رئيس التحرير
عصام كامل

بسبب قلة المقاعد.. أطفال لاجئون دُون مدارس في ألمانيا

فيتو

اصطدم اللاجئون السوريون في مدينة دويسبورج بغياب مقاعد شاغرة لأبنائهم في المدارس الألمانية، الأمر الذي يدفع عددا منهم إلى الانتظار عدة أشهر، في وقت يعترف المسئولون بوجود مشكلة في ذلك!

اقتربت أسرته من إكمال سنة في ألمانيا، منذ أن التحقت به في إطار لمّ الشمل المخصصة للاجئين، ولا يزال اثنان من أبنائه الثلاثة دون مدرسة. هي قصة محمد عامر، لاجئ سوري، بعمر 57 سنة، وصل إلى ألمانيا في سبتمبر 2015. مهندس ميكانيكا سابق، من دير الزور، أجبرته ظروف الحرب في سوريا على الفرار لضمان حياة كريم لأسرته، لكن لحد اللحظة، لا يزال في انتظار بريد رسمي من السلطات المختصة بمدينة دويسبورغ حتى يسجّل أبنية في المدرسة.

يدور الأمر تحديدًا حول الطفل عرفة، بعمر 11 سنة، أكمل الصف الرابع في سوريا. والطفل أحمد، 13 سنة، أكمل الصف السادس. بينما التحقت البنت الكبرى بمقعدها الدراسي قبل أشهر.

يحكي محمد عامر لموقع مهاجر نيوز: "بعد وصول أبنائي، استدعتهم المديرية التعليمية في مدينة دويسبورغ حيث نسكن. أجروا لهم اختبارات تحديد المستوى، ثم الفحوص الطبية اللازمة، وبعد ذلك طلب منا المسئولون الانتظار".

كانت زوجة عامر تعمل مُدرّسة في سوريا، عمل محمد عامر كذلك مُدرسا للفيزياء. ينظران اليوم بألم إلى طفلين يقضيان جلّ ساعاتهما في البيت عوض المدرسة. يقول عامر إن الطفلين نسيا تقريبًا حتى الدروس التي تعلماها في سوريا، بل إنهما طوال عامٍ من الوجود في ألمانيا، لم يشرعا بعد في تعلّم الألمانية.

تدفق أطفال اللاجئين
شكّل تدفق اللاجئين إلى ألمانيا بعد عام 2015 تحديًا للسلطات، إذ وجب توفير المدرّسين والمدارس لتعليم عشرات الآلاف من الأطفال الذين وصلوا مع أسرهم أو لوحدهم في بعض الحالات.

ووفق مكتب الإحصائيات الفيدرالي، ارتفع عدد الأطفال المسجلين في المدارس الألمانية خلال موسم 2017-2018، إذ يزيد حاليا عن 725 ألف طفل، بزيادة قدرها 0.6 عن الموسم الماضي. وقد همّ الارتفاع كل الولايات الألمانية باستثناء ولاية بادن فورتمبورغ.

ويُفيد المكتب أن عدد المدرّسين المتعاقدين بدوام كامل، بلغ في موسم 2016-2017 نحو 798 ألفا، بارتفاع قدره 7.1 بالمائة عن الموسم الذي سبقه، مقابل تراجع لعدد المدرّسين العاملين بدوام جزئي.

كما ارتفع إنفاق الحكومة الفيدرالية والحكومات المحلية على التعليم، برقم إجمالي يصل إلى 4.4 مليار يورو عام 2016، أي بزيادة 3.5 بالمائة عن عام 2015. ومن أسباب ارتفاع عدد التلاميذ، هناك تدفق اللاجئين، إذ وصل عدد تأشيرات لمّ الشمل عام 2016 إلى 100 ألف.

قصص أخرى
ليس أحمد وعرفة الطفلان الوحيدان اللذان لم يلتحقا بعد المدرسة. القصة تتكرّر مع الكثير من أسر اللاجئين السوريين في المدينة ذاتها، أيْ دويسبورغ، حسب ما يؤكده وائل الذي وصل رفقة أسرته، في رحلة محفوفة بالمخاطر، من مدينة درعا السورية إلى ألمانيا، بداية 2017.

بعد التسجيل في قوائم اللجوء والقيام بالاختبارات والفحوصات الطبية لأجل تدريس ابنته، كان جواب مديرية التعليم بانتظار بريد سيصل إلى بيت الأسرة في وقت قريب يحمل اسم المدرسة حيث ستلتحق الطفلة، لكن البريد لم يصل بعد.

ضمن أسرة وائل، هناك ابن بعمر 22 سنة، وابنة بعمر 20، تسجلا قبل مدة في صفوف تعليم اللغة بمراكز التأهيل للعمل. لكن الطفلة البالغة 11 سنة، لا تزال دون دروس.

"سمعت عن المدارس الخاصة، لكن ثمنها غالي ولا قدرة لي على سداده. ابنتي دون تعليم منذ سنتين، علمًا أنهم أرجعوها في اختبارات تحديد المستوى إلى الصف الخامس. أي أنها أضاعت أربع سنوات تقريبا" يحكي وائل، متابعا: "باستطاعة أطفال اللاجئين في بلدان أخرى ليست متطورة مثل ألمانيا أن يدرسوا، بينما يحرم أبناؤنا لحدّ الآن من هذا الحق، رغم كونهم في ألمانيا".


ولا تختلف حكاية الطفل محمد، 12 سنة، من مدينة حلب، عن قصص سابقيه، فقد درس عامين في سوريا، وعامين في تركيا، لكن منذ وصول الأسرة إلى مدينة دويسبورغ قبل عام ونصف، وهو لا يدرس. يقول والده، جابر، 37 سنة: "عندما نذهب للسؤال عن الموضوع. لا يمنحوننا حتى فرصة الحديث، إذ يردون علينا بضرورة انتظار البريد وبأنه لا يوجد حاليا مقعد شاغر".


اعتراف بالمشكلة.. وجهود لتجاوزها
تعترف بلدية مدينة دويسبروغ بوجود مشكلة في التحاق كل أبناء اللاجئين بالمدارس، إذ يقول قسم الاتصال بالبلدية في تصريحات لـ مهاجر نيوز إن المدينة شهدت ارتفاعًا كبيرًا في أعداد التلاميذ منذ 2015، إثر تدفق اللاجئين في وقت زمني قصير، فضلًا عن وصول أعداد من المهاجرين القادمين من دول الاتحاد الأوروبي وشرق أوروبا، وهو أمر غير مسبوق بالمدينة التي شهدت، في الفترة ما قبل وصول المهاجرين واللاجئين، إغلاق مجموعة من المدارس بسبب قلة التلاميذ.

ويضيف القسم أنه لا يمكن توفير المدارس وتوظيف الأساتذة في فترة زمنية قصيرة، لافتًا أن الصعوبات تتركز بشكل كبير في المستويات الدراسية ما بين الخامس والسابع، وأنه لا يمكن حاليًا للأسر تجنب قوائم الانتظار لأجل الحصول على مقعد دراسي لأبنائها. لكن مع ذلك، استطاعت مدارس المدينة أن تستقبل أكثر من 4200 تلميذًا من أبناء المهاجرين واللاجئين خلال العامين الماضيين.

وتتحدث البلدية عن أنها تعمل بجهد كبير لأجل التغلب على التحديات وتمكين أطفال المهاجرين واللاجئين من الالتحاق بالمدارس، ومن ذلك تخطيطها الموسم المقبل لتوفير فصول متنقلة إضافية في مجموعة من المدارس بشكل مؤقت. وموازاة مع هذا الإجراء، تعمل البلدية، حسب تصريحات قسم الاتصال ببلدية دويسبورغ على توسيع الفضاءات المدرسية الحالية من أجل توفير مقاعد الدراسة لجميع أطفال المدينة في أقرب وقت ممكن.

إسماعيل عزام - مهاجر نيوز 2018

هذا المحتوى من موقع دوتش فيل اضغط هنا لعرض الموضوع بالكامل

الجريدة الرسمية