أيها المحزونون عفوا!
أيها القارئ الكريم الذي أصابتك الأحزان وظننتها جيشا عرمرما يداهمك من كل صوب قد يستغرق هذا المقال منك دقائق ويريحك أياما.
فعلا تتكالب هموم الحياة على من تعرضوا للابتلاء.. ويتوه الإنسان بحثا عن حل فيعيش منعزلًا مع نفسه، وعلى حاله باكيا أو صارخا إلى الناس شاكيا.. ولكن أمرًا ينساه المرء مع غشاوة اليأس وألم الحزن.. هذا الصنف من الناس لا نقول له إلا نداء واحدا نصه "أيها المحزونون عفوا".
نعم قد تحاصرك هموم الدنيا وقد تتعرض للحرمان من ملذاتها وتظن نفسك محروما.. لكن تدبر ولو لدقائق من وقتك، الأسطر التالية وحاول أن تستشعر معي اللذة الحقيقية التي يعيشها أصحاب النفوس السوية بأرواحهم ليرتقوا فوق ألم الدنيا ومنغصاتها.. الأسطر التالية عبارة عن أسئلة بسيطة.. إلى كل محزون ومهموم أو من ظن نفسه محروما من ملذات عابرة.
أيها المحزون أجب: «ماذا تساوي ملذات الدنيا أمام حلاوة كلمات كتاب الله».. و«ماذا تساوي ملذات الدنيا أمام لذة استشعارك لمعنى قوله تعالى: {ن ۚ وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ}».. و«ماذا تساوي ملذات الدنيا جميعها أمام لذة استشعارك لقوله تعالى {فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا}».
و«ماذا تساوي ملذات الدنيا أمام لذة استشعارك لقوله تعالى {لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ}»، و«ماذا تساوي ملذات الدنيا أمام لذة استشعارك لقوله تعالى {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ}.. وماذا تساوي ملذات الدنيا أمام لذة استشعارك لقوله تعالى: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ ۙ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا}».
وماذا ؟ وماذا ؟ يا سادة إن الأمر باختصار شديد يحتاج منا إلى وقت لأن مصادر اللذة الإيمانية قال عنها أحد الصالحين: «نحن في سعادة لو عرفها الملوك لجالدونا عليها بسيوفهم». وقال عنها ابن القيم: «إن في الدنيا جنة من لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة».. جميلة هي معايير الإيمان حينما نعيد التسميك بكتاب الله نقرأه ونتدبره ونعيش آياته.. محتاجون نحن للتفكر وللتدبر بعد أن طغت الحياة المادية علينا.. وصرنا تروسا في آلات.
لقد اقترب شهر رمضان فهل نتمكن من قراءة القرآن بتدبر وخشوع وصولا للاستفادة المرجوة من قراءة آيات كتاب الله.. سؤال يستطيع كل منا إجابته عمليا خلال الأيام المقبلة.
وللفضليات ربات البيوت أقول: «لقد تحولت كل سيدة مصرية في ظل ظروف الغلاء، في المنزل إلى أداء أدوار تعادل أدوار رؤساء الحكومات ووزراء المالية.. الغلاء فعلا طاغٍ.. لكن حكمتكن أقوى فاعلمن أن شهر رمضان ليس استهلاكا لسلع بقدر ما هو زرع لقيم عليا ينتظر زارعوها جني ثمارها في آخر الشهر الفضيل.. ولنا ولكن الله».