رئيس التحرير
عصام كامل

متى وكيف ستحارب سوريا إسرائيل؟!


بعد أن قامت إسرائيل بقصف مواقع سورية، ورد سوريا بأنها سترد بكل الوسائل الممكنة، يكون الاحتمال الأقرب لدى البعض قيام سوريا بقصف مواقع إسرائيلية بالطائرات أو ضربها بالصواريخ.


ومع ذلك هناك احتمال آخر يقول بأن سوريا لن تحرك ساكنًا تجاه ما حدث، فسوريا لم تتعود على محاربة إسرائيل بمفردها. فمنذ عام 1973 لم تدخل سوريا في حرب مباشرة مع إسرائيل، ولم تطلق رصاصة منذ انتهاء الحرب،على "هضبة الجولان" المحتلة التي تعتبرها اسرئيل اليوم جزءًا لا يتجزأ من دولة إسرائيل، بل  إن سوريا وقعت على اتفاقية "فك الاشتباك" بين سوريا وإسرائيل في 31 مايو 1974 في جنيف، تاركة الجولان محتلة حتى الآن.

كانت آخر الاشتباكات بين سوريا وإسرائيل خلال اجتياح إسرائيل للبنان فى أغسطس عام 1982, ورغم أن العماد أول مصطفى طلاس – أحد قادة الأسد - قال على موقعه في روايته للاجتياح الإسرائيلي للبنان: "منذ اليوم الأول للغزو تصدّت القوات السورية في البر والجو للقوات الإسرائيلية الغازية." فإن سطور التاريخ تقول إن سوريا لم تستخدم قوات جوية في مقاومة القوات الإسرائيلية، بل وافقت في 7 أغسطس على الانسحاب من بيروت في اتفاقية مع إسرائيل وباتفاق أمريكي.

بل إن القوات الإسرائيلية عاثت في السماء اللبناني قصفاً، فقصفت مخيمات الفلسطينيين في الضاحية الجنوبية لبيروت في العاشر من أغسطس, ثم مواقع للمقاومة الفلسطينية في بيروت الغربية في الحادي عشر من الشهر نفسه.

كما أن سوريا لم تنسب لنفسها طرد إسرائيل من لبنان عام 2000، فالفضل على إجبار إسرائيل على الانسحاب من لبنان عام 2000 يرجع للمقاومة الإسلامية في لبنان و"حزب الله" بشكل أكثر دقة. قد يكون لسوريا دور في إمداد المقاومة اللبنانية بالسلاح, ولكن تاريخ "الاحتلال السوري" للبنان يؤرخ في الوقت نفسه لبداية استخدام سوريا من يحارب باسمها تحت شعار "مقاومة إسرائيل".

الآن وبعد أن أصبحت الضربة الإسرائيلية واضحة داخل العمق السوري, يكون السؤال المطروح كيف سيكون الرد السوري على إسرائيل؟

قد يكون الرد على إسرائيل من خلال "حزب الله" الحليف الاستراتيجي للنظام السوري والذي تورط في فخ الدفاع عن القرى التي يقطنها لبنانيون داخل الأراضي السورية. وأغلب الظن أن قرار التدخل للدفاع عن القرى اللبنانية داخل سوريا لم يكن "لحزب الله", فحزب الله لم يكن ليتدخل إلا بموافقة سورية بل وبطلب سوري, لأن حزب الله لم يكن ليحارب جماعات تصبغ نفسها بالطابع السنى المتطرف خارج لبنان – كجبهة النصرة - في حين فعل الحزب كل ما يستطيعه لعدم الوقوع في براثن فتنة سنية شيعية في لبنان, فهو لم يتدخل لمساعد العلويين في طرابلس (وهم مناصرين لنظام الأسد) ولم يتدخل في الاشتباكات بين العلويين في جبل محسن وبين السنة في طرابلس.

بل إن حزب الله لم ترف عينه قلقاً من دعاوى إمام مسجد بلال بن رباح في صيدا, أحمد الأسير", والذي طالب علانية بطرد العائلات الشيعية من صيدا وأغلق طرق صيدا وأعلن ومؤيدوه الاعتصام، ودعا أنصاره للتحرك ضد حزب الله, فكيف "بحزب الله" أن يخاطر بقتال الجيش السوري الحر, أو جماعات مسلحة داخل الأراضي السورية غير مكترث باحتمالات أن ينقل الجيش السوري الحر أو تلك الجماعات معاركها إلى الداخل اللبناني, وبعضها جماعات تكفر من يختلف معها وهي لا تقاتل مسلحين بالضرورة بل تفجر وتقتل مدنيين أيضاً.

إسرائيل التى أعلنت التأهب على الجبهة الشمالية ونشرت بطاريات صواريخ القبة الحديدية قالت إن احتمال الرد السوري غير وارد، لأنهم يعتقدون أن الرئيس السوري بشار الأسد " – والنص لموقع قناة الجزيرة - لن يختار دخول معركة مع جارة مسلحة بشكل جيد في الوقت الذي ينشغل فيه في معركة في بلاده من أجل البقاء".

ضرب سوريا لإسرائيل قد يصب في مصلحة نظام الأسد ويحول الانتباه عما يحدث في الداخل السوري، ويحشد لها أنصاراً وبخاصة أنها لم تكن البادئة بضرب إسرائيل, بل ويحقق لسوريا الهدف الذي من أجله ساعدت حزب الله في حرب عام 2006.

الآن وقد جاءت الفرصة لسوريا – التي تساعد من يقاتل إسرائيل – أن ترد على ضرب إسرائيل لها, هل ستوجه سوريا ضربة لإسرائيل؟ أم ستقف عاجزة عن الرد لأنها في الحقيقة ليست على استعداد لتحمل مسئولية محاربة إسرائيل وحدها؟ أم سيكتشف أنصار "نظام الأسد" أن "الرئيس بشار" لن يحارب إسرائيل حتى يحافظ على "عرشه"؟ أم أن وجنتي بشار الأسد ستحمر خجلاً من صمته على ضرب إسرائيل لسوريا فيبحث مجدداً عن "حزب الله" ليحارب إسرائيل بالنيابة عنه؟

الجريدة الرسمية