الأوامر المنسية من القرآن (4)
نستكمل في مقال اليوم الجمعة، مناقشة الأوامر المنسية من القرآن الكريم التي تناساها الناس رغم أنها أوامر صريحة من رب العالمين لا تقبل التأويل، ولا تقل في درجتها عن أوامر الشعائر، التي منها "وأقيموا الصلاة" أو "وآتوا الزكاة" و"فمن شهد منكم الشهر فليصمه" وهكذا!
اليوم نناقش أمره سبحانه وتعالى في قوله "يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم" التي تناقش وتحذر من مشكلة اجتماعية خطيرة ربما زادت الفترة الأخيرة في كل المجتمعات، ولم تتوقف عند حدود الظنون بين الأقارب والأهل.. بين الأشقاء وبعضهم أو بين الزوج وزوجته..
رغم أن في ذلك مشكلات كبرى تصل إلى الجرائم تُبنى بالكامل على الظن، ثم تتكفل الأيام بإثبات أن الشيطان لعب لعبته ويقف وراء الجريمة التي كان مدخلها في الأصل سوء الظن، مخالفة للآية الكريمة، لكن لا يُجدي الندم.. ونقول: لم يتوقف الأمر عند ذلك بل تحول الأمر إلى سلوك يومي أو لحظي ربما..
فهذا تأخر في الوصول للعمل لأنه يرى التهرب من بعض الأعباء وهذه تهمس إلى زميلتها في العمل، لأنها تتناول سلوك زملائها أو المدير، وهذه الجارة تتأخر خارج المنزل لأنها تعمل في أعمال غير بريئة، وهذا الرجل العابر للطريق لا يستطيع الكلام جيدا، لأنه مخدر بفعل جرعة مخدرات، وذاك القريب اتصل اليوم ليعرف بعض الأسرار وتلك القريبة تتصل اليوم لتثبت شيئا ما، وهذا المدرس يسأل التلاميذ لأنه يضغط عليهم للحصول على دروس خصوصية.. وهكذا!
ربما ولا شيء من كل الاحتمالات السابقة صحيح، وبالتالي يهرول البعض للمعاصي هرولة ولا نعرف لماذا إن كان الحل بسيط جدا وهو ترك النيات لله، لأنه وحده سبحانه يعلمها وهي غيب لا يعلمه إلا الله؟!
قد يقول قائل لكن بعض التخمينات تكون صحيحة وهذه فِطنة مطلوبة لعدم الوقوع في أخطاء! ونقول: الله سبحانه أعلم منا جميعا بمصالح عباده ولو كان ذلك فطنة لأمرنا بها.. بل أمرنا أن نحكم على المظاهر حتى لو نزل قرآن من السماء يؤكد كذب أصحابها كما حدث مع منافقي المدينة..
كما أن الفطنة الحقيقية تقتضي الانتظار لنتبين الأمور ولا نندفع نحو ظلم آخرين لو تأخرنا عن سوء الظن بهم لكسبنا الكثير أوله الالتزام بأوامر رب العالمين!
في القرآن نور.. لن يراه إلا من يسعى لأن يراه!
وإلى أمر جديد من الأوامر المنسية من القرآن.