رئيس التحرير
عصام كامل

صديق البابا يفجر ثورة غضب في الكنيسة.. 11 أسقفا يتهمونه بنشر تعاليم تخالف الكتاب المقدس.. وسكرتير «المجمع» يهدد بالاستقالة اعتراضا على تصرفاته.. أقباط المهجر يرفعون راية العصيان في وجه الأسق

البابا تواضروس الثانى
البابا تواضروس الثانى

ثورة غضب مكتومة، عرفت طريقها إلى غرف صناعة القرار داخل الكنيسة في الأيام الأخيرة، بطلها الأنبا أنجيلوس الأسقف العام والنائب البابوي بشمال أمريكا وكندا، بسبب اتهامه من قبل معارضين له بنشر تعاليم تخالف الإنجيل، والترويج لأفكار تقول برمزية أحداث وشخصيات الكتاب المقدس.


الأزمة لم تعد حبيسة الغرف المغلقة، وخرجت من الكواليس إلى واجهة المشهد، ببيان شديد اللهجة أصدره 11 أسقفا من أمريكا الشمالية، ولندن، وأستراليا، يطالبون بمبارزة كل صاحب فكر مخالف للأرثوذكسية، بعد انتشار تعاليم تشير إلى رمزية شخصيات وأحداث الكتاب المقدس.

ما حدث يؤكد أن الأوضاع داخل الكاتدرائية المرقسية ليست على ما يرام، الجو هناك مشحون بخلافات في الرؤى، واختلافات في وجهات النظر، واعتراضات على تعاليم، يقال إن البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية، بطريرك الكرازة المرقسية، داعم لها، وأقباط المهجر هم رأس حربة الثورة التي اشتعلت بين أبناء مار مرقس.

الداخل لا يختلف كثيرا عن الخارج، فثمة صراع من المتوقع اندلاعه خلال أيام على أرفع مناصب الكنيسة، بعد منصب البطريرك، بعدما كشف صاحبه لمقربين أنه سيرحل قريبا، تفاديا للجو المشحون، والتعاليم التي تسللت إلى الكنيسة، وأحدثت خلخلة في عقول شعب الكنيسة.

تفاصيل الأزمة تعود بجذورها إلى الأيام الأخيرة في عهد البابا شنودة الثالث، حينما تزايدت أعداد الأقباط في الخارج بشكل يسمح لهم ببناء كنائس، وإيبارشيات، لرعايتهم روحيا، حتى أنشأ البابا الراحل مقرا بابويا له في المهجر، ومع تولى البابا تواضروس، عين نائبا بابويا للمهجر يقيم خارج مصر، بجانب مسئول عن مجلس إكليريكي للأحوال الشخصية، لحل مشاكلهم الشخصية والزوجية، واختار تواضروس الأنبا أنجيلوس صديقه المقرب وأحد من يثق بهم لأداء المهمة.

منحت الظروف أقباط المهجر امتيازات، لم تتوفر لأقباط الداخل، خاصة فيما يخص الشأن الكنسي، حيث أتيحت لهم الحرية في التعبير عن آرائهم، بل وانتقاد أفعال الكاهن أو الأسقف حتى إن السقف تصاعد إلى إمكانية الحديث عن عزل البابا شخصيا، وهو أمر من المحرمات في الداخل.

الجرأة التي منحتها الظروف لأقباط المهجر انعكست على كهنة وأساقفة الكنيسة في الخارج أيضا، حيث أصدر 11 أسقفا من أمريكا الشمالية ولندن وأستراليا، بيانا يرفضون كل فكر منحرف، وتعاليم غريبة عن الأرثوذكسية، مؤكدين ثباتهم على الإيمان الأرثوذكسي، إلى النفس الأخير، واحترام القوانين الكنيسة التي وضعها الآباء الرسل، وتعهد الأساقفة بنشر الكرازة بالإنجيل، والحفاظ على تقاليد الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، وطقوسها وتعاليمها، مع تعليم الشعب الإيمان المستقيم.

ودعا الأساقفة الغاضبون إلى حوار لاهوتي يعتمد على مرجعية الكتاب المقدس، كما شرحه آباء الكنيسة، حتى يمكن تصحيح ما اسموه المفاهيم الخاطئة وحماية شعب الكنيسة من مثل هذه الانحرافات.

وصف اعتراض أساقفة المهجر بـ"الجرأة"، يرجع إلى قوة من يواجهونه، حيث إن بيانهم موجه أساسا لمروج فكر "رمزية شخصيات وأحداث" الكتاب المقدس، وهو بحسب مصدر كنسي، أحد المقربين للبابا تواضروس شخصيا، مؤكدا أنهم ينتمون لمدرسة فكرية واحدة.

وروج الأنبا أنجيلوس الأسقف العام والنائب البابوي بشمال أمريكا وكندا، أفكارا تقول برمزية أحداث وشخصيات الكتاب المقدس، وهو ما واجه انتقادات شديدة من الأقباط الذين اعتبروه يتبنى بدعا وهرطقات، وإنكارا للوحي.

تعاليم الأنبا أنجيلوس، أشعلت الأوضاع في أمريكا، حيث كانت منصته الأولى لترويجها، إلا أن الأقباط هناك واجهوه بالانتقاد الشديد، الذي وصل إلى حد التطاول، وحال العقلاء دون الاعتداء عليه باليد، وهو ما جعله يطلب من البابا عدم العودة مجددا إلى أمريكا خوفا من بطشهم- بحسب مصدر كنسي.

الفضاء الإلكتروني، ساهم في وصول تعاليم النائب البابوي، إلى الداخل المصري، وهو ما أشعل الوضع بين كهنة شبرا الشمالية، إلا أن مصدرا كنسيا أكد أنهم تعرضوا لضغوط لاستقبال الأنبا أنجيلوس في المطار، في محاولة لإخضاعهم للأسقف، حتى لا تنفلت الأوضاع هناك.

الأنبا أنجيلوس الذي أثار الجدل عندما قال إن الكتاب المقدس يتضمن قصصا رمزية، خاصة في العهد القديم، والتي لا يمكن أن يتم تفسيرها بشكل حرفي، عاد سريعا وهاجم معارضيه ووصف مهاجميه بأنهم مجموعات مناهضة للكنيسة تعمل على تفتيت وحدتها والتشهير بالأساقفة والكهنة والرهبان، مستغلة صفحات السوشيال ميديا، بزعم أنهم حماة الإيمان والعقيدة الأرثوذكسية، واتهمهم بالكذب والاجتزاء والهرطقة.

صمت البابا تواضروس الثاني، إزاء كل ما يحدث، ونشر تعاليم غير مألوفة على شعب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، حيث لم يصدر بيانا ولم يتطرق من بعيد أو قريب إلى الأمر في عظته الأسبوعية، ما جعل البعض يقول إنه داعم وموافق على هذه التعاليم، ومساند لمروجيها بزعم دعمه للاجتهاد.

بعض أساقفة الكنيسة في الداخل أيضا عبروا عن غضبهم إزاء تلك التعاليم، حيث أصدر الأنبا أغاثون أسقف مغاغة والعدوة بيانا عبر فيه عن رفضه لمثل هذه التعاليم المخالفة لمعتقدات الكنيسة الأرثوذكسية، كما أن الأنبا موسى أسقف الشباب، أكد أن لجنة الإيمان والتعليم أعدت ملفات متكاملة عن بدع رمزية وأسطورية الكتاب المقدس، وتنتظر انعقاد المجمع للبت فيها، مشيرا إلى أن البدع أفكار منحرفة تسللت للكنيسة بواسطة ناس داخلها، وهى بدع تهدف للطعن في الكتاب المقدس والعقيدة والإيمان.

الأنبا رافائيل أسقف كنائس وسط القاهرة، وسكرتير المجمع المقدس، كان حائط الصد الأول لما بثه الأنبا أنجيلوس، وحاول التصدي لتعاليمه من خلال الفضائيات وعظاته، وصفحاته على مواقع التواصل الاجتماعي، وكان دائما ما يفند ما يقوله، ويرد عليه تفصيليا، لكن الوضع لم يمر مرور الكرام، حيث إن ثمة خلافات نشبت بين البابا والأسقف، رجح البعض أنها بسبب تلك التعاليم، وموقف البابا منها.

وكشف مصدر كنسي لـ"فيتو"، أن الأنبا رافائيل، يفكر في ترك منصب سكرتير المجمع المقدس، بسبب وجود بعض الخلافات الفكرية مع مسئولين بالكنيسة، وأوضح المصدر أن الاتفاق الذي أبرم وقت تولي الأنبا رافائيل المنصب، هو أن يستمر إلى حين انتهاء مدته ثم يتم اختيار خليفة له، وأوضح أن فترته انتهت منذ عام تقريبا، إلا أنه بضغوط قبل المكوث لفترة ثانية، إلا أن صداما ما حدث بين البابا والسكرتير، جعل الأخير يفكر في الرحيل عن سكرتارية المجمع المقدس، كما وسع الفجوة بين البابا والأسقف والمجمع، ودلل المصدر على كلامه بغياب الأنبا رافائيل عن أغلب المناسبات التي يتواجد فيها البابا، وهو ما يشير إلى وجود خلافات بين الطرفين.

الصدام الدائر بالتأكيد سوف ينعكس على جلسة المجمع المقدس، التي أجلت لشهر نوفمبر المقبل، حيث ستشهد نقاشات حادة فيما يتعلق بسيامة أساقفة جدد، أو التعاليم الخاطئة، وأخيرا والأهم هو معمودية الكاثوليك.

"نقلا عن العدد الورقي"..
الجريدة الرسمية