رئيس التحرير
عصام كامل

300 مليون جنيه فاتورة مخالفات صاحب «الريف الأوروبي».. قاضي التحقيق يتهم رجل الأعمال عبد الله سعد بمخالفة أحكام القانون المتعلقة بإنشاء آبار الري وتشغيلها دون الحصول على ترخيص من الجهة المختص

شركة الريف الأوروبي
شركة الريف الأوروبي

في نهاية الأسبوع الأول من فبراير الماضى، ألقت الأجهزة الأمنية، بمطار القاهرة الدولى، القبض على رجل الأعمال عبد الله سعد، رئيس مجلس الإدارة السابق لشركة الريف الأوروبي للتعمير والتنمية الزراعية، وذلك لدى وصوله المطار قادما من دبي، تنفيذا لقرارات قضائية سابقة بوضعه على قوائم الترقب والوصول.


لسنوات طويلة ظل "سعد" بعيدًا عن قبضة العدالة، تطارده البلاغات والتقارير الرقابية، حتى تم إلقاء القبض عليه مؤخرًا، ويخضع إلى التحقيقات بمعرفة قاضي التحقيق المستشار صفاء الدين أباظة المنتدب للتحقيق في قضايا فساد وزارة الزراعة، وانتدب المستشار صفاء الدين أباظة لجانا فنية متخصصة لإجراء رفع المساحات المخالفة، وتحديد قيمتها على وجه الدقة، وإلزام الشركة وصاحبها بسدادها.

وكشفت تحقيقات قاضي التحقيق مع صاحب الريف الأوروبي، وفحص أوراق القضية، أن التعدي لم يتوقف فقط عند حد تغيير النشاط من زراعي إلى سكني واستثماري، لكنه امتد إلى مخالفة أحكام القانون المتعلقة بإنشاء آبار الري وتشغيلها، من خلال حفر آبار وتشغيلها دون الحصول على ترخيص أو تجديد من الجهة المختصة بوزارة الري، مما ترتب عليه إهدار شديد وتبديد لمياه هذه الآبار التي تعتمد على المخزون المائي الموجود في هذه المنطقة.

كما تبين من فحص أراضي "الريف الأوروبي"، أن الشركة ارتكبت مخالفة جسيمة تتمثل في عدم وجود منظومة صحية للصرف الصحي داخل هذه المنتجعات التي أقامتها الشركة، إذ إنها تعتمد في الصرف الصحي على نظام "الطرنشات"، والذي ترتب عليه تسرب مياه الصرف الصحي من غرف الصرف، حيث إنها مقامة بطريقة لا تمنع التسرب وغير معزولة، ما يخشى معه وصول هذا التسرب إلى مياه الآبار أو المخزون فيصيبها بتلوث يصعب استغلالها فيما بعد.

كما أظهرت التحقيقات عدم توفير الشركة عند بنائها لتلك المنتجعات بنية تحتية سواء من كهرباء أو منظومة مياه صرف صحي، أو مياه صالحة للشرب، وتركت لمشتري تلك الوحدات مواجهة هذه المشكلات بمفردهم، والذين يعانون معاناة كبيرة بسبب تلك الظروف الصعبة التي تسببت فيها الشركة.

في ذات السياق.. حصلت "فيتو" على تقرير لجنة خبراء وزارة العدل المشكلة بقرار من قاضي التحقيق المنتدب للتحقيق في فساد الأراضي، بشأن مخالفات شركة الريف الأوروبي للتعمير والتنمية الزراعية، وتضمن قرار قاضي التحقيق بشأن تكليف لجنة من خبراء وزارة العدل لمعاينة أراضي شركة الريف الأوروبي، بيان الشكل القانوني لشركة الريف الأوروبي للتنمية الزراعية وتحديد المالكين لتلك الشركة وعما إذا كان قد تم بيع أراضٍ لشركة الريف الأوروبي للتنمية الزراعية بالكيلو 49؟.. ومن الجهة التي قامت بالبيع؟.. وما الإجراءات التي تمت من قبل الجهة البائعة قبل البيع؟. وهل هي إجراءات صحيحة؟.. إضافة إلى كيفية تحديد سعر البيع ومن القائم بذلك، وتغيير الغرض من استخدام الأراضي ورفع نسبة البناء على الأرض من عدمه وإن كان تاريخ ذلك، والتعرف على المسئول عنه تحديدا، والإجراءات التي تمت في هذا الشأن.

وخلص تقرير الخبراء إلى أن شركة الريف الأوروبي، شركة مساهمة مصرية خاضعة للقانون 8/97 قانون الاستثمار ولائحته التنفيذية وأن آخر تشكيل لمجلس إدارتها بتاريخ 22 / 7 / 2010 على النحو التالي: صفي الدين جودت صلاح الدين رئيس مجلس الإدارة، محمود عبد الحميد إبراهيم سعد، إيمان أحمد شاكر أعضاء مجلس الإدارة، وأن الغرض من الشركة هو استصلاح وتجهيز الأراضي بالمرافق الأساسية التي تجعلها قابلة للزراعة واستزراع الأراضي المستصلحة.

وتبين من تقرير الخبراء أن الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية باعت 2105 أفدنة بالكيلو 49 شرق طريق مصر-إسكندرية الصحراوي، بموجب عقد بيع نهائي موثق بالشهر العقاري، وباعت شركة الريف الأوروبي 1340 فدانا من هذه المساحة إلى شركة "الاتحادية"، وكذلك 500 فدان لشركة "الأفق"، وقد وافقت الهيئة على هذا التنازل، وبالتالي تكون المساحة المتبقية لشركة الريف الأوروبي 265 فدانا.

وأكد تقرير الخبراء أنه توجد مخالفة بشأن بيع الهيئة قطعة الأرض سالفة الذكر بعقد بيع ابتدائي ثم نهائي، دون تحرير عقود إيجار عن تلك المساحات لمدة 3 سنوات، بالمخالفة لما نصت عليه المادة 13 من القانون رقم 143 لسنة 1981 بشأن الأراضي الصحراوية، مشيرا إلى أنه تم تحديد ثمن فدان الأرض محل الفحص بواقع 5 آلاف جنيه للفدان، وفقا لتقديرات اللجنة العليا لتثمين الأراضي.

وأوضح أن مساحة الأرض المتبقية لشركة الريف الأوروبي من المساحة الأصلية "265 فدانا"، قد وجدت على الطبيعة على 3 مناطق متفرقة داخل المساحة المنزرعة بأشجار المانجو والنخيل وبعض المغروسات الأخرى، وعلى جزء منها فيلا على مساحة 250 مترا مربعا تقريبا يحيط بها سور بالجهة الشرقية من الأرض.

وأكد أنه لم يتم تغيير الغرض من استخدام الأرض المتبقية لشركة الريف الأوروبي من المساحة الأصلية المباعة لها، ولم تستغلها الشركة في مشروعات عقارية وسياحية، وإنما استغلتها في الزراعة، أما باقي المساحة فقامت شركة الريف الأوروبي ببيعها والتنازل عنها لشركتي "الاتحادية والأفق"، وتم ذلك عن طريق الهيئة العامة لمشروعات التعمير، فهي محل فحص في قضايا أخرى للأراضي المخصصة لهاتين الشركتين.

وتم عرض التقرير على قاضي التحقيق، لمعرفة مدى قانونية قرار مجلس إدارة الهيئة ببيع تلك المساحات لشركتي "أفق والاتحادية"، والمباني التي تم إنشاؤها عليها وهي عبارة عن فيلات عقارية واستثمارية، خاصة أنه لا توجد أية مستندات تفيد صدور قرار جمهوري بتحويل النشاط من زراعي إلى نشاط استثماري عقاري وسكني وسياحي، من واقع المعاينة للأرض محل الفحص، كما لم يتبين للجنة قيام الشركة بالحصول على أية تسهيلات ائتمانية أو أي قروض البنوك بضمان تلك الأرض.

تجدر الإشارة هنا إلى أن بلاغا مقدما من وزير الزراعة الدكتور عبد المنعم البنا إلى وزير العدل المستشار حسام عبد الرحيم، كشف أن شركة الريف الأوروبي للتعمير والتنمية الزراعية المملوكة لرجل الأعمال عبدالله سعد قامت بشراء ما يتجاوز 4 آلاف فدان بالطريق الصحراوي من الهيئة الهيئة العامة للتنمية الزراعية، وكذلك مساحات أخرى من شركة "ريجوا"، بغرض الاستصلاح الزراعي والاستزراع، غير أن الشركة قامت بتقسيم الأرض إلى مساحات صغيرة وأخرى متناهية الصغر، ونشرت إعلانات لبيع تلك الأراضي، وتضمنت الإعلانات أنه يجوز للمشتري بناء منزل على هذه الأرض التي سيقوم بشرائها، سواء بنفسه أو عن طريق شركة الريف الأوروبي "الشركة البائعة".

وبناءً على تلك الإعلانات، توجه العديد من الأشخاص بشراء مساحات الأراضي التي أعلن عن بيعها رجل الأعمال عبدالله سعد صاحب شركة الريف الأوروبي، وقام بعضهم بالفعل ببناء فيلات عليها، بينما أسند البعض الآخر لشركة الريف الأوروبي بناء فيلات له.

واستطاعت "الريف الأوروبي" تحويل مساحة الأرض التي قامت بشرائها من الهيئة العامة للتنمية الزراعية بأسعار رمزية زهيدة، إلى مشروع إسكاني ضخم حققت من ورائه مكاسب مالية هائلة، بالمخالفة لشروط التعاقد وأحكام القانون المنظم لاستغلال هذه الأراضي، إذ إن هذه المساحات كانت تباع للأفراد مقابل سعر زهيد للفدان، تشجيعا من الدولة على استصلاح وزراعة الأراضي واستغلالها في كل الأنشطة المرتبطة بالزراعة، وإنشاء مشروعات تساعد على تحقيق الأمن الغذائي.

وعندما اكتشفت الهيئة العامة للتنمية الزراعية ووزارة الزراعة إقامة عبدالله سعد منتجعات سكنية وسياحية، وبيع الوحدات فيها بمبالغ خيالية، بالمخالفة للقانون وشروط التعاقد، طالبته بدفع قيمة المخالفة المستحقة على شركته نظير تغيير النشاط، ورغم ما حققته الشركة من مكاسب هائلة، فإنها لم تسدد قيمة المخالفات المستحقة، وقامت بالمنازعة في تحديد مساحات البناء، والتحايل بإقامة زراعات غير حقيقية سواء من حيث طبيعة أو عمر الزراعة إذا كانت منتجة أو مثمرة من عدمه، وقدرت لجنة تثمين أراضي الدولة قيمة المخالفات المستحقة على شركة الريف الأوروبي بما يتجاوز 300 مليون جنيه، إلا أن الشركة لم تسدد أي من هذه المبالغ.

نقلا عن العدد الورقي"..
الجريدة الرسمية