رئيس التحرير
عصام كامل

عبد العزيز البشري: ما يجب أن يفعله الصائم في رمضان

فيتو

في مجلة المصور، في رمضان عام 1953 كتب الكاتب الساخر عبد العزيز البشري مقالا يصف فيه ما يفعله الصائم في رمضان وما يجب أن يفعله، يقول فيه:


«للصيام حكمة إلهية لا يعلمها إلا الله، ولكن لو بحثنا في فوائد الصيام لوجدنا فيه إعانة للإنسان على استرداد صحته، فيكون بمثابة رياضة للأبدان وعلاج للمعدة.

فإذا جاء هذا الشهر الكريم في الصيف فالصائم يظل 16 ساعة ممتنعا عن الطعام والشراب، أما إذا جاء في الشتاء فتنقص مدة الصيام إلى 12 ساعة، وهي مدة كافية لعلاج المعدة وتطهيرها.

إن كثيرا من الصائمين ليقضون صدرا من النهار في الشغل بالطعام، والتفكير فيما عسى أن يطهى لهم من ألوان الطعام، فهذا الصنف علاجه بالسمن، وهذا علاجه بالزيت، وهذا يسبك في فرن البيت، وهذا متبل وهذا الطرشي مخلل.

فإذا فرغ من إصدار الأوامر في شأن طعامه خرج إلى القهوة فقطع صلب النهار في الملاعب بالنرد (الطاولة) أو الدومينو أو الكوتشينة، أما كثرتنا نحن المسلمين فيبدأ إفطارنا عادة على شراب حلو بارد، وربما أعقبه بالتين والبلح والزبيب وغيرها من ألوان الحلوى بما نسميه "الخشاف"، ثم نأخذ في الطعام، فإذا هي تحوى من ماعسر هضمه وغلظ دسمه، وناهيك بالفول المدمس قد يعلوه البيض مقليا بالسمن، ثم صحاف اللحم ثم الخضر، وقد غرقت أيضا في السمن غرقا، ثم ألوان الحلوى، ولا تنسى الكنافة والقطايف وما أدراك ما الكنافة والقطائف.

وصدقوني إذا زعمت لكم أنه لو التفت علم الهندسة إلى هذه الكنافة فأدخلها في مادة البناء واتخذها بدلا من الخرسانة ما تصدع كوبري ولا سقط على الأرض بناء، وإن تقادمت عليه القرون الطوال.

وهناك شباب يصومون ويحبون بالطبع أن يسلوا صيامهم فيطلبون من المتاجر الكبرى الثياب والزينة، يمتعون النفس وينعمون الروح ويسترح النظر إلى كل داخلة وخارجة، وصادرة وواردة، وربما نبس لسانه بالهمسة، ورجفت عينه بالغمزة، وزحم طريقها في التماس اللمسة، ثم راح يطلب مواقف الترام فأرضى واجب البصبصة بألوان الكلام والدعوة الجريئة إلى المنكر والآثام، كل هذا ليسلى حضرته الصيام.

وبعد، فما ظنكم بهذا الضرب من الصيام، أفترونه حقا مما يقوى العزم، ويشد الطبع، ويطبع المرء على الاحتمال والصبر على المكروه، ألا هذه من حكم الصيام، أنظر كيف أحلناها؟

هدانا الله ورشدنا ووفقنا للعمل بحقيقة ديننا، ننعم ونسعد في دنيانا وآخرتنا».
الجريدة الرسمية