رئيس التحرير
عصام كامل

4 أزمات «تفخخ» مشروع طارق شوقي لإصلاح التعليم.. أولياء الأمور وميزانية «التابلت» أبرز الأزمات.. واستحداث هيئة إلكترونية ووثيقة سلوكيات للمعلمين في خانة «الإنجازات»

الدكتور طارق شوقي،
الدكتور طارق شوقي، وزير التربية والتعليم

>> طارق شوقى يواجه ترسانة قوانين المنظومة التعليمية الحالية... ومخاوف من عدم تأهيل المعلمين خلال 5 أشهر فقط

>> 5 مليارات جنيه تتحملها موازنة التعليم لطباعة الكتب وشراء الأجهزة الإلكترونية لـ"الطلاب".. والعام الدراسى 2020/2021 يشهد تخريج أول دفعة بـ"النظام الجديد"



مباركة حكومة المهندس شريف إسماعيل، لمشروع التعليم الجديد، المعروف بـ"إصلاح التعليم"، إلى جانب موافقة المجلس التنفيذي للبنك الدولي على منح مصر قرضًا بقيمة 500 مليون دولار أي ما يعادل أكثر من 8 مليارات جنيه - ربع القيمة المادية التي تحتاجها التربية والتعليم- لتمويل مشروعها القائم في الأساس على فكرة تغيير منظومة التعليم الحالية بتغيير طريقة التقويم والامتحانات وتغيير المناهج والتوسع في استيعاب الأطفال في مرحلة رياض الأطفال، بقدر ما كانت خطوة جيدة في طريق إصلاح المنظومة التعليمية التي عانت كثيرًا خلال السنوات الماضية، ماديًا ومعنويًا، بالقدر ذاته وأكثر يمكن القول إنها وضعت الوزارة، والوزير الدكتور طارق شوقى، أمام تحديات من شأنها، حال عدم التغلب عليها، عرقلة المشروع وإعادة الأوضاع إلى المربع "صفر".


ويأتي على رأس التحديات التي تواجه "شوقي" وفريقه ترسانة القوانين والقرارات الوزارية الحاكمة للمنظومة التعليمية حاليا، حيث يتطلب الأمر تغييرًا جذريًا في المواد القانونية الحالية، ويفسر الإعلان عن تنفيذ المشروع الجديد السبب وراء طلب الوزير الحالي سحب قانون التعليم الجديد قبل إرساله من مجلس الوزراء إلى لجنة التعليم بمجلس النواب، حيث يعني تطبيق النظام الحالي ضرورة تغيير القانون وكان من الصعب تغيير القانون مرتين خلال أشهر، وبناء عليه كان "شوقي" قد سحب القانون الذي انتهى وزير التعليم السابق الدكتور الهلالي الشربيني من وضعه وأرسله إلى مجلس الوزراء قبل رحيله.


وفور تولي "شوقي" المسئولية كان أول مطالبه سحب القانون، والإعلان عن تنفيذ مشروع التعليم الجديد يعني ضرورة تغيير نصوص القانون بشكل كبير قبل إقراره، لكن التساؤل المطروح حاليًا هل تنجح الوزارة في تمرير قانونها الجديد بتعديلاته خلال الأشهر القليلة المقبلة؟.. مع الأخذ في الاعتبار أنه أصبح لا يفصلها عن تنفيذ مشروعها الجديد سوى 5 أشهر فقط.


التحدي الآخر الذي يواجه الوزارة يتعلق بمخاوف أولياء الأمور والرأي العام من النظام الجديد، خاصة أن الرؤية المطروحة غير مسبوقة فيما يتعلق بنظام التقويم الخاص بالثانوية العامة، إلى جانب اعتماد نظام امتحانات الكتاب المفتوح، والتحول من الامتحان القومي إلى الامتحانات على مستوى المدرسة، وبدلًا من أن تحتسب درجة الشهادة الثانوية على امتحان نهاية الصف الثالث الثانوي، سيكون هناك 12 اختبارًا يؤديها الطالب عبر جهاز "التابلت" الذي سيتسلمه ليكون قادرًا على الإجابة عن الامتحانات من أي مكان حتى لو كان على مقهى، ورغم وجاهة الطرح المعلن فإن مخاوف أولياء الأمور قد تكون عائقًا عند التنفيذ. 


"التكلفة المالية".. التحدى الثالث الذي يقف أمام مشروع إصلاح التعليم، والتي تتضاعف سنويًا بسبب ارتفاع تكلفة الشراء أجهزة التابلت، وبدلًا من تحمل الوزارة تكلفة طباعة الكتب المدرسية فقط بأكثر من ملياري جنيه سنويًا، سيكون عليها بجانب ذلك تحمل ميزانية شراء أجهزة تابلت لكل الطلاب الذين يلتحقون بالصف الأول الثانوي، المقدرة بنحو 3 مليارات جنيه قابلة للزيادة.


أما أكبر المشكلات فيتمثل في أدوات التنفيذ ممثلة في الإدارات التعليمية والمديريات وكذلك المدارس، خاصة أن مدة 5 أشهر قليلة وقد لا تكفي لتدريب المعلمين والإداريين على طريقة العمل في النظام الجديد، حتى وإن كان الأمر مرتبطا بتنفيذه على الصف الأول الثانوي ومرحلة كي جي1 فقط. 


صحيفة البيانات الخاصة بمشروع التعليم، تشير إلى أن الوزارة لديها مشروعان الأول يُطلق عليه "التعليم 1"، والمقصود به النظام القائم حاليًا، والذي يضم جميع الطلاب في مختلف الصفوف الدراسية، والثاني يطلق عليه "التعليم 2" وهو المشروع الجديد الذي سيبدأ تنفيذه تدريجيًا بالبدء بالصف الأول الثانوي والأطفال الذين يلتحقون بمرحلة كي جي 1 العام القادم، ويستمر العمل في مشروع "التعليم2" مدة 14 عامًا، حتى يتم تخريج أول دفعة تتعلم وفق هذا النظام منذ التحاقها بالمدارس، في حين أن أول دفعة سيتم تخريجها من مرحلة الثانوية على هذا النظام ستكون هي دفعة 2020/ 2021. 


تجدر الإشارة هنا إلى أنه يتطلب العمل على تطبيق النظام الجديد، إحداث تغييرات جذرية في هيكل وزارة التربية والتعليم، فسيتم استحداث إدارات جديدة وإلغاء إدارات قائمة وهيكلة بعض الأجهزة والإدارات، ومنح مزيد من الصلاحيات للمديريات التعليمية والإدارات التابعة لها خاصة فيما يتعلق بالشقين المالي والإداري ودعم اللامركزية في اتخاذ القرار.


ويؤكد ما سبق ما جاء في الصفحة رقم 6 من وثيقة المشروع الموافق عليها من قبل البنك الدولي، حيث نص البند رقم 14 على أن "الإدارة المدرسية لا تمتلك صلاحيات كافية فيما يتعلق بالإشراف على المعلمين وموازنة المدرسة، وهناك فجوات وتداخلات ملحوظة، لاسيما بالنسبة للوظائف في وزارة التربية والتعليم على المستوى المركزي، وعلى مستوى المديريات والإدارات التعليمية. 


ثم تضيف الوثيقة: " ويتمثل أكثر الأمور التي تثير القلق في أن محدودية نطاق السلطة أدت إلى عدم معالجة بنود الموازنة الأخرى المهمة التي تتضمن تدريب المعلمين ومواد التدريس والتعلم والوسائل التعليمية مثل المعدات والمواد الكيميائية للتجارب العلمية. ولا يزال مديرو المدارس يستجيبون لنموذج الامتثال والسيطرة، ولا توجد بيئة قانونية أو مؤسسية أو مهنية تفرز دور إدارة حقيقية يرتبط بالتطوير المهني للمعلم أو عمليات التحسينات في المدارس على نطاق أوسع." وهذا يعني منح مزيد من الصلاحيات لمديري المدارس في ذلك الشأن.


أما الهيئات التابعة لوزارة التربية والتعليم والتي ستشهد إعادة هيكلة، فيأتي على رأسها المركز القومي للامتحانات والتقويم التربوي، حيث سيتم بناء قدرات المركز في 4 مجالات هي: تصميم الامتحانات بالتعاون مع إحدى الشركات الأجنبية الكبرى في مجال التقويم التربوي، والأمن واللوجستيات ويقصد به أمن معلومات الامتحانات وبنوك الأسئلة، ومجال عمله الثالث سيكون وضع وتحديد الدرجات وإدارة التقييم المستند إلى الحاسب الآلي.


والمجال الرابع من عمل المركز سيكون التحليل وإعداد التقارير حول الامتحانات التي تجرى للطلاب، كما ستتم إعادة هيكلة الأكاديمية المهنية للمعلمين لتتواكب مع البرامج التدريبية للمعلمين التي تتناسب مع المشروع الجديد، كما أن تدريبات المعلمين سترتبط بدرجات الترقي، وحتى أنه سيتم استحداث نظام جديد لاختيار المعلمين عند تعيين معلمين جدد، إضافة إلى وضع برنامج للسلوكيات المهنية التي يجب أن يتحلى بها المعلم ومدير المدرسة وهي أشبه بلائحة الانضباط السلوكي لطلاب المدارس.


ومن المنتظر أن يتم إنشاء هيئة جديدة لتكنولوجيا التعليم، يتم تأسيسها بوضعية قانونية مستقلة وهيكل حوكمة خاص بها ومصادر تمويل موازنة سنوية وإدارة وموظفين، وتكون لها أدوار ومسئوليات محددة تحديدًا واضحًا، وسيكون نطاق اختصاص هذه الهيئة تسهيل وإدارة تعميم وصيانة البنية التحتية الرقمية والإشراف والرقابة على ذلك دعمًا لممارسات التعليم والتدريس والتعلم الحالية، وكذلك الممارسات والطرق الحديثة التي يتم دعمها بتكنولجيات رقمية، وستعتمد الهيئة استخدام الطاقة في استخدام مكونات البنية التحتية التكنولوجية. 


كذلك سيتم إنشاء منصة إلكترونية لتقديم الخدمات وإدارة التقييم بمساعدة الحاسب الآلي، وسيعمل هذا المشروع على تصميم وإعداد وتطوير وطرح مجموعة من اختبارات تقييم الطلاب بمساعدة الحاسب الآلي على أن تجرى هذه الاختبارات مرتين في السنة للصفوف الأول والثاني والثالث الثانوي.
 

كما سيتم استخدام هذه المجموعة لتقييمات الصف الرابع الابتدائي والثالث الإعدادي على مستوى الدولة. وستعمل هذه المنصة الإلكترونية على تسهيل وتيسير وتأمين إجراء الاختبارات، وتحديد درجاتها، وتقديم شهادات (تقارير درجات الطلاب) للطلاب كل على حدة على نحو آمن، كما سيتم إنشاء وحدة لإدارة مشروع التعليم الجديد، تعمل على تحسين تخطيط وإدارة ومتابعة منظومة التعليم وتعمل على ضمان تحقيق المشروع للهدف الإنمائي له من خلال تأمين الوظائف الأساسية أثناء التنفيذ، ويتضمن هذا تنسيق المشروع وأعمال الاتصالات الخاصة به، وسيقوم مدير المشروع مع فريق عمل وحدة تنسيق المشروع بإدارة الوظائف الأساسية.


وسيتضمن فريق عمل وحدة تنسيق المشروع مديرًا مشاركًا للمتابعة والتقييم، ومسئولًا فنيًا للمتابعة والتقييم (بحسب الحاجة) ووحدة للإدارة المالية، وإدارة التوريدات والتعاقدات سواء من خلال شركة أو أفراد، ومسئولي إدارة مالية ومحاسبًا، و4 منسقين فنيين في مجالات التعليم في مرحلة الطفولة المبكرة، والتطوير الفني للمعلمين والمديرين التربويين، وتقييم الطلاب، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات في التعليم، وسيعمل هؤلاء الفنيون في إطار من التعاون الوثيق مع المديريات التعليمية، وسيعمل موظفو وحدة تنسيق المشروع بنظام التفرغ.

"نقلا عن العدد الورقي.."...
الجريدة الرسمية