رئيس التحرير
عصام كامل

«الحلمية» قرية نموذجية بالشرقية محرومة من الخدمات.. مشروع الصرف بدأ منذ سنوات ولم ينته.. الطريق الرئيسي عذاب للأهالي.. المستشفى يتحول لطب أسرة.. رئيس مدينة: «لازم الأهالي تستحمل»

فيتو

«دوام الحال من المحال»، لم تكن مجرد حكمة عابرة يرددها الكثير، كمدًا وحسرة على زمن ولى، ولكنها شرح مأساوي لما آلت إليه قرية الحلمية، التابعة لمركز أبو حماد بمحافظة الشرقية، والتي يبلغ عدد سكانها قرابة الـ34987 نسمة، تلك القرية التي حالفها الحظ _قديمًا_ ورُشحت كقرية نموذجية، وبالفعل فازت باللقب لعدة سنوات متتالية.


الحال لم يدم بسبب ما وصفه الأهالي بتخبط قرارات المسئولين، وسوء التخطيط، رغم تخصيص ملايين الجنيهات لتنفيذ أعمال محطة رفع صرف صحي الحلمية، بتكلفة 10 ملايين جنيه لخدمة أهالي قرى الحلمية والعراقي بمركز ومدينة أبوحماد، إلا أن تلك المشروعات بسبب عدم التخطيط تنقلب من نعمة لنقمة يعاني منها الأهالي.

صرف صحي قديم
منذ أكثر من 30 عاما تم مد شبكات الصرف الصحي لمنازل القرية، ونظرًا لعدم الاهتمام بالصيانة والتطوير الدوري، تآكلت الشبكات ما أدى إلى ترب مياه الطفح للمنازل، وغرق كثير منها، حتى أن عدد من المنازل تآكلت جدرانها وأصبحت آيلة للسقوط، وبعد شكاوى دائمة وطرق الأهالي لأبواب المسئولين، لسنوات، جاء الحل أخيرًا - ضمن الخطة الموضوعة لتطوير الصرف الصحي على مستوى الجمهورية-.

وبالفعل تم البدء في أعمال الحفر على الطريق الرئيسي الواصل بين مركزي أبو حماد وبلبيس، وكذلك عدد من الشوارع الجانبيه، إلا أن إهمال القائمين على المشروع، من المقاول وغياب الرقابة من الأجهزة التنفيذية، تسبب في مشكلات عدة للأهالي، منها غلق عدد من الشوارع الداخلية، بسبب أعمال الحفر التي تمت دون رد الشيئ لأصله، حتى أن كثير من قاطني القرية، ممكن يعملون على سيارات الأجرة، يضطرون لترك سياراتهم في أبعد نقطة عن منازلهم مما يعرضها لأعمال السرقة، علاوة إلى المعاناة المادية والجسدية التي تواجه الأهالي.

الطريق الرئيسي
أما بالنسبة للطريق الرئيسي، فزاد أمره سوءًا حيث تم البدء في رصف الطريق أكثر من مرة خلال نفس العام، وبعد كل عملية رصف يأتي عمال الصرف الصحي ومياه الشرب، للبدء مرة أخرى في أعمال الحفر، الأمر الذي تسبب في تدني مستوى الطريق، وتحويله من طريق أسفلتي ممهد لسير سيارات النقل الثقل والخفيف، لمدقات، يعاني أهالي القرية الأمرين لقضاء حوائهم داخل القرية أو خارجها، حتى إن سكان القرية يجدون معاناة شديدة في الذهاب إلى أعمالهم اليومية، أو حتى ذهاب ذويهم إلى المدارس والجامعات.

وتقول إحدى أهالي القرية، «مشروع الصرف القديم ده في حد ذاته مصيبة بسبب الطفح المستمر مما اضطر بعضنا للتصريف في الترعة «الرشاح» المستخدمة في ري الأراضي الزراعية، مما يسبب أمراضا وانتشارا للأوبئة».

مدقات ومعاناة
وأضاف آخر: «الطريق متكسر ومتبهدل بسبب إدخال مواسير الصرف الصحي الجديد والذي استمر العمل به أكثر من 5 سنين ولم ينتهي حتى الآن، وبالطبع الطريق يوميًا يتعرض لأعمال الحفر حتى أن الطريق الرئيسي الرابط بين مركزي أبو حماد وبلبيس وصولًا للعاشر من رمضان، تحول لمدقات، وكأننا في إحدى قرى العصر الحجري».

ولم يختلف الأمر في المعاناة بين الأهالي وذويهم، حيث الأزمة الكبرى لطلبة الجامعة، الذين يضطرون لاستقلال سيارات أجرة -غير آدمية- للوصول إلى المركز، ومنه إلى الجامعة.

فيقول أحد الأهالي: «رضينا بالهم»، مفسرًا عبارته بأن أهالي القرية والقرى المجاورة إعتادوا سيارات الأجرة النصف نقل لتقلهم من وإلى القرية، منذ نشأتهم، ولكن ما كان يهون عليهم أن الطريق لم يكن بهذا السوء، حتى أن كل من يستقل السيارة في مسابقة لا تتعدى الـ 5 كيلو مترات يشعر وكأنه في رحلة استغرقت عام من عمره، بسبب كثرة المدقات والحفر الموجود وسط وعلى جانبي الطريق، إلى جانب مد المواسير الضخمة أمام مداخل الشوارع الجانية، فتسبب أزمة للأهالي لقضاء حوائجهم اليومية.

شر البلية
وبنبرة ألم لا تخلو من السخرية، قالت إحدى السيدات: «بخاف أخرج من بيتي لإستقلال أي سيارة أجرة على الطريق إلا في الضرورة القصوى بسبب حملي، خاصة وأنني أكثر من مرة تعرضت لتعب وإرهاب شديد بسبب كثرة المدقات التي تواجه السيارات، مما قد يعرضني للإجهاض في أي لحظة».

سائقو الأجرة
ومن الأهالي للسائقين فيقول، أحد سائقي الأجرة على خط أبو حماد - بلبيس داخلي: «رغم أن سيارتي حديثة ولم يمر عليها أكثر من عام إلا أنه بسبب تدني حالة الطريق والرشح وطفح مياه الصرف على طول الطريق تعرضت السيارة لأكثر من مرة للعطل، وكأني اشتريتها من 10 سنوات، وغير المعاناة اليومية في العمل بسبب الطريق، إلا أن تعطل سياراتنا يؤدي إلى وقف الحال، لأنها مصدر رزقنا الوحيد».

وأضاف آخر، كنت اجري الاصلاحات للسيارة «عَمرة» كل 5 سنوات، إلا أنه في آخر عامين اضطر للذهاب للميكانيكي شهريًا وبشكل دوري».

رئيس المدينة
ومن جانبه قال المهندس وجيه صدقي رئيس مركز مدينة أبو حماد أن الحفر والتكسير بشوارع الحلمية سببه عمليات الإصلاح التي تقام بالقرية؛ لاستهداف مشروع صرف صحي يليق بالقرية، لافتًا إلى أنه لا يصح رصف الطرق قبل إنهاء المشروع لإرضاء الأهالي، بل يجب على الأهالي أن يتحملونا قليلا، حيث من المتوقع انتهاء المشروع في 30 مايو الجاري.

وتابع: قمنا بالحفر مؤخرا بالقرية لوضع كابلات الكهرباء تحت الأرض حتى لا نضطر فيما بعد للتكسير والإصلاح مرة أخرى مما يعتبر إهدار للمال العام.

المستشفى العسكري
ولم تقتصر معاناة قرية النموذجية -سابقًا-، على المرافق الخدمية المتدنية، بل على المستوى الصحي أيضًا يعاني الأهالي رغم وجود المستشفى العسكري الذي جاء في صدارة المستشفيات العسكرية التي تجلي دورها في حرب أكتوبر عام 1973 وتم اختيار قرية الحلمية؛ لتكون مقرًا للمستشفي العسكري، وبالفعل تم تجهيزه بجميع الأجهزة الطبية وإحاطته بسور عالٍ من أشجار الكافور حتى لا يمكن للطائرات الإسرائيلية رصده.

ففي أثناء الحرب كان يستقبل نحو 1000 مصاب، حيث كان يضم 23 عنبرًا بطاقة 70سريرا في كل عنبر وبعد انتهاء الحرب تحول المستشفي ليصبح مستشفى تكامليًا تابعًا لوزارة الصحة وبنفس التجهيزات العسكرية الضخمة، وظل على هذا الحال إلى أن جاء قرار الهدم _كما أسماه كل من عرف إمكانيات تلك البناية الطبية الضخمة_ بتحويل المستشفيات التكاملية إلى مستشفيات طب الأسرة وفقًا للقرار رقم 50 لسنة 2008 بتحويل مستشفى الحلمية التكاملي صاحب التجهيزات العسكرية الضخمة إلى مجرد مستشفى خاص لطب الأسرة.
الجريدة الرسمية