«عرفان» ونعم المسئول في قلب السيول
لم يكن مشهد ظهور الوزير محمد عرفان رئيس هيئة الرقابة الإدارية في ظلمات الأربعاء الماضي بموقع السيول والأمطار المدمرة بالتجمع الخامس، سوى بارقة أمل نحو أداء أفضل للمسئولين بالدولة الفترة المقبلة وفي مواجهة عتمة الفساد والإهمال الذي غطى المنطقة بأكملها آنذاك جراء ما شهدته من مشكلات الأمطار الغزيرة دون تصريف لها.
فالرجل ضرب مثالا لفكر مسئولين نتمنى أن تكون الفترة المقبلة زاخرة بأمثاله كثيرا وفي شتى المواقع، ووقتها سيتأكد المواطن أن مصر في طريقها للأفضل، فعرفان ينتمي لذات المدرسة والمنهج الذي يعتنقه الرئيس السيسي في العمل والاجتهاد، ومتابعة كل صغيرة وكبيرة والإيمان أن التكامل والمساعدة وتلافي الأخطاء مسئولية كل رجال الدولة، وليس الأمر معقودا برقبة صاحبه وفقط ولذلك لم يكن غريبا أن يتطوع رئيس الرقابة من نفسه ويقوم بجولة مفاجئة في التجمع للوقوف على أسباب الأزمة.
بينما مسئولون آخرون هم الأقرب، والأولى بحل تلك المشكلة كانت عيونهم مغمضة وقلوبهم عليها مراوح يغطون في سبات التطنيش مكتفين بأحضان الوسادات والألحفة الثقيلة في منازلهم ومُحاطين بهواء الدفايات الساخنة اتقاء لذلك الطقس المفاجئ بما لا يقل خطورة عن الإهمال الذي شهده التجمع من قيادات جهاز المدينة أنفسهم في التعامل مع الأمطار.
رئيس الرقابة أكد أنه ليس من نوعية مسئولين الشو الإعلامي وارتداء عباءة المخلصين كذبا وبهتانا، فالرجل تحرك من بيته بمنطقة النزهة إلى التجمع قاطعا تلك المسافة بسيارته دون إخطار كاميرات التليفزيون وعدسات المصورين الصحفيين كما يفعل غيره من مسئولي الحكومة، بل إنني وحسب معلوماتي بحكم تغطية نشاط هيئة الرقابة الإدارية من الناحية الإعلامية فإنني على دراية أنه لم يبلغ حتى مساعدوه في جهازه أو يكتفي بمجرد تكليف أحدهم لمتابعة الحادث بل إنه فضل مشاهدته الحية من موقع السيول لمعرفة الحقيقة كاملة وكتابة تقريره حولها ليرفعه إلى القيادة السياسية لاتخاذ القرارات اللازمة حيال الأمر..
ما يعكس مدلولات كثيرة حول فكر المسئولين الواجب قُبوعهم فعليا على عرش المناصب بدولة ثورة ٣٠ يونيو، وفي ظل كل الإنجازات التي يقوم بها الرئيس بمجالات مختلفة، حيث يجب أن يكون معاونوه على ذات القدر من الاستحقاق ليصبحوا ممثلين للرئيس في مواقع مختلفة تتناسب وحجم تلك الإنجازات والتطوير بنواحي الدولة المتعددة.
ليس هذا فحسب هو المكسب الوحيد في ظهور عرفان بالتجمع لمتابعة كوارث الأمطار بل إن الأهم من وجهة نظري هو شعوره كمسئول بجسامة الحادث وتفاعله القوى مع ما تم رصده وبثه من معلومات وحكايات عن مشكلات ناجمة لإزالة الأمطار في التجمع، وإيمانه من داخله بأهمية حل الأزمة واعتبارها أمرا مهما يتطلب نزوله بنفسه ما يعني أن رئيس الرقابة الإدارية ضرب مثال ونعم المسئول في قلب السيول.
والله المستعان.