شيوعي في بيت صوفي.. كيف تشكلت شخصية خالد محيي الدين بين «الدروايش»
يقول عن نفسه: لم أعرف أي شيء عن السياسة إلا حين وصلت سن التاسعة، لكن رغم نظرته لنفسه يبدو أن ما قاله غير صحيح، يدلل على ذلك اتجاهاته فيما بعد التي لم تختلف عن نشأته، فالصاغ الأحمر كما عُرف في تنظيم الضباط الأحرار بدأ حياته صوفيًّا وأكملها شيوعيًّا وفي الحالتين كان نصير الغلابة مؤمن بحقوقهم مدافع عنهم وزاهد في الكثير من ترف الدنيا.
رحل خالد محيي الدين، في السادس من مايو 2018، لينتهي بذلك الرعيل الأول من تنظيم الضباط الأحرار، لكن «محيي الدين» الذي امتهن السياسة قائدًا ومعارضًا تجربته مختلفة عن باقي رفقاء السلاح، ودوَّنها هو في كتابه «الآن اتكلم» ورصد كيف نشأ هذا القطب الشيوعي في بيت صوفي.
يقول هو عن نفسه: «جدي الأكبر لأمي هو الشيخ الخليفة محمد عاشق، وفي بلدتنا كان هناك مسجده ودروايش وأحد أقطاب الطريقة النقشبندية، أما أبي فمزارع يملك من الأراضي ما يمكنه من العيش» هكذا نشأ خالد محيي الدين، أحد الضباط الأحرار الذي يؤكد أن طفولته في التكية وسماع الأذان خمس مرات كان له أكبر الأثر في حياته بعد ذلك».
نشأت على أناس يحبون الزهد والتقشف، يؤمنون بأن الدنيا لا تساوي شيئًا ويأكلون ما يقدم إليهم؛ لذلك فقط كان انتمائي الأول إلى الفقراء، أما الحالة الصوفية فقد ساعدته كما يوضح في تكوين أفكاري الأولى.
في التاسعة من عمره تبلور هذا الأمر أكثر، ويعترف أنها النقطة الأولى التي أدرك فيها أنه تعرف على السياسة فيحكي «في التاسعة من عمري حين احتدم النقاش بين أبي وخالي بسبب صدقي باشا، رئيس الوزراء آنذاك، وما بين أبيه المدافع عن رئيس الوزراء باعتباره أسقط ديون الفلاحين، وبين خاله المدافع عن الحرية برز وعي الولد ذي التسعة أعوام على السياسية، لكنه اختار في النهاية رؤية أبيه حتى لو كانت الدنيا كلها تهاجم صدقي باشا كونه ديكتاتورًا»
ويقول عن تلك الفترة مجتمعة: لم أدرك ما حدث لي، بل أن انتمائي للشيوعية في بداية حياتي السياسية لم يكن بسبب الفقراء قدر العمل الوطني الجاد، ولكن مع مرور الوقت تأكدت من بلورة أفكاري وحين فكرت فيها عرفت أن الأصل يعود إلى نشأتي في تكية.