أحمد الغرباوي يكتب: ولدي.. إنّي أخاف الوحدة

( 1 )
ولدي..
الفرح مِشْ مِحْتاج عِتَاب
الفرح مِشْ مِحْتاج سَفَر
الفرح جِوّاك بيتولد
أُحضنه.. يِنْزِل مَطَر!

( 2 )
ولدي..
الصّبرُ يِفْتحُ سِكك
وفي آخر كُلّ سِكّة
نَفْس السؤال عِيِنيِك (شايْلاه):
ـ بابا..
هوّا أنا خلاص راحل
دا حلم..؟
واللا ترنيمة وَدَاع..؟
ومِنْ غِير كَلام
في قلبي تِنزف حِنّيّة ألم:
ـ بابا..
وحدي لاتتركني.. لاتدع
دَا أنا أموت بإيدك
ولايِنْهش لَحْمي
ولا لحمي يِنْهِشه وَجَع..!
عيون بتوجع في البُكا
وقلوب بتبكي في الوجع
دا حلم..؟
واللا عِلم..؟
إيه يفيد..
وبين إيديك كان
كان بيموتُ الوَجَع..!

( 3 )
ولدي..
عصفورُ الكَنْاريا بيحِلم غُنا
لا حَدّ للحُبّ بين البِدء والمُنْتهى
ودون ذنبٍ
يتخلّف القلبُ عن عِشْقِ اللُقا
غيابٌ طويلٌ؛ ودُنْيا تتركهُ لنا
وفي فقد المَحْبّة حُزْنٌ أنا
(عجزٌ) مقيمٌ؛ نبوءةُ سَما..!

( 4 )
ولدي..
يومُ لاتخسرُ إنْ اقتربت
يومُ لاتخسرُ إنْ ابتعدت
إنْ لم يَعُد يجدي (يوم)
فقد.. فقد رحلت
في البُعْدِ فقد
تحترقُ إنْ دَنَوت..!
أوقات ألم
هي ما يتبقّى من رحيلِ الانتظار
وقتٌ للململة اللحم المدمي بجسد الوَجْعِ
وسدّ تشقّقات الوجه الحزين شِدّة عَطَش..!

( 5 )
ولدي..
في القلب مِيت دَقّة ودَقّة
بتقول: آه
ومِشْ كُلّ آه
مَعْناها حَيْاة..!
مِشْ كُلّ آه
إحساس جِوّاه..!
فلا الكون يضيقُ بنا
ولا أنْت مُنْتَهاه..!

( 6 )
ولدي..
تعالى نعيش
تعالى نطير
تعالى نِنْسى إنّنا لعنة سُكات
ونِحْيا النّهاردة
غُنا كُلّ اللي فات..!

( 7 )
ولدي..
مانوع ذاكَ الوداع
لم يأمرُ ربّ بالرحيل..!
ومن عيوني تسّاقط
ملامح الجسد العليلْ..!
دموعك لاتَزَل
تعلن بقاءً طويل..!

( 8 )
ولدي..
ليه..؟
بعدنا عن بعض..
ورُحنا في بُعد
وغدونا..
كُلّ واحد ينظرُ للآخر عن بُعد..!
فراقٌ لم
لم يَحن بَعْد..!
لاتختارُ بُعد
رحيلٌ لم
لم يَحنْ بَعد..!

( 9 )
ولدي..
إنّي أخاف الوحدة
صقيع ٌ دونك
ودونك لادفء؛ رِفقة حَدّ
الربيعُ غيمُ حُزنٍ يمتدّ
مطرُ السّما غمرٌ يَشْتَدّ
وغَيْثُ الربّ قاد.. لابُدّ
أملٌ يبقى
وهناك ثمّة أمَل
ولو حتى منه بَعضْ..!

( 10 )
ولدي..
عن مَسْحِ نَزْفٍ
ربّما يومًا (تعجزُ) يدك..!
فيدّ الله أحَنّ
وعَيْنه لاتغفل عنك أبَدْ..!
ستًّ ساعات يا ولدي
فقط ساعات ستّ
بين موتٍ وحياةٍ
تروحُ وتجيء
ترحلُ..؟
أم تبقى..؟
فزع البراءة يسلخُ حِسّْ
يُوقف أرجوحة طِفلْ..!

( 11 )
ولدي..
لا أحد يموتُ من الحُبّ
لا أحد يموتُ من الحُزْنِ
كلاهما موت
وكلاهما يموتُ
يموتُ انتظار حياة
مَىٌّ آسن في جُبّ..!

( 12 )
ولدي..
وإلى روحي أنفاسك تنتمي
وأظلّ بجانبك.. لا أنَم
وأخاف
أخاف نموت سويًّا غفوة يقظة..!
لم أعُد على يقين
أقادرٌ على التنفّس كُلّما اقتربت منّي
أم كلّما ابتعدت عَنّي..؟
وأينما غِبْتُ تِعْاودني..!
غَيْماتُ السحب حُزنٌ كثيف
نجومٌ بلا ضَيّ رَجا
كُلّما يَبْرقُ أملًا
أو يَسّاقط شُهبًا
جرحٌ جديد بيتولد
جرحٌ قديم بيمتدّ
يغورُ و..
ويتّسِعُ.. بلا حَدّ!

( 13 )
ولدي..
لاترحل..؟
في حُبّ الله فرعان؛ صارا غُصْنًا
وبريح الحُبّ امتزجا؛ فاعتنقا
أيا لروحي جسدي؛ وإنْ عَجَزا
فأنّْت الدّوح والرّوضَ أبَدَا..!

( 14 )
كم من الزّمن عليه أن ينتظر من يقول يومًا:
(إن جَنّتي وبساتيني في صدري..!)
حتى ينطفيء الجمر الثائر حُرقة (عجز)..!
ولا تَعُد أطرافي في برودة (الشّلل الرعّاش) تؤلمني
ولا صقيع رُوحي يُغيّبُني..!
الآن فقط؛ أدرك لِم..؟
لِم يُصِب القدرُ من يَسْكُن القلب دوام حُبّ
فيموتُ الحبيب والمُحبّ والحُبّ..!
وتعلن؛ إنّها جنّة وَصْل
ولكن..
هل في الجنّة تحمّل
تحمّل عذابات فقد غور حُزْن..؟
من يدرى..؟