«سولت».. قصة بردية تكشف أول رشوة في التاريخ
قال الدكتور حازم الكريتي، الباحث الأثري ومفتش آثار منطقة آثار سقارة إن الفساد موجودًا منذ القدم وظهرت الرشوة في أدبيات الفراعنة في نصوص فريدة بعضها جاء على هيئة رسائل للوزراء تشكو من وقائع فساد، وكلها تحولت بعد آلاف السنين إلى مخطوطات نادرة محفوظه في أشهر متاحف العالم كمقتنيات نادرة وأشهرها هي المعروفة باسم بردية سولت 124 أو البردية 10055 المحفوظة بالمتحف البريطاني، والتي تكشف أن الفساد الإداري والشكوي منه قديمان جدا.
البردية التي أخذت اسم سولت من عالم المصريات البريطاني هنري سولت يرجع تاريخها إلى بداية عهد الأسرة العشرين، وهي عبارة عن رسالة موجهة إلى الوزير "هورى" وتتضمن شكاوى مختلفة ضد "بانب"، رئيس العمال في الأقصر، وتعطى هذه البردية صوره لطبيعة النظام القضائي المعمول به، وبعض الممارسات الفاسدة التي حدثت في المدينة وتتشكل بردية "سولت 124" من ثلاث ورقات ملتصقة ببعضها، مساحتها 38 × 62 سنتيميتر، ومكتوبه بخط اليد بالكتابة الهيراطيقية، وكاتب الشكوى أو البردية هو "أمن - نخت" يشكو من سلوك "بانب" كبير العمال الذي شغل هذا المنصب 30 عامًا، من نهاية عهد رمسيس الثانى وحتى العام السابع لرمسيس الثالث، وإن بلغت ذروة مفاسده في عهد سيتى الثانى حيث كان يدعمه الوزير (با رع إم حاب).
وتضمنت عريضة الدعوى كيف قدم "با نب" للوزير خمسة من الخدم للحصول على المنصب، كما هدد العمال غير المتواطئين معه بالقتل، كما سجلت وثيقة أخرى قبوله رشوة للتستر على أحد العمال عبارة عن قطعة قماش طولها 15 ذراعا، وثلاث لفائف من خيوط الغزل، فضلا عن قيام العامل بحلق شعر "با نب" مجانًا دون الحصول منه على مقابل.
وعوقب مثلث الفساد المكون من الوزير والكاتب ورئيس العمال بعقوبات شديدة بالطرد من الوظيفة، ومن قرية دير المدينة نفسها ولم تظهر ترجمة للبردية حتى عام 1870، عندما نشر عالم المصريات الفرنسى "فرانسوا شاباس" ملخص قصير للترجمة، ثم ترجمت إلى الإنجليزية عام 1929.
وتحتفظ الرقابة الإدارية في متحفها بصور برديتين سجلتا قصتين أخريين عن الرشوة والفساد في مصر القديمة تعرف إحداهما ببردية المقبرة الملكية ويدور نصها حول رشوة قدمها شخص للمسئولين عن حفر وبناء المقبرة الملكية مقابل تعيين أحد الصبية في وظيفة عامل مقبرة، وتسرد الوثيقة أسماء المرتشين "الكاتب حورشرى ورئيس العمال نخت أم موت" والأشياء التي حصلوا عليها وهى قطعة خشب صلبة وقطعة من الجلد وكرسى كبير وصندوق خشب وصندلين قدم. وتسجل البردية الثانية التي عثر عليها في سقارة من الأسرة السادسة احتجاج رئيس عمال قطع الأحجار بطرة على استدعاء وزير البلاط الملكى له وعماله لاستلام ملابسهم ويعتبرها إضاعة للجهد والوقت والمال العام ويرى تجنب ذلك.