إن الله غفور رحيم

خلقنا الله وهو يعلم خلقه جيدا، كتب لهم الرحمة، وكتب أيضا لهم المغفرة، حين يعملون السوء بجهالة، بشرط ألا يعودوا إلى فعل المعاصى مرة أخرى.

"الله غفور رحيم"  يفهمها البعض بالخطأ حين يقومون بما يغضب الله على أمل المغفرة بعد فعل السيئة عمدا وبكامل إرادتهم. يتقبل المرتشى الرشوة على أمل أن يكفر عن تلك الجريمة بأن يتقبل الله من تلك الرشوة العمرة أو الحج أملا في المغفرة، وكيف ذلك وقد ظن المجرم بجريمته أن فعل السيئات متعمدا يتساوى مع من فعلها بجهالة.

يقوم البعض بجرم وهو يستخف بذلك لأنه يرى من حوله يقومون بذلك، وأن عليه أن يفعل مثلهم، ولماذا يكون هو الممتنع فطالما انتشرت الرشوة فإن عليه أن يتقبلها من منظور التهدئة أو الإكرامية أو الدخان، كما يطلقون على ذلك من مسميات لتجميل الإجرام بمسميات لطيفة تتقبلها الآذان إلا أنها في النهاية جرم متفق عليه.

الاستخفاف بعقاب الله عن العمل السيىء لا يليق بالخالق الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور، وهو علام العيوب، كيف بِنَا إذ نضحك على أنفسنا أن نتخيل أننا نقصد المغفرة بعد السيئة المتعمدة.

الحياة لم تدوم لأحد من الخلق، ولن تدوم، وعلى الإنسان أن يعى أن حياته محدودة بزمان ومكان لا يلبث أن ينقضى عمره، وهو يرجو رحمة ربه، فليعى أن كل ما يعمل يتحمل نتيجته وحده يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه.. لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه.

تقوى الله تسكن القلوب فلا يفعل الإنسان عملا إلا قبله العقل وتيقن منه ، فإذا سكنت قلوبنا التقوى كانت خير رادع لكل من تسول له نفسه أن يفعل المعاصى ليس خوفا من عقاب الله في الدنيا أو الآخرة إنما حبا لله والفرق بين الاثنين كبير.

المغفرة تكون عن العمل غير المتعمد بجهالة، ومن يتعمد السوء فإن هناك جزاء وعقاب ينتظره يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.