رئيس التحرير
عصام كامل

رئيس الطائفة الإنجيلية: «الكتاب المقدس أنفاس الله»

 القس اندريه زكي
القس اندريه زكي رئيس الطائفة الإنجيلية

ثمة اختلافات واجهتها الطائفة الإنجيلية، بسبب الندوة التي حملت عنوان "نقد لا نفض"، والتي خاضت في تفسيرات الكتاب المقدس، واتخذت منهجا للدفاع عن الإنجيل ضد المشككين في بعض أحداث الإنجيل، بل وراح آخرون يضعون شخصياته وإحداثه في منطقة الرمز، وهو ما أحدث لغطا كبيرا في الوسط المسيحي.


الدكتور القس أندريه زكي رئيس الطائفة الإنجيلية، وقف في صف الحق الكتابي، وتطوع لشرح الحقائق التي من المفترض أنها ثوابت في التعاليم المسيحية، بل وأغلق الباب أمام المنادين برمزية أحداث وشخصيات الكتاب المقدس.

أندرية زكي اعتبر أن التفاعلات التي أثيرت مؤخرا حول الكتاب المقدس، هي محاولة لتآليه العلم، والتعامل مع الحقيقة باعتبارها صناعةً اجتماعيَّةً وبناءً نسبيًّا؛ فكلُّ شخصٍ يصنع الحقيقة حسب رؤيته، مؤكدا أن المجتمع قفز من الحداثَةِ إلى ما بعد الحداثةِ معلنًا غيابَ المرجعيَّة وموت قصد مؤلِّف النص، حتَّى لم يَعُد للمعنى وجود إلا في ذهن القارئ، ممَّا أدَّى إلى شخصنة العقيدة والتعامل مع المُطلَق على أنه نسبيٌّ ومع النسبيّ على أنه مُطلَقٌ.

رئيس الطائفة الإنجيلية لم يحتكر الحق والتفسير لأحداث وآيات الكتاب المقدس، كما أشيع بسبب حملة "نقد لا نقض"، بل اعتبرها دعوة لانتقاد أفكار الأشخاص بحرِّيةٍ ونزاهةٍ في مكانٍ آمنٍ دون نقضِهم أو هدمِهم؛ فلم تكن الحملةُ- ولن تكون- لنقدِ الكتاب المُقدَّس، وهذا ما أبرزه عنوان ندوة "مِنصَّةِ الخلافِ التفسيريّ"، التي انعقدت في أبريل الماضي، بكلية اللاهوت الإنجيلية بالقاهرة، تحت رعاية حملة "نقد لا نقض".. وقد خلط البعضُ- بقصدٍ أو بدون قصدٍ- بين عنوان الحملة، الهادف إلى بناء الأشخاص لا هدمهم، وعنوان الندوة الذي يدور حول الاختلافاتِ التفسيريَّة، وجعل البعضُ عنوانَ الحملة هو عنوان الندوة، مما أدَّى إلى خلطٍ وارتباك؛ فالحملة لا تدعو قطّ لنقدِ الكتاب المقدس، بل تدعو لنقد فكر الأشخاص بدلًا من هدمهم.

وقف أندرية زكي في منطقة العقل، مؤكدا أن سلطة الكتاب المقدس هي سلطةٌ روحيَّةٌ تتعامل مع الإنسان ككائن عاقل، لذا فهو يحتاجُ إلى مرجعيَّةٍ للعقائد التي تُشكِّلُ عقله، كما أن الإنسان أيضًا كائنٌ أخلاقيٌّ يحتاج لمرجعيَّةٍ توجِّه تصرفاتِه وسلوكيَّاتِه، وكائنٌ روحيٌّ يحتاج إلى معنى للحياةِ والخلودِ، ويتعامل الكتابُ المقدَّس مع كل هذه الجوانب؛ فهو إعلانُ الله المكتوبِ الكامِل، الذي يتعامل مع الإنسان بأبعادِه المختلفةِ، وهو السلطةُ الروحيَّةُ التي تشكِّل حياةَ الإنسانِ، وهو المرجع الضابط لعقيدتِه وسلوكه ورؤيته للحياة والخلود.

الكتاب القدس من وجهة نظر رئيس الطائفة الإنجيلية هو أنفاس الله، حيث يؤمن متفقا مع آيات الإنجيل أنه الإعلانُ الإلهيُّ الذي كتبه "أُنَاسُ الله الْقِدِّيسُونَ مَسُوقِينَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ" (2 بط 1: 21)، هو أنفاسُ الله التي عبَّر عنها الكُتَّابُ بلغتهم وثقافتهم، وتحتَ سُلطانِ الرُّوحِ القُدُس.

يؤمن زكي أن إعلان الله في إشارة إلى الكتاب المقدس معصومٌ في معناه؛ لأنه أنفاسُ الله، وأيضًا معصومٌ في نصوصه لأن المعنى مرتبطٌ باللفظ، ولا يجوز فصلُهما؛ فعلاقةُ المعنى باللفظ هي علاقةُ الروح بالجسد، وفي انفصال الروح عن الجسد يحدث موتٌ، وبالتالي هناك علاقةٌ وثيقةٌ بين المعنى واللفظ.

يرى رئيس الطائفة الإنجيلية أيضًا أن الرُّوح القدس هو الذي عمل في الكتاب بطريقةٍ معجزيةٍ لكتابة الإعلان الإلهيّ، كما كانت له الهيمنة على الكنيسة في تحديد قانونيَّة الأسفار المقدَّسة التي بين أيدينا اليوم، وهو الذي يرشد ويقود في عمليَّات الترجمة المختلفة، وهو الذي يقودُ المؤمنَ اليوم إلى فهم الإعلانِ الإلهي المعصوم.

ويؤمن أن الروح القدس هو الَّذي سَاقَ الكُتَّابَ، وهو الذي حفظ القانونيَّة، وهو الَّذي يعمل لفهم هذا الإعلان السامي، ويختلف رئيس الطائفة الإنجيلية مع محاولة البعض الدفع إلى تعميم منهجيَّة التفسير؛ حرفيَّةً كانت أم رمزيَّةً، حيث إنها تهدمُ المعنى الحقيقيَّ للنصِّ المقدَّس، بكلِّ تنوُّعِه البشريّ وسموِّه الإلهيّ، والذي يستلزم جهدَ علماء التفسير الذين يفنون حياتهم بحثًا عن التفسير الصحيح.
الجريدة الرسمية