رئيس التحرير
عصام كامل

الآثار الإسلامية شوكة في حلق وزير الآثار.. 20 واقعة سرقة بالمساجد.. المياه الجوفية تهدد المناطق.. التعديات بالجملة.. ونقل المنابر والمقتنيات لتخزينها واستبدالها بمقلدات يفتح الملف

خالد العناني وزير
خالد العناني وزير الاثار

«سرقات متكررة ومياه جوفية وتعديات بالجملة وإهمال» هذا هو حال الآثار الإسلامية على مستوى الجمهورية الذي يمثل الشوكة في حلق وزير الآثار لكثرة مشكلات هذا القطاع الكبير بالوزارة والتي تراكمت مشاكله على مدار السنوات الماضية ولم ينجح وزراء الآثار السابقون في التغلب على مشاكله.


سرقة الآثار
لم تكن عملية اختفاء ثلاثة أجزاء صغيرة من الحشوة النحاسية من الباب الرئيسي لمسجد أبو بكر مزهر الأثري بحارة برجوان بمنطقة الجمالية الأولى من نوعها وخصوصا في ظل قيام وزارة الآثار بأعمال توثيق وتسجيل الآثار المنقولة داخل المسجد وجميع المساجد الأثرية للحفاظ عليها، وتم بالفعل تسجيل وتوثيق العديد من المشكاوات ودكك المبلغ والمنابر وكراسي المصحف في بعض المساجد الأثرية.

ووقعت العديد من السرقات على مدى السنوات السبع الماضية للآثار الإسلامية، بسبب تداخل الاختصاصات، ومنها سرقة "النص التأسيسي" من المنبر الخشبي لمسجد "تمراز الأحمدي"، وسرقة النص التأسيسي ليوان السادات الثعالبة التابع لمنطقة الإمام الشافعي.

بالإضافة إلى سرقة الحشوات المكفتة بالفضة من باب مسجد السلطان برقوق بشارع المعز، وسرقة أجزاء من الباب الخشبي لمسجد الأشرف برسباي الأثري بمنطقة الجمالية، وسرقة لحشوات منبر مسجد السلطان الأشرف قايتباي بصحراء المماليك، وسرقة حشوات جانبي منبر مسجد الطنبغا المارداني، وسرقة بعض حشوات منبر مسجد أبو حريبة.

وتمكنت الإدارة العامة لشرطة النقل والمواصلات ومباحث مترو الأنفاق، من ضبط موظف أمن بالمتحف القبطي وبحوزته ٨ قطع أثرية في محطة مترو مارجرجس.

وكشفت التحريات، أن المتهم يدعى "أيمن فرج" موظف بإدارة الأمن بالمتحف القبطي ضبط أثناء مروره بمحطة مترو مارجرجس، وبتفتيشه عثر معه على 8 قطع أثرية مختلفة الأحجام كان وضعها في شنطة من البلاستيك بعد أن سرقها من باب خشبي للقديسة بربار المعروض بالمتحف.

التعديات
وتعد التعديات على الأراضى الأثرية من كوابيس العمل الأثرى التي تطارد المناطق والمواقع الأثرية ليلا ونهارا، حيث ينتهز المتعدون على تلك الأراضى أي فرصة للبناء عليها أو اقتطاع جزء منها لتحقيق أغراض شخصية ومكاسب خاصة.

وتتخذ إدارات المناطق الإجراءات القانونية ضد أي تعد على الأراضى الأثرية تبدأ بمحضر جنائى "إدارى في القسم المختص"، ويدون برقم ثم إرسال خطاب للحى أو المحافظة التابع لها المنطقة الأثرية، وذلك لأمرين هامين وهما إيقاف أعمال التعدى وعدم إدخال المرافق، ثم يتم تحرير محضر معاينة للتعدى بالاشتراك مع إدارة المساحة والأملاك بالوزارة وتتضمن لجنة المعاينة "مفتش آثار - مدير المنطقة - وعضوا من المساحة والأملاك".

وتقوم لجنة المعاينة بسرد جميع الإجراءات التي تم اتخاذها وتوصيف دقيق للتعدى وتوقيعه على خريطة مساحية، ثم يعتمد المحضر من مدير عام المنطقة ومدير عام المساحة والأملاك، ويعرض بعد ذلك على رئيس قطاع الآثار الإسلامية الذي يتم عرض محضر المعاينة على اللجنة المنبثقة من اللجنة الدائمة للآثار، وتتكون من 5 أعضاء من بينهم رئيس القطاع ومدير عام الإدارة المركزية للتعديات ومدير عام المساحة والأملاك وذلك لاستصدار قرار إزالة للتعدى.

المياه الجوفية
وتهدد المياه الجوفية والصرف الصحي معظم الآثار والمناطق الأثرية الإسلامية لوجود أكثرها داخل الكتل السكنية الشعبية التي تفتقر إلى أي تخطيط أو نظام عمراني يوفر لسكان تلك المناطق جميع الخدمات، وما يوجد بها من خدمات بسيطة تهالكت عبر السنوات الكثيرة التي مرت عليها دون صيانة أو معالجة، الأمر الذي انعكس على الآثار الإسلامية وجعل معظمها مهددا بالانهيار.

وعانت مقابر كوم الشقافة بمحافظة الإسكندرية، من إهمال شديد وتغرق في المياه الجوفية، وذلك بسبب ارتفاع منسوب المياه بعد توقف إحدى طلمبات المياه الجوفية بشكل مفاجئ مما أدى إلى ارتفاع منسوب المياه بالمقابر.

وأكد غريب سنبل، رئيس الإدارة المركزية للصيانة والترميم، أن المقابر تحتاج إلى خفض منسوب المياه الجوفية، مشيرا إلى أن هناك خطة لترميمها بعد خفض منسوب المياه من خلال مشروع ينفذه قطاع المشروعات بالوزارة.

وأضاف المهندس وعد أبو العلا، رئيس قطاع المشروعات، أنه جار معالجة ورفع المياه الجوفية الزائدة، بمنطقة كوم الشقافة بالإسكندرية، بعد ارتفاع منسوب المياه، مؤكدا أن الوزارة وضعت من قبل الاحتياطات اللازمة لمقاومة مثل تلك الأحداث.

وأوضح أبو العلا، أنه لا يوجد خطورة الآن على المقابر الأثرية بمنطقة كوم الشقافة، وذلك لأنها من الصخر، وليست تربة، وإذا حدث وتوقفت إحدى الطلمبات هناك الكثير من الاحتياطات اللازمة لتفادي المشكلة.

تدمير المعابد والمقابر
كما تهدد المياه الجوفية بتدمير المعابد والقصور والمتاحف الأثرية التي عاشت آلاف السنوات وظلت شاهدة على الحضارة المصرية.

وعلى الرغم من أن وزارة الآثار استنجدت بهيئة المعونة الأمريكية لدرء الخطر عن عدد من المواقع الأثرية المهددة بفعل ارتفاع منسوب المياه الجوفية، وذلك بإدفو وكوم الشقافة والفسطاط وأبيدوس، إلا أن هذه المواقع ما زالت تعانى من الخطر.

وأغرقت المياه الجوفية أرجاء معبد "أرمنت" بالأقصر، بسبب زيادة منسوب مياه النيل، الأمر الذي تسبب في تلف المعبد غير المفتوح للزيارة والمهمل منذ بضعة عقود.

القاهرة التاريخية
وأكد مصدر مسئول بوزارة الآثار، أن جميع الآثار الإسلامية مهددة بخطر المياه الجوفية في القاهرة التاريخية، مشيرا إلى أن جميع مناطق الآثار الإسلامية في الدرب الأحمر والجمالية وغيرهما تسبح على بحر من المياه الجوفية التي تحتاج إلى مشاريع ضخمة للتخلص منها وهذا يتطلب ترميم المنطقة وتطويرها بالكامل بما فيها منازل السكان غير الأثرية.

أزمة المنابر
وأثار نقل المنابر الأثرية من المساجد وتخزينها أزمة كبيرة بعد موافقة اللجنة الدائمة للآثار الإسلامية والقبطية على الجدول الزمني المقترح من قطاع الآثار الإسلامية والقبطية واليهودية لتسجيل ونقل الآثار المنقولة من المساجد إلى مخازن المتحف القومي للحضارة.

استبدال القطع الأصلية
واعتمدت اللجنة الدائمة للآثار الإسلامية والقبطية على الجدول المقترح للتنفيذ مع تكليف قطاع الآثار الإسلامية والقبطية بالتنفيذ، واستبدال القطع الأثرية الأصلية ببدائل حديثة أما بالشراء أو بالتصنيع بمركز الحرف الأثرية التابع لقطاع الآثار الإسلامية والقبطية تنفيذا لقرار مجلس الوزراء، ونقل القطع الأثرية المشار إليها إلى مخازن متحف الحضارة أسوة بمشكاوات مسجد الرفاعي وذلك للحفاظ عليها والاستفادة منها في العرض المتحفي لمتحف الحضارة أو المتاحف الأخرى بالجمهورية، حسن اختيار اللجان المختصة في ذلك، وتدبير الاعتمادات المالية اللازمة لعملية الفك والتغليف والنقل وكذلك لشراء وتصنيع مستنسخات بديلة بعد إعداد المقايسات اللازمة لذلك من الجهات الفنية المختصة، واستكمال عملية التسجيل لباقي المقتنيات الأخرى بالآثار الإسلامية والقبطية واليهودية للحفاظ عليها.

نقل الآثار
وأكد مصطفى وزيري الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، أن عملية التسجيل الأثري للمنابر والمقتنيات الأثرية بالمساجد بسجلات قيد الآثار يعتبر إجراء يتم للمرة الأولى في تاريخ الآثار الإسلامية والقبطية، في سبيل الحفاظ عليها ومنع العبث بها أو سرقتها.

واجتمع خالد العناني وزير الآثار، بقيادات الوزارة لاستعراض قرار اللجنة الدائمة فيما يخص قيام وزارة الآثار بنقل ٥٥ منبرا أثريا من المساجد الأثرية، التي كانت اعتمدت جدولا زمنيا مقترحا من قطاع الآثار الإسلامية والقبطية لتوثيق وتسجيل المقتنيات الأثرية بالمساجد ونقل مجموعة منها حفاظا عليها من السرقة.

من جانبه، أكد محمد عبد اللطيف مساعد الوزير رئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية، أنه في جلسة اللجنة الدائمة نفسها تم الموافقة على تسجيل عدد من المنابر الأثرية الأخرى، لكنه لم يتم نقل إلا منبر واحد فقط من مسجد أبو بكر مزهر، وذلك نظرا لأهميته حيث إنه من المنابر المملوكية كاملة العناصر الزخرفية بجميع مكوناته، وقد تم اتخاذ قرار نقله لأسباب عديدة، كما أشار محمد عبد العزيز المشرف على القاهرة التاريخية أن مسجد أبو بكر مزهر بحالة معمارية سيئة وهو مغلق منذ أكثر من ٥ سنوات ولا تقام به أية شعائر دينية.

وأضاف: وبالتالي جاء قرار نقله خوفا عليه من التلف أو السرقة لسوء الحالة التي كان عليها وتفاديا لتأثير الرطوبة والحرارة السلبي على أخشابه، إضافة إلى تعرض جزء من حشوات باب المسجد للسرقة خلال شهر أبريل الجاري، وقام فريق من الوزارة بعمل التوثيق اللازم قبل وبعد فك المنبر وذلك تمهيدا لتجهيزه لكي يعرض قريبا في قاعة عرض المتحف القومي للحضارة المصرية بالفسطاط.
الجريدة الرسمية