5 ضباط يتنكرون في هيئة عمال تراحيل ويخترقون مافيا المخدرات بالقاهرة.. قضوا 43 يوما على الأرصفة وشاركوا في أعمال الهدم والبناء وحمل الرمل والزلط.. والنجاح نهاية رحلتهم الشاقة
مازالت المفاجآت تتوالى في قضية “أمناء الشرطة” المتهمين بالتواطؤ مع كبار تجار المخدرات بالقاهرة، ويوما بعد يوم تتكشف تفاصيل غاية في الغرابة والإثارة.. فقد كشفت تحقيقات النيابة العامة مع “الأمناء” المتهمين، أنهم كانوا يتقاضون رواتب شهرية من تجار المخدرات، تصل إلى 25 ألف جنيه، فضلا عن بعض الهدايا العينية.. وبعيدا عن تلك التحقيقات التي تحيطها النيابة العامة بقدر كبير من السرية، كشفت مصادر خاصة خطة الداخلية لإسقاط تلك المافيا.
تجارة المواد المخدرة
وفقا لمصادر خاصة، فإن الأجهزة الأمنية بوزارة الداخلية والإدارة العامة لمكافحة المخدرات، رصدت تزايدا ملحوظا في معدلات تجارة المواد المخدرة بكل أنواعها في منطقة الأميرية، مع انتشار واضح لـ”دواليب” الحشيش في الشوارع والطرقات، وبعد إجراء المزيد من التحريات، وجمع المعلومات عن تلك التجارة غير المشروعة، أعدت الإدارة العامة لمكافحة المخدرات، خطة محكمة هدفها الأساسي ضبط كبار التجار، وما بحوزتهم من ممنوعات.. اعتمدت الخطة على الدفع بعدد من ضباط المباحث غير المعروفين، متنكرين في هيئة عمال تراحيل، والتواجد في المنطقة بصفة مستمرة، مهمتهم الأساسية هي جمع أكبر قدر من المعلومات عن تجار المخدرات، وطريقة عملهم والأماكن التي يجلبون منها بضائعهم، ومواعيد تواجدهم وأماكن إخفاء المواد المخدرة.
المصادر أضافت: “اللواء زكريا الغمرى مدير الإدارة العامة لمكافحة المخدرات، أعطى توجيهاته بسرعة تنفيذ الخطة، وتولى اللواء شريف أبو المعالى الإشراف عليها.. وتم اختيار 5 ضباط؛ على رأسهم المقدم محمود الطيب، وتنكر بعضهم في هيئة عمال بناء، والبعض الآخر في زي عمال التراحيل، وانتشروا في شوارع منطقة الأميرية المعروفة بوجود مكثف لمروجي المخدرات، وبدءوا العمل في أعمال الهدم والبناء وحمل الرمل والزلط.. بعد عدة أيام استطاع الضباط جمع العديد من المعلومات المهمة عن مجموعة من أخطر “الدواليب”، في مقدمتها “داوود”، وهو متخصص في الحشيش والأقراص المخدرة والهيروين.. ودولاب “أبورجيلة”، وهو يروج الحشيش بكثافة.. ودولاب “البرادعي”.. ودولاب “نجم”، وغيرها من الدواليب الأخرى.. كثف فريق التحريات المتنكر نشاطه في جمع المعلومات، واستطاع الوصول إلى أماكن تخزين المواد المخدرة داخل شقق سكنية بالمنطقة، ورصد طرق البيع وأساليب الهرب من الحملات الأمنية.. ثم كانت المفاجأة المدوية عندما لاحظ الضباط تردد بعض أمناء الشرطة بصفة شبه منتظمة على تلك الدواليب، وتحدثهم مع القائمين عليها لفترات طويلة.
وعلى نحو يثير الشكوك حولهم.. عرض الضباط الأمر على رؤسائهم في الإدارة العامة لمكافحة المخدرات، وبدورهم رفعوه إلى اللواء مجدى عبد الغفار وزير الداخلية، الذي أصدر تعليماته برصد كل المخالفات التي قد يكون الأمناء متورطين فيها وتطبيق القانون على الجميع”.. المصادر أشارت إلى أن التحريات الجديدة أكدت تورط هؤلاء “الأمناء” بالفعل مع تجار المخدرات، وأنهم يحصلون على مقابل مادى نظير إخبارهم بمواعيد الحملات التي تشنها الأجهزة المختصة كي يتخذوا احتياطاتهم ويهربون من المكان”.
43 يوما
استمرت المهمة السرية– وفقا للمصادر- 43 يوما، جمع خلالها فريق البحث الميداني كل المعلومات عن كبار تجار المخدرات في الأميرية، وتم عرض الأمر على النيابة العامة التي أصدرت قرارا بضبط وإحضار كل المتهمين، تمهيدا للتحقيق معهم وإحالتهم للقضاء.. وفى ساعة الصفر، تحرك رجال الإدارة العامة لمكافحة المخدرات إلى منطقة الأميرية، مدعومين بعناصر من العمليات الخاصة وقوات الأمن، وتمكنوا من إلقاء القبض على عدد كبير من تجار المخدرات، وضبط 45 طربة حشيش وكيلو ونصف من مخدر الهيروين، فضلا عن كميات من الأقراص المخدرة، بالإضافة إلى بندقية وطبنجة و4 فرد خرطوش.
وعندما انتقل رجال الشرطة إلى الشقق التي يستخدمها التجار في تخزين سمومهم، اكتشفوا بها حجرات سرية، بحيث يتم الدخول إليها عبر دواليب ملابس، تم إعدادها لتكون ستارا لتلك الحجرات، وعثر بداخلها على كميات ضخمة من مختلف أنواع المخدرات.. وأثناء التحقيق مع المتهمين اكتشف رجال الشرطة وجود أرقام تليفونات ومحادثات بين بعض أمناء الشرطة وبين أصحاب دواليب المخدرات، فضلا عن اعترافات المتهمين أنفسهم بما يؤكد تورط هؤلاء الأمناء في القضية، وقد تمكن رجال المباحث من إلقاء القبض على بعضهم فيما بعد، وأحيلوا إلى النيابة العامة التي تباشر التحقيق معهم حاليا.
"نقلا عن العدد الورقي..."