رئيس التحرير
عصام كامل

«كي نبرأ من اليباس» قصيدة للشاعر حسن العاصي

الشاعر حسن العاصى
الشاعر حسن العاصى

لم يعد قلبي كما كان

تعثّرت طيوري في درب الريح

تاهت ناصيتي وأصبحتُ يتيمًا

ونهري أضحى عاريًا

صار لي عصفورين في غابة الغرباء


كانا مثل رحيق البسمة

بلسمًا لكل داء

كأنهما ساقيات الكروم

يبحثان عن العناقيد العابرة

أصبحا حزن يجثم فوق غصن الوريد

بعيد كلاهما

مثل أرجوحة غادرت ساحة العيد

وأنا في هذا الدمس الشديد

تذبل داليتي وعيناي تشتهي الجنون

وعصافير لا ترحل

نصفي ضاع هناك قرب السور

على أطراف الحجارة

حيث الشقيقات المكلومات

يزاحمن دمعي على القبور

وعاد نصفي مسافة شاحبة

كمد يطوي خطاي

وصور تفصد وريد الحياة

لا قرار لهذا الشقاء

غزير بالحزن والانكسار

من يمتلك سر هذا الرماد؟

ومن للحجر البارد يفسر زخّات التراب؟

وحدها العَرَبة هنا ضالعة في نحري

تكتظ بالوجوه المتوقّدة في سكينتها

قد أعيا الرحيل جهاتي يا ربي

وضاق بي دربي

تراني أقبض بالبصيص الباقي

كي ينام الوقت قليلًا أو لا يستيقظ

لأنني كثيرًا كثيرًا أخاف

في عتمة العمر

ازدحام الغصن بالعصافير

وأخشى سقوط هامة الطريق

لعل حين يشدّني البياض ويأتي موتي

يغفو نصفي في كف أبي

ونصفي قرب أضلاع الشقيق يرقد

أقصص حزني ووحشة ثوبي

أقتسم معهما رحلتي بما أنبتت

إذ يبتلع البحر الغابة

حيث لا فراق ولا جدران

ولا طيورًا تنقسم أجنحتها

هنا أقبع وحيدًا مثل نعش يخشى بياضه

يتدحرج تيهي مرتبكًا فوق الصناديق

مثل ندف الحزن يتدفق

لا ينفع فيه سبات ولا جنون

أوشك تعبي أن يصل

تعالوا نتوغل في المقبرة

كي نبرأ من اليباس

أبدًا لم أكنْ أحدثكم هنا عن الموت

ولا عن وجع الفراق

هنا كنتُ أحدثكم عن والدي محمد وأخي حسين.

الجريدة الرسمية