رئيس التحرير
عصام كامل

رحلة معاناة صالح سليم مع المرض اللعين

 صالح سليم
صالح سليم

بدأت قصة صالح سليم مع المرض عام 1998 وكان صالح على موعد مع الطبيب الإنجليزى ليتسلم منه نتيجة الفحص الدورى الذى اعتاد أن يجريه كل ستة أشهر .

وعندما كان صالح فى طريقه إلى المستشفى ليستلم النتيجة وكانت معه حفيدته نورا هشام صالح سليم طلبت نورا من جدها أن تأكل الهامبورجر وأن تذهب إلى السينما ووعدها صالح بتحقيق ما كانت تريده وتحلم به بعد مقابلة طبيبة فى المستشفى وهناك لم يكن الطبيب ضاحكًا كما اعتاد أن يراه صالح كل ستة أشهر .

ولم يضيع الطبيب الإنجليزى وقتاً طلب من صالح الجلوس وأخبره أن نتيجة الفحص الأخيرة أثبتت أنه مريض بسرطان الكبد ولم يهتز صالح، ولم يخلف حتى وعده لحفيدته نورا بل أخذها إلى أحد المطاعم لتأكل الهامبرجر واصطحبها إلى إحدى دور السينما لتشاهد الفيلم التي كانت تود مشاهدته لم ير في نبأ إصابته بالسرطان مبرراً لأن يخلف وعداً حتى وإن كان وعدًا لحفيدته الصغيرة .

لم يعتقد أن إصابته بالسرطان تكفي لأن يجرح إحساس حفيدته ويحرمها من بهجة كانت تفتش عنها وتنتظرها وعاد صالح في آخر اليوم الطويل إلي بيته ولم يشأ أن يخبر زوجته بمرضه مفضلاً أن يخبرها في الصباح ليتركها تقضي ليلة هادئة بلا أرق أو دموع وفي الصباح التالي قال صالح لزوجته إنه مريض بالسرطان وكان يتمنى لو لم يخبرها حتى لا يزعجها أو يثير قلقها ومخاوفها كان يتمنى أيضاً لو لم يخبر أي أحد على الإطلاق ويبقى وحده في مواجهة مرضه بكل ما قد يأتي به هذا المرض من هموم وأوجاع وعذاب هذا هو صالح سليم الذي لا يعرفه كثيرون، إنه جبل من كبرياء صعب جداً أن ينكسر أو يستسلم مهما كانت فواتير ذلك من وحدة أو غربة أو حزن صامت ونبيل.

في اليوم التالي كان صالح في المستشفي مرة أخري ليناقش مع أطبائه أسلوب علاجه إن كان هناك علاج يومها قال الأطباء لصالح إن السرطان الذي ظهر مؤخراً في نصف الكبد لا يمكن استئصاله لأن النصف الآخر أصابه التليف نتيجة إصابة قديمة بفيروس سي قال الأطباء أيضاً إن سن صالح لم تعد تسمح بإجراء جراحة زراعة الكبد وقتها ضحك صالح وقال لأطبائه هل معنى حديثهم أنه لم يعد يملك إلا انتظار الموت فقال له الأطباء إنهم لم يقصدوا ذلك ولكنهم يريدون موافقته على أسلوب جديد للعلاج لا يزال حديثاً وفي إطار التجريب وهو العلاج الكيماوي الموضعي أي حقن المادة الكيماوية داخل الكبد نفسه وفي المنطقة المصابة بالسرطان وأن يتزامن ذلك مع علاج حراري أيضاً لقتل الخلايا السرطانية داخل الكبد .

ووافق صالح على العلاج الذي لا يزال في ضوء التجربة وافق وكتب تعهداً للأطباء بأنه المسئول الأول عن اختيار هذا العلاج لو أدي الي عواقب لم يتوقعها الأطباء وكان هذا العلاج يستدعي أن يذهب صالح لأطبائه كل ثلاثة أشهر ليقضي معهم يومين في المستشفي يحقنوه خلالهما بالعلاج الكيماوي الموضعي ويخضعونه لأشعة مقطعية لبحث ما إذا بدت خلايا سرطانية جديدة في الكبد أم لا .

ومضت الأعوام القليلة التالية وصالح ملتزم بنظام العلاج محفاظ عليه وإلى جانب الالتزام والحرص على مواعيد العلاج وانتظامها بقى صالح أيضاً مقتنعا أن كل ما جري ويجري له إنما هو أمر يخصه هو وحده ولا شأن لأحد بذلك وليس من الضروري أن يعرف الناس بذلك وحتى حين بدأ البعض يهاجم صالح وينتقد رئيس النادي الأهلي الذي يقضي معظم أوقاته في لندن حتى حين بدأ البعض يشيعون أن صالح إنما يذهب بهذه الكثرة إلى لندن لأنه يمارس التجارة هناك أو لأنه لا يطيق البقاء في القاهرة .

الجريدة الرسمية