رئيس التحرير
عصام كامل

وكيل كلية الدعوة بالأزهر: الدعوة لـ «وحدة الأديان» لغم سياسي لتفجير المجتمعات من الداخل

فيتو



  • الدين العالمي يفرغ العقائد من مضمونها
  • الدين العالمي ينزع القدسية عن الكتب والأديان السماوية



«الدبلوماسية الروحية- الأديان الإبراهيمية- الديانة العالمية- وحدة الأديان».. كلها ألفاظ حديثة ظهر استخدامها في أواخر القرن الماضي، تحمل في ظاهرها معانىٍ حسنة، وتدعو إلى التسامح والتعايش والسلام ومعاملة أهل الكتاب بالعدل كما أمر الله تعالى، لكن باطنها استخدمه مجموعة من المُلبسين الذين لهم أغراض معينة جسرا لمعانٍ باطلة، وستارا لحقيقة “الخلط “ بين الأديان.. هذا ما أكده الدكتور محمود الصاوى وكيل كلية الدعوة بجامعة الأزهر في حواره مع “فيتو”، مشيرًا إلى أن مخترعى هذه الألفاظ يريدون تفريغ العقيدة الإسلامية من جوهرها القائم على شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وتصبح الفكرة الأهم هي الوصول إلى الله تعالى عبر أي ديانة صاحبة كتاب سواء اليهودية أو المسيحية أو الإسلامية.

“الصاوي” أوضح أن أخطر ما يواجهه المفكرون هو كثرة المصطلحات التي تحمل في ظاهرها معنى حسنا، بل ابتكرها أصحابها لتمرير المشروعات الهدامة... وإلى نص الحوار:



> ما المقصود بالديانات الإبراهيمية؟
مصطلح الديانة الإبراهيمية أو وحدة الأديان أو ما شابه من المصطلحات التي ظهر استعمالها في القرن الماضى تختلف بحسب السياق الذي تستخدم فيه، والغايات المستهدفة من وراء المناداة بها، فقد تكون حسنة لو كان القصد من ورائها إقرار مبادئ التعايش السلمى والبر والقسط في معاملة أهل الكتاب، وهذه مسائل دعا إليها الإسلام، وقد تكون سيئة لو كانت تقصد معبرا للمعانى الباطلة الهدامة، وستتراوح لحقيقة الخلط بين الأديان الذي يفقد العقيدة الإسلامية جوهرها وحقيقتها، فهى فلسفية النزعة، سياسية النشأة، إلحادية الغاية، تستهدف غايات شريرة، منها، إسقاط جوهر الإسلام وظهوره وتميزه، وإيجاد حالة من التشويش والبلبلة في المسلمين، بالإضافة إلى محاصرة المد الإسلامى واحتوائه.

> ما خطورة مصطلح الديانة الإبراهيمية؟
خطورة مصطلح الديانات الإبراهيمية أنه يقوم على كتابة دين جديد عالمى موحد للأديان، يجمع القيم المشتركة بين الأديان التي لا يوجد عليها خلاف ويدين المواطن بها، وهذا الطرح يفرغ الأديان من جوهرها، ويمحو وجودها ومقدساتها عبر مداخل شكلية قد تبدو مقبولة في بعضها، لكنها مدمرة للأديان، منها أهمية النبي إبراهيم داخل الأديان الثلاثة، والكتب المقدسة رغم اختلافها لكن وجودها أساسى كمرجع ديني، والقيم السماوية بالأديان الثلاثة خاصة أن أغلبها مشتركة كالمحبة والإخاء والتسامح.

> ما المقصود بمعركة المصطلحات في الدين، وما منهج التعامل معها؟
«وحدة الأديان - توحيد الأديان - توحيد الأديان الثلاثة - الديانة العالمية - وحدة الكتب السماوية».. كلها أساليب بارعة الاستدراج ولفت الأنظار إليها والالتفاف حولها، مثل الدعوة للروحية الحديثة القائمة على تحضير الأرواح، روح المسلم، وروح اليهودي، وروح النصراني، وروح البوذي، كلها دعوات باطلة، ومدمرة للأديان وللنسيج الاجتماعي، وهناك فارق كبير بين ما نؤكد عليه دوما أن هناك مساحات مشتركة بين الأديان السماوية في أصولها الصحيحة كأمهات الأخلاق وأمهات المحرمات وبين آداب الفوارق بين الأديان.
والمنهج الأصيل في التعامل مع المصطلحات الجديدة ألا نرفض المصطلحات ولا نقبلها قبل أن نعرف مراميها وأهدافها وما فيها من حق أو باطل، هدى أو ضلال، خشية أن نرفضها بالكلية فنرفض الحق الذي هو فيها أو نقبل الباطل الذي قد تحتويه.

> ما دور المراكز أو المؤسسات الإبراهيمية في العالم، وما أهدافها؟
أخطر ما في هذه المؤسسات أو البرامج التي تتجلى من خلالها الدبلوماسية الروحية، أنها تخطط لنزع قدسية الكتب السماوية ليكون الدين الجديد هو محل القدسية، ونزع حرمة دور العبادة لتصبح مراكز الفكر الإبراهيمي هي التي لها الحرمة، وفتح باب التأويل المستمر للنصوص وفقا للأغراض السياسية، ومواجهة أي عقبات سياسية قد تقف أمامها، وتسعى هذه المراكز للانتشار عالميا عن طريق إقامة أفرع لهذه المؤسسات بالدول والأقاليم المختلفة.

> كيف نعرف أهداف مخترعى المصطلحات التي ظاهرها معان حسنة وباطنها معان هدامة؟
أولًا هذه فكرة فاشلة بامتياز ومخربة للأديان والمجتمعات لأنها تفرغ جوهر الأديان، ومن رواد هذا الفكر أحد قساوسة كوريا الجنوبية رئيس منظمة عالم الروح المقدس الصليبى ورئيس مؤسسة الخلاص من العالم المسيحي، والحق أن كلا الطرحين زائفان ويمثلان خطورة على الأديان والمنطقة العربية، ومصدر خطورتها في أمور عديدة أهمها فتح باب إعادة تأويل النصوص وهو أمر محفوف بالمخاطر لأنه لا يستند لقواعد الاجتهاد المعروفة، ونقل قدسية دور العبادة إلى مراكز الدبلوماسية الروحية وقدسية الكتب السماوية، استنادا إلى القيم المشتركة بين الأديان، وهذا أمر مرفوض تماما وخطير.

> ما مظاهر استهداف هذه الدعوات للإسلام؟
إنشاء مراكز إقليمية للرابطة الإبراهيمية، وإنشاء تخصصات داخل جامعات عالمية لتدريس هذا الفكر مثل جامعات فرجيينا وبنسلفانيا وتنظيم حلقات ومقررات وتدريبات لتناقش قضية كيفية تدريس الأديان، وأيضا العمل على بناء كوادر بمختلف دول العالم يتم تدريبهما على برنامج يسمى دورات الممارسين الإبراهيميين.

> ما علاقات الدعوات للديانة الإبراهيمية بقضية القدس؟
محورية قضية القدس وربطها بالديانة الإبراهيمية، ووصمها بعاصمة الدولة الإبراهيمية، ثم المحاولة الفجة لتطبيق النهج خلال مارس ٢٠١٧ من قبل منظمة الأونروا أمر يحتاج للتأهب، حيث إن منظمة الأمم المتحدة لغوث اللاجئين الفلسطينيين قامت بمحاولات لتغيير المناهج، ومحو كلمة القدس كعاصمة للدولة الفلسطينية، والإشارة للقدس على أنها المدينة الإبراهيمية، تمهيدا لخلق واقع جديد وخطير وبناء جيل جديد مؤمن بهذا الطرح، خاصة أنه موجه للأطفال من الصف الأول للصف الرابع الابتدائي.


الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو"
الجريدة الرسمية