رئيس حي العمرانية السابق يفتح النار: أغلقت حنفية الرشاوى فحاربوني في «اللقمة الحلال»
- هذه حقيقة خلافاتي مع نائب المحافظ
- جمعت معلومات كافية عن الأشخاص المنحرفين المعروفين بتلقي رشاوى للتغافل عن بعض المخالفات
- الحي يضم عددا كبيرا من الموظفين الفاسدين الذين اعتادوا أكل الحرام
- هناك موظفون لديهم فيلل وسيارات والعديد من الشقق من الرشاوى
- نواب الجيزة استدعوني لمجلس النواب لأني لم أنفذ طلباتهم
- فعلت في حي العمرانية على مدار عامين ونصف العام ما لم يفعله أي رئيس حي سابق في 20 سنة
- أكبر المشكلات التي واجهتني وجود عدد كبير من الموظفين الفاسدين داخل الحي
- أدخلت منظومة الحضور والانصراف وطبقت نظام الشباك الواحد
- موقف المحافظة ضد من اعتدوا عليّ داخل مكتبي "مُخزي"
- هناك من كان يتعنت في صرف حوافزي
- أصبت بأزمة نفسية عندما لم تختارني المحافظة من المتميزين وفضلوا من جاءوا بعدي بعامين
- شهادة تقدير المحافظة لم تُسعدني لأنها جاءت بعد إهانتي
كان محظوظا لالتحاقه بجهاز تنمية القرية المصرية التابع لوزارة التنمية المحلية عام 1985، فأسهم من خلاله في وضع سياسات عامة للدولة فيما يتعلق ببناء وتنمية القرية المصرية، ويعتبر المهندس "محمد موسى"، رئيس حي العمرانية السابق، نفسه "ابن المحليات"، حيث كان مسئولا عن وضع خطط تنموية لعدد من المحافظات مثل كفر الشيخ، جنوب سيناء، قنا، والأقصر، ثم تولى منصب رئيس مركز ومدينة الفتح بأسيوط في 2011، ثم رئيسا لحي الزيتون بمحافظة القاهرة في 2013، وكانت محطته الأخيرة في رئاسة حي العمرانية في 2015 حتى بلوغه سن المعاش في أبريل 2018.
حاورت "فيتو" رئيس حي العمرانية السابق عن الأزمة الأخيرة التي واجهته بعد إعلان خروجه على المعاش واعتداء 6 من موظفي الحي عليه داخل مكتبه، بالإضافة إلى المشكلات والعقبات التي كانت تواجهه، وتسببت في عدد من الأزمات له ولأسرته.. فإلى نص الحوار:
كيف اختلفت فترة رئاستك لحي العمرانية عن غيره من الأحياء التي رأستها قبله؟
بداية دعيني أُعرفك بحي العمرانية، فهو يمتد على مساحة 50 كم، يبدأ شرقا من محطة مترو الجيزة، حتى ترعة المريوطية غربا، وشمالا من شارع فيصل، حتى مركز أبو النمرس جنوبا، فيعتبر حيا مترامي الأطراف، يقطنه نحو 870 ألف نسمة، وفي القريب العاجل سوف ينقسم الحي إلى قسمين، ليصبح حي العمرانية وحي الطالبية، إذن فهو حي مترامي الأطراف، وكان يواجه الكثير من المشكلات.
لفت حي العمرانية انتباهي منذ أن كنت رئيسا لحي الزيتون، فكنت أذهب لزيارة صديق لي يسكن في شارع ساقية مكي، فألاحظ أكوام من القمامة متراكمة فيه، وأردد في خاطري أين رئيس الحي من كل هذا؟ وتدور الأيام وأصبح أنا رئيسا لحي العمرانية، وبالفعل كان شارع ساقية مكي هو أول مكان ركزت جهودي عليه.
ما المشكلات التي واجهتك داخل الحي عند توليك رئاسته؟
في بداية رئاستي للحي ظللت ثلاثة أشهر أسمع فقط، حتى إنني كنت أجلس على المقاهي أستمع إلى ما يقوله الناس، وإلى المشكلات التي يعانون منها، دون أن يعرفني أحدا، حتى جمعت معلومات كافية عن بعض الأشخاص المنحرفين بالحي، المعروفين بتلقي رشاوى من الأهالي للتغافل عن بعض المخالفات، وكانت تلك هي أكبر مشكلات الحي أن يحتوي على عدد كبير من الموظفين الفاسدين، الذين اعتادوا أكل الحرام، وكان تصفية ونقل أولئك الأشخاص هي أول الأعمال التي قمت بها.
كان هناك تسُيب شديد وملحوظ في مواعيد العمل، ولا يلتزم أحد بمواعيد الحضور والانصراف، وكان يحدث غش وفساد في تدوين المواعيد، أو أن يوقع موظف لزميله وهكذا، فكنت أول رئيس حي يُدخل على مستوى الجيزة منظومة الحضور والانصراف.
وقمت أيضا بتطبيق منظومة الشباك الواحد، فأصبح المواطن يتعامل مع الحي من خلال نافذة دون أن يدخل إلى المكاتب التي تفتح باب الرشاوى، وكانت النتيجة أنه أصبح لدي في الحي الكثير من الأعداء من الموظفين الفاسدين، بسبب أنني أغلقت عليهم "حنفية الرشاوي"، وحولت الحي بالنسبة لهم من الكويت للصومال، فكان هناك موظفين لديهم فيلات وسيارات والعديد من الشقق من جراء ما كانوا يحصلون عليه من رشاوى، فأغلقت عليهم كل هذا.
كيف تعرفت على أولئك الموظفين الفاسدين داخل الحي، وكيف تعاملت معهم بعد اكتشافك لهم؟
اكتشفتهم من خلال شكاوى المواطنين، فأنا لدي موهبة خدمتني كثيرا في عملي، وهي أني مستمع جيد، فكنت أستمع إلى أي شخص يتقدم بشكوى، وبعدها أقوم بتحرياتي للتأكد منها، فقمت بوضع هؤلاء الموظفين تحت الميكروسكوب، وقمت بنقلهم إلى إدارات "ناشفة" أو بمعنى آخر لا يستطيعون تحقيق أي مصالح شخصية فيها.
حدثت ضجة كبيرة بعد الإعلان عن خروجك على المعاش مباشرة، فحاول 6 من الموظفين التعدي عليك داخل مكتبك، فما الذي تسبب في تلك الأزمة؟
تسببت إدارة التنظيم وإدارة الشئون المالية في الحي في تلك الأزمة، فإدارة التنظيم هي الإدارة المُختصة بإصدار تراخيص المحال، ومتابعة الإشغالات، والمرافق، وكل ما يُخص التعامل مع الجمهور، بالإضافة إلى الإدارة المالية المعنية بمعاملات المقاولين، ودفع الرواتب، فكانت هاتان الإدارتان ترتكب العديد من المخالفات، بمساعدة قيادات كبيرة في المحافظة، فقمت بنقل 6 من الموظفين من تلك الإدارات، وكانت تلك هي بداية الأزمة، ففوجئت باعتدائهم عليّ داخل مكتبي في نفس اليوم الذي تسلمت فيه خطاب بلوغي سن المعاش، وتقاعدي عن منصبي كرئيس للحي.
ما موقف القيادات بديوان محافظة الجيزة من تلك الأزمة، وما حقيقة خلافك مع اللواء علاء الهراس، نائب محافظ الجيزة؟
كان موقفا مُخزيا للغاية، فبعد أن تقدمت بمذكرة تفيد اعتداء 6 من الموظفين عليَّ داخل مكتبي، فوجئت بصدور قرار من اللواء علاء الهراس، نائب المحافظ، بترقية أحد أولئك الموظفين الذين تقدمت بشكوى ومذكرة ضدهم، وعينه وكيلا لإدارة الشئون المالية بالحي، بدلا من مجازاته على المخالفات التي كان يقوم بها، وللأسف لم يكن هذا هو الموقف الأول الذي صدمني ببعض القيادات في المحافظة، فلم أسمع كلمة "شكرا" من أي مسئول في المحافظة على أي إنجاز حققته، وبدلا منها كان يُقال لي: "هو أنت كنت دافع حاجة من جيبك"، حتى عندما قامت المحافظة بتمييز ومكافأة رؤساء الأحياء، ميزوا رؤساء أحياء تم تعيينهم منذ ثلاثة أشهر فقط، وتركوني أنا الذي أعمل منذ عامين ونصف العام، وتسبب هذا في أزمة نفسية كبيرة لي.
هل واجهت أي عقبات في عملك بسبب سوء العلاقة بينك وبين بعض القيادات بالمحافظة؟
بالطبع واجهت الكثير من العقبات، أولها أن الحي كان لديه موارد ذاتية كبيرة من حملات الإشغالات والغرامات التي تُفرض على المخالفين، كانت تصل من 300 ألف إلى 500 ألف جنيه وأكثر، وبتلك المبالغ طورت منظومة إنارة الشوارع في الحي، حتى حصل حي العمرانية على المركز الأول في إنارة الشوارع، فصدر قرار أن تورد المبالغ المالية وغرامات الإشغالات إلى المحافظة، وتكون نسبة الحي منها 20% فقط، فتسبب هذا في أزمة مالية لنا، وللأسف يغيب عن المحافظة فكرة اللامركزية وأن تسمح للحي أن ينهض بموارده الذاتية.
الأمر الآخر أنني فعّلت مسابقة للتميز داخل الحي، فكانت كل إدارة ترشح موظفا أو مهندسا واحدا منها للحصول على مكافأة التميز، وكان هذا يحفزهم على العمل والاجتهاد والتنافس، فتآمرت على مديرة الحسابات، مع عدد من الموظفين، لإلغاء هذه التجربة، وبالفعل صدر قرار بإلغاء مسابقة التميز في الحي، وكانت المبررات أن هذا يعتبر إهدارا ماليا، وكان ردي عليهم أن القطاع الخاص يعمل ويتطور عن طريق التحفيز، فهو الأساس وهو الذي يجعل الموظف يعمل، لكن للأسف لم يأبه أحد بما أقول.
وفي أعمال وقف البناء المخالف، كانت بعض القيادات تتعمد نزولي أنا وموظفى الحي بمفردنا دون وجود دراسة أمنية أو قوات تأمينية معنا، فكان يتصل بي أحد المسئولين ويطلب مني أن أذهب لوقف أعمال بناء مخالف في شارع كذا، حتى يتعمد إحراجي أمام الأهالي الذين يعتدون علينا بالضرب أثناء الحملات، فكانت تخرج معنا الشرطة في اليوم الأول فقط للإزالة، وفي اليوم الثاني يتركوننا فنذهب لنجد السيدات تنتظرنا بزجاجات المياه الغازية وتلقيها علينا، فلا يوجد إزالة تتم في يوم واحد.
وقد وصل الأمر إلى محاربتي في "اللقمة الحلال"، فكنت أصرف مرتبي الشهري من الحي، وعند صرف الحوافز، يتأخر التوقيع عليها حتى أصبح الموظفين يقبضون حوافزهم قبلي بشهر وشهرين، وعندما تكرر الأمر اشتكيت إلى اللواء محمد كمال الدالي هذا التعنت ضدي، لكن لم يتغير شيئا، فأرسلت مذكرة إلى وزير التنمية المحلية السابق الدكتور هشام الشريف، ومذكرة أخرى إلى رئيس الوزراء، وإلى رئيس الجمهورية أيضا، فبدأت المحافظة في التحرك وبحث أمر تأخر صرف حوافزي.
تقدم عدد من نواب محافظة الجيزة، بطلبات إحاطة في مجلس النواب، لتمثل أمامهم في المجلس فما سبب هذا؟
كان لبعض النواب طلبات لا أستطيع أن أنفذها، فأنا بشخصية واحدة وما أرفضه للمواطن البسيط لا أستطيع أن أنفذه لنائب، فهناك أشياء لا أستطيع التحدث فيها بتاتا أو أن أجامل أي شخص فيها، مثل المباني المخالفة، أو المقاهي المخالفة.
والأمر الآخر، الذي كان السبب في سؤالي أمام مجلس النواب، هو أنه بعد رصف شارع أمام أحد المستشفيات، تم تكسيره لإصلاح كابل كهرباء تم انفجاره، وأوضحت للدكتور أحمد السجيني أن هذا كان بدافع الصالح العام، لأن الكابل عندما انفجر كان لا بد من تغييره على الفور، حتى لا يتأثر المرضى داخل المستشفى، وهذا ما تتسبب في تكسير الشارع مرة أخرى، وخرجت براءة من سؤالي أمام النواب.
وكان طلب الإحاطة الثاني بسبب مشكلة النظافة، فهناك ثلاث جهات مسئولة عن نظافة الشوارع، وزارة البيئة، وهيئة النظافة والتجميل بالجيزة، ورئيس الحي، لكن إمكانيات رئيس الحي محدودة، فليس لدى عمالة، لذا فإن هيئة النظافة هي المسئولة عن توجيه العمالة، ووزارة البيئة هي المسئول الأول عنها، وخرجت كذلك من هذا السؤال دون إدانة.
بعد خروجك على المعاش ما الذي تستطيع أن تقول إنك قدمته لحي العمرانية وللأهالي فيه؟
الحمد لله قد فعلت في حي العمرانية على مدار عامين ونصف العام ما لم يفعله أي رئيس حي سابق على مدار العشرين سنة الماضية، ويكفيني أن تمشي الناس في شارع ضياء أو شارع العريش، أو شارع عز الدين عمر، وشارع العروبة، تدعو لي بسبب التطوير الذي حدث فيهم، فلم يفكر أي رئيس حي يسبقني في أن يُقسم شارع عز الدين عمر إلى شارعين ويحل الأزمة المرورية التي كانت به، ففعلت هذا، وقمت بحل أزمة القمامة في شارع ساقية مكي، وغيرها من الإنجازات التي أعتبرها مكاسب حققتها خلال فترة رئاستي للعمرانية.
منحتك محافظة الجيزة شهادة تقدير في اجتماع المجلس التنفيذي الأخير تكريما لك بعد خروجك على المعاش، فماذا تمثل لك تلك الشهادة؟
ليتني سمعت منهم كلمة "شكرا" كنت فرحت بها أكثر من الشهادة، فشهادة التقدير جاءت بعد إهانتي، وترقية من أهانوني واعتدوا عليَّ في مكتبي، لكن لا يضيع الله أجر من أحسن عملا.