حكومة أهلا رمضان!
الحكومة المصرية لها ثقافة مختلفة ورؤية مغايرة عن تعامل جميع الحكومات على مستوى العالم مع الأسواق، حيث أن قبضة هذه الحكومات موجودة طوال العام، وأن أي شكوى تتلقاها حول ارتفاع أسعار السلع أو عدم صلاحيتها يتم حسمها على الفور، وأن أي تاجر يفكر في التلاعب في الأسعار يجد قبضة من حديد تعيده إلى رشده فورا، أما الحكومة لمصرية فهى تتذكر الأسواق في المواسم والأعياد والمناسبات السعيدة، مثل: عند بداية العام الدراسى وعيدي الفطر والأضحى.
وبالتأكيد طبعا موسم دخول رمضان الذي يعتبر فرصة ذهبية لجميع أعضاء الحكومة لإثبات وجودهم بداية من رئيس الوزراء الذي يعتبر هذا الموسم فرصة لتعويض غيابه عن المصريين طوال العام، ويطل علينا في اليوم مرتين صباحا ومساء يؤكد في كل طلة أن جميع السلع متوفرة ولن يحدث أي نقص في أي سلعة يريدها المواطن، أو يسأل عنها الصائم.
ويستكمل وزير التموين -الذي فشل في كتابة أسعار السلع على العبوات- العزف على سيمفونية توافر السلع في جميع الأسواق، وأن مباحث التموين تضبط يوميا أطنانا من السلع المغشوشة في الأسواق هذا هو الطبيعى وهذا دوره.
أيضا وزير الصحة يعتبرها فرصة أيضا للتأكيد على وجوده خلال هذه المناسبة الكريمة، وأن الوزارة استعدت للشهر الكريم جيدا من خلال خطة طموحة يتم من خلالها وضع سيارات الإسعاف أمام المساجد الكبرى لسرعة إنقاذ المصلين من ارتفاع الضغط والذبحة الصدرية.
وزير الزراعة هو الآخر يشارك في زفة رمضان ويؤكد من خلال عشرات البيانات التي يصدرها يوميا خلال هذه الفترة من كل عام أن الطب البيطرى يراقب الأسواق جيدا، وأن الحفاظ على صحة المواطن أحد ثوابت الوزارة.
كل الشكر والمودة للسادة الوزراء على شعورهم النبيل تجاه المواطن "الصائم"، وجميع هذه التصريحات بالنسبة للمواطن العادى هي والعدم سواء فهى لم تصيب الهدف المنشود أو تحقق مراده، وهو استقرار الأسعار المزعوم الذي تتحدث عنه الحكومة بكامل تشكيلها، فرئيس الوزراء ووزراؤه يتحدثون من داخل مكاتبهم وليس على أرض الواقع.
ولو كلف السيد رئيس الوزراء أو وزير التموين نفسه ومشيا خطوتين خلف مكتبهما حيث يقع سوق السيدة زينب لاكتشاف فاجعة الأسعار، وأن الحكومة بجلالة قدرها تتحدث عن أسواق أخرى ومواطن آخر لا يسمع من الحكومة سوى التصريحات، ولا يشاهد منها سوى طلة وزرائها البهية في معارض أهلا رمضان، والتي تتغير أسعارها بعد مغادرة السيد الوزير ورجاله مباشرة، وتعود إلى سيرتها الأولى في تحدى المواطن في عدم قدرته على شرائها.
فالأسواق ليست أهلا رمضان فقط، أو وداعا رمضان، فالأسواق موجودة طوال العام وعلى الحكومة أن تكون بجوار المواطن دائما وفى كل وقت وبالأفعال وليس بالتصريحات فقط في المناسبات الكريمة.