رئيس التحرير
عصام كامل

«بالريشة والألوان والبالطو الأبيض» طلاب آثار يحولون جدران كليتهم للوحة فنية (صور)

فيتو

في صباح يوم جديد، داخل أسوار حرم جامعة القاهرة، اجتماع اتحاد طلاب كلية الآثار جامعة القاهرة، ليقرر إنتاج فكر جديد، يبعدهم عن حواجز الروتين اليومي، بين أركان قاعات المحاضرات، والسكاشن العملية، ومجمع الامتحانات ولم يتردد الاتحاد في أخذ القرار، لتغيير ديكور الكلية الباهت، ليكون الطلاب قادرين على ممارسة يومهم الدراسي، ولكن بنظرة تفاؤل، مفعمة بالراحة البصرية النفسية.


«الريشة والألوان والبالطو الأبيض»، كانت هذه أسلحة طلاب كلية الآثار بقسم الترميم، لتجديد جدران الكلية، ونظرا لأن قسم الترميم بكلية الآثار، يعتمد بشكل كبير على العمل اليدوي، فكان هو المسئول الأول عن تنفيذ المبادرة التجميلية على جدران الكلية، وقد أعد القسم فريقا متكامل، من طلاب الكلية الموهوبين من كافة الأقسام، لتكوين الفريق، وبدء العمل على الفور.

«وضع بصمة أثرية..على جدران الكلية»، كان هذا الشعار الذي اجتهد طلاب الكلية في تنفيذه، فقد أخذ الطلاب موافقة إدارية خلال شهر، وبدءوا في تنفيذ الفكرة، بمجرد أن وفرت الجهة الإدارية الخامات المطلوبة، من الألوان، وفرش التلوين، والمعدات الأخرى، ونصب الفريق معسكره، ليبدأوا رحلتهم في إبراز مناهجهم الدراسية، على أركان الكلية.



لمدة 3 أسابيع، عمل طلاب الكلية، على إبراز مواهبهم المختلفة، على المساحة الفارغة خلف مباني الكلية، فأرسل الطلاب مذكرة بالخامات المطلوبة لأداء مهمتهم بنجاح، وحصلوا على الموافقة خلال ما يقرب من شهر، وفي نفس اللحظة، بدأ الفريق في وضع تصور للرسومات محددة، سترسم على الجدران، يبرز بها الفريق منهاجهم الدراسية، مجسدة في لوحة فنية بسيطة.

بنظرة تأملية في الديكور الذي يرغب الطلاب في تصميمه، تم تقسيم الجدران بين أعضاء الفريق، وبدأ كل جزء رسم اللوحة المخصصة له بروح فنية صغيرة، وبتناغم الألوان، برز كل فريق رسمته الإبداعية في وقت قياسي، لتنتهي الرسومات، وينتج قسم الترميم عملا فنيا مختلفا.

كانت هذه المرة الأولى التي تنتج بها كلية الآثار جامعة القاهرة، عملا مختلفا يتحاكى به كل ركن بالجامعة، فلم يكن للكلية نشاط بارز في السنوات الماضية، ولكن كانت من أولويات الاتحاد الجديد للكلية، هو وضع الخطط الفنية والإبداعية المختلفة، التي تجعل للكلية صوتا مسموعا، بين كليات جامعة القاهرة.


«المانديلا والنجوم والوجوه اليونانية والنسور الفرعونية»، كانت هذه الرسومات الأساسية التي أراد الطلاب إبرازها على الجدران للتعبير عن كليتهم، فالنجوم ترمز لقسم الحضارة الإسلامية، والوجوه اليونانية ترمز لقسم اليوناني والروماني، والنسور الفرعونية ترمز لقسم الآثار والحضارة الإسلامية، أما المانديلا فهي ترمز لإبداعات قسم الترميم بالكلية.


ساعات طويلة يقضيها الطلاب في الرسم دون كلل أو ملل، فلمدة تتقارب من الـ10 ساعات، يقف الطلاب متمركزين حول معسكرهم المنصوب حول جدران الكلية، للرسم والإبداع، يتبادلون الخبرات الفنية، وبعض من اللحظات التي ستخلد في ذكراهم، ودفاترهم التي تحلق في سمائها اللحظات النادرة في رحاب جامعة القاهرة.


أراد الطلاب توسيع فكرتهم الإبداعية على مستوى الجامعة، وقرروا مشاركة الأكثر إبداعا منهم، في مشروع الرسم على جدران كليات أخرى على مستوى الجامعة، وسينفذ المشروع خلال فترة الإجازة الصيفية بجامعة القاهرة.


الطالبات والطلبة، كانوا يدا بيد، على مدار ما يقرب من ثلاثة أسابيع، يبدعون في إبراز لوحة فنية متناغمة، تجمع فيها كل ما يميز كليتهم، فهي كلية عادة ما تكون بعيد عن أنظار المارين لانعزال موقعها بين كليات الجامعة، ولكن اليوم أصبح لها صوتا مسموعا بيد المبدعين من طلابها.


أوشكت لوحاتهم على الانتهاء، وبدأ كل من يمر بجوار الكلية، يثير فضولهم معسكر قسم الترميم، لمعرفة ما يخبئه تلك المصاعد الخشبية المعلقة على كل ركن بالجدران، والألوان والمتناثرة كالفراش في أرض الكلية، وبعضهم يلتقط «السيلفي» مع الرسومات الموضوعة رغم عدم اكتمالها.

وعند الانتهاء، برزت اللوحة الآثرية أمام الجميع، الشعر يوناني الجنسية، والشمس ساطعة اللون، والنسر قوي النظرة، أصبحوا رموزا حقيقية، تميز طلاب كليات الآثار عن سائر كليات الجامعة، ليعرف كل من يمر في ركن جامعة القاهرة المنعزلة، أن طلاب كلية الآثار، قد مروا من هنا ووضعوا بصمتهم قبل الرحيل.
الجريدة الرسمية