عندنا وتحب تاكل من إيديا.. والشقيقة: كانت بتطمن عليا كل يوم (فيد

فيتو

مأساة كاملة صدمت الرأي العام، عقب مذبحة الرحاب التي راح ضحيتها أسرة كاملة.. وفيما ما زالت النيابة العامة تحقق في الجريمة أملا في تقديم الجاني إلى ساحة العدالة، قصاصا منه في الدنيا قبل عقاب الآخرة الحتمي، خلف الضحايا لدى ذويهم آلمًا قلما يسهل على الأيام مَحوهُ من ذاكرتهم.. إحدى الضحايا كانت زوجة رجل أعمال.. سيدة كأي أم لا هم لها سوى مستقبل أبنائها والحياة المستقرة.. إلا أن قدرها كان أن تصحبهم إلى مثواهم الأخير.


"فيتو" انتقلت إلى مكان إقامة "أسرة الزوجة ضحية مذبحة الرحاب"، بمنطقة الخصوص بمحافظة القليوبية، شمال القاهرة للتحدث معهم عن ملابسات المذبحة التي أرقت مصر كلها.


سيطرة الأحزان
أثناء دخول شارع المقابر، والسؤال عن منزل الحاج فوزي شومان.. أشخاص على المقهى ويشربون الشيشة ناظرين إلى الدار الآخرة "المقابر" وآخر يلقي وجهه على ترابيزة المقهى نائما وكأنه حُرم النوم أياما.. رجل يبيع "غزل البنات" وأطفال يلتفون حوله للشراء، وبعد سير ثلث ساعة تصل منزل الحاج فوزي شومان.. يتكون من 7 طوابق في مدخله باب حديد أخضر اللون، وأثناء صعود درجات السلم إلى الشقة بالطابق الثاني، والساعة لم تتجاوز العاشرة صباحا، وأفكر: "ماذا سأقول؟ ومن أين أبدأ؟.. طرقت الباب ففتحت طفلة، والكل يقول أدخل وكأنه اليوم هو يوم العزاء، جلست على أريكة وبجواري "فوزي شومان" يتنفس بعمق، أمام 7 سيدات يرتدين الأسود والحزن مخيم عليهم، الصمت عم الموجودين أكثر من 10 دقائق، وبعد أن اطمأنوا لي بدأوا كشف ملابسات مذبحة الرحاب.


آخر لقاء
قال الحاج فوزي شومان والد "وفاء" ضحية مذبحة الرحاب، إن نجلته كانت موجودة عنده يوم الجمعة قبل الماضي، لقضائه في حضن والدتها وبجوار أشقائها، حيث يعتبر هو اليوم المقدس لتجمع الأسرة فيه يضحكون ويتسامرون، مضيفا، أنها كانت على تواصل مع شقيقتها يومي السبت والأحد، وفجأة انقطعت الاتصالات يوم الإثنين وجميع الهواتف خارج الخدمة عدا هاتف نجلها "محمد" كان لا يزال يعمل لكن دون أي إجابة اعتقدنا أنهم سافروا إلى مكان ما.


نداء دون رد
صمت قليلا ليلتقط أنفاسه ثم عاود سرد كلامه لـ"محرر فيتو" قائلا: إن زوجته ونجلته الأخرى توجهتا إلى فيلا "وفاء" في مدينة الرحاب لتطمئنا على سلامتها، وعندما وصلا ظلا يطرقا باب الفيلا ويرنا الجرس، لكن دون أي إجابة، وكانت السيارة متوقفة أمام الفيلا وجميع الإطارات فارغة.

وأضاف، أن زوجته ظلت واقفة أمام الفيلا أكثر من ساعتين تطرق باب الفيلا ليسمعها أحد من الداخل، وأثناء الطرق انهارت من البكاء خوفا على نجلتها وأولادها وزوجها.. متابعا، عقب انهيار زوجتي من البكاء اتصلت بي نجلتي تخبرني بحالة والدتها وأنهما لم يجدا أحدًا في الفيلا، على الفور نزلت أنا ونجلتي الأخرى متجهين إلى مدينة الرحاب، وعندما وصلنا الفيلا وجدت زوجتي بحالة حزن فسألتها: "ماذا يحزنك فردت "قلبي مقبوض.. وخائفة على نجلتي وأولادها وزوجها"، وطبطبت عليها لأُطمئنها أنهم بخير.


حارس الأمن
وتابع «سألت أحد حراس الأمن على الأسرة فأخبرني أنه شاهدهم أثناء خروجهم من الفيلا منذ أيام.. توجهت إلى القسم للإبلاغ عن اختفاء الأسرة، وهناك فأخبروني انهم بخير لكنهم ربما تركوا الفيلا بسبب تردد الديانة على رب الأسرة الذي ذهب ليمكث في شقة بجوار نادي الرحاب.



وأضاف، «في مساء السبت الماضي أثناء جلوسي في غرفة الجلوس برقة أبنائي وأحفادهم، رن هاتفي المحمول عندما قمت بالرد قال المتصل: "أنا ضابط قسم الرحاب عايزينك بسرعة" فرديت عليه "في إيه يا بيه.. حصل إيه"، أخبرني أن بنتي توفيت داخل الفيلا، لكنه لم يخبرني أن الأسرة ماتت كلها... نزلت مسرعا من المنزل ومعي زوجتي والأولاد، واستقلينا سيارة إلى مدينة الرحاب، وفي الطريق تراودني الأفكار عن مصير ابنتي حتى وصلنا بجوار الفيلا، وعند نزولي من السيارة رأيت تجمعًا كبيرًا من رجال الشرطة بمحيط الفيلا».


سؤال صعب
سكت للحظات مسترجعا شريط الألم، ثم أردف«وصلت الفيلا لأسأل عن بنتي فأخبرني أحد ضباط الشرطة أن الأسرة ماتت بالكامل "ماتو هما الخمسة" أول ما دخلت الكلمات أذني لم تتمكن قدمي من حملي فسقطت على الأرض وأنا مش مستوعب الكلمات وكأنني في كابوس، بعد لحظات عدت لوعيي مرة أخرى وأخبرت الأمن ليدخلوني لأرى ابنتي، لكنهم منعوني خوفا عليَّ من منظر الحادث، فاصطحبوني إلى نقطة الشرطة.

وطالب الحاج فوزي شومان، الرئيس عبد الفتاح السيسي بالقصاص لهم لأنه يعتبر أب لـ100 مليون مواطن.



صدمة الأم
«مش مصدقة أن بنتي وأولادها وزوجها ماتوا.. كأني في كابوس.. هي كانت عندي بتتغدى معايا "محشي" اللي بتحبه.. كانوا سعداء مع بعض مفيش يوم اشتكت منه أو زعلها في شيء.. بيبقى عيد لما كنا نبقى في المنزل وتيجي بنتي وأولادها وزوجها»، بهذه الكلمات روت والدة "وفاء فوزي" أصعب لحظات مرت عليها بفراق ابنتها للأبد، ومضت تقول: «عندما سمعت ضابط الشرطة وهو يقول إنهم الخمسة اتصدمت وكان قلبي هيقف من قوة الصدمة، مش متخيلة الموقف، حاولت أدخل أشوفهم وأخذهم في حضني، لكن الأمن منعنا من الدخول.



وتابعت، «أنا حتى الآن مش مستوعبة اللي حصل، "حسبي الله ونعم الوكيل" فيمن قتلهم.. تتسائل، إزاي ده حصل وإن كنت هناك حراس الأمن أخبروني أنهم خرجوا من الفيلا، كان قلبي مقبوضا، لما شميت ريحة من الفيلا لكن حراس الأمن أنكروا عدم وجود أي ريحة كريهة.


القصاص
وأضافت «من يوم الجمعة مشفتش بنتي ولا أولادها ولا زوجها» وأطلب من الرئيس عبد الفتاح السيسي أنه يجيب حق بنتي وأولادها وزوجها حق الشهداء، والقصاص لهم.

وبعد لحظات تلقت نجلتها "سلوى" شقيقة "وفاء" وهي جالسة بجوارها، اتصالا هاتفيا من أقاربهم، فشاهدت والدتها صورة "وفاء" على شاشة الهاتف المحمول فانهمرت من البكاء وهي تردد كلمات «حسبي الله ونعم الوكيل في اللي قتلهم.. ربنا ينتقم منه.. ربنا يحرق قلبه زي ما حرق قلبي عليهم».



وأضافت سلوى، أنها تلقت اتصالا من شقيقتها "وفاء" لتطمئن عليها وعلى أولادها، فلم يكن يمر يوم دون أن تطمئن عليهم.. حيث كانت دائما تسأل ماذا أعددت للغداء، وعندما نعد "المحشي" كان هذا اليوم بالنسبة لها عيد.


تفاصيل الجريمة
كان رجال مباحث التجمع الخامس بمديرية أمن القاهرة، تلقوا بلاغا من الأهالي مفاده اكتشافهم انبعاث رائحة كريهة من داخل فيلا بدائرة القسم، وانتقل ضباط وقوات الشرطة إلى محل الواقعة، وتبين من الفحص والتحريات الأولية أن الجثث لمقاول وزوجته وأولاده الثلاثة.

وتحفظ رجال مباحث القاهرة على كاميرات المراقبة بمحيط الواقعة، وتم تكليف البحث الجنائي باستكمال التحريات عن الواقعة، وانتقلت النيابة إلى الفيلا للمعاينة وجار التحقيقات لكشف ملابسات الحادث.

وأشارت التحريات الأولية أن الجثث لرجل الأعمال "ع. س."، 56 سنة، و"ف" زوجته 43 سنة، وأولادهما "م" 22 سنة، "ن"، 20 سنة، "ع"، 18 سنة.
الجريدة الرسمية